يعدّ واحداً من أمهر الجراحين الذين أنجبتهم "سورية"، لكن هذا الأمر ليس بميزة جديدة إذا ما اقترن بما قدمه للناس من خدمات عظيمة ما زالت مستمرة حتى الآن على الرغم من غربته؛ فهو صاحب العيادتين المجانيتين، وحكيم الناس المتواضع، والمخلص لمهنته إلى أبعد الحدود.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 16 تشرين الأول 2018، مع الدكتور "ماهر المقت" المقيم في "الرياض"، ليتحدث عن دخوله عالم الطب الإنساني، فقال: «ولدت عام 1975 في أحد الأحياء الدمشقية القديمة، ودرست المراحل الأولى في مدراسها، حتى حصلت على الشهادة الثانوية الفرع العلمي عام 1993، وكانت الصدمة عندما نقصتني درجة واحدة فقط لدخولي كلية الطب البشري، حيث كانت كل أحلامي تنصب نحوه منذ زمن طويل. لكن الطموح لم يتوقف هنا، ولا كان اليأس يوماً من سمات شخصيتي، حيث التحقت بكلية طب الأسنان، وفي الوقت نفسه كنت أعيد دراسة الثانوية العامة».

مسلسل الإسعافات إلى المنازل يكاد لا ينتهي، وكنت سعيداً بتلبية اتصال أي مريض مهما كان وضعي، فالألم لا يحتمل، ويجب وضع حدّ له

ويتابع حديثه مع عالمه الجديد: «عام 1994 استطعت أن أحقق الحلم الذي أريده لأدخل عالم الإنسانية، الذي يكرس ما تربيت عليه، وما ورثته من أهل بيتي. تخرّجت في كلية الطب عام 2000، وبدأت عملي بكل عزيمة وإصرار على تحقيق رسالتي. بعد مدة من العمل غادرت "سورية" لأكمل اختصاصي في جامعات "لندن" و"نوتنغهام"، حيث دخلت اختصاص الجراحة العامة لعلمي ويقيني بأنه أكثر الاختصاصات حاجة للناس، وأكثر الاختصاصات التي رغبت في اكتساب كل ما يتعلق بها، فهو شامل لكل الجسم، وهكذا دخلت الاختصاص بكل عقل منفتح، وقلب عارم بالإيمان، وفي عام 2005 أنهيت اختصاصي في الجراحة، وعدت إلى الوطن، وبدأت عملي الفعلي في الهيئة العامة لمستشفى الشهيد "باسل الأسد" في مدينة "صلخد"، وكلفت رئيساً لقسم الإسعاف والعمليات الإسعافية، وهذا العمل مع الشغل في العيادات الخاصة استمر حتى سافرت خارج البلاد لتحسين وضعي المادي وزيادة معارفي وخبراتي».

في مغتربه بالرياض

الحديث عن أعمال الدكتور "المقت" الإنسانية يحتاج إلى بحث طويل، لكن الرجل الغارق حتى أذنيه بخدمة الناس، لا يحب أن تأتي سيرته فيما يقوم به، ويكتفي دائماً بالقول عندما تأتي سيرة أعماله، إنه يقوم بواجبه فقط.

يقول عن أعماله الدكتور "مرهف الحلال" ابن بلدة "عرمان": «على الرغم من غربته الطويلة وضغوط العمل وصخبه، لم توقفه إنسانيته عن تقديم الخدمات لأهالي بلدته. عرفته منذ سنوات طويلة، كان له عيادتان؛ واحدة في "عرمان"، والأخرى في "صلخد". كان يجيد التنقل بين العيادتين والمستشفى من دون تذمر أو كلل أو ملل. كان يتابع مسنّي القرية والمنطقة يومياً، ويعود إلى منزله في ساعات متأخرة من الليل، ومعروف أنه يقدم المساعدة من دون أن يقصده أحد».

ويقول "المقت": «مسلسل الإسعافات إلى المنازل يكاد لا ينتهي، وكنت سعيداً بتلبية اتصال أي مريض مهما كان وضعي، فالألم لا يحتمل، ويجب وضع حدّ له».

يحمل الدكتور "ماهر" شهادة "البورد السوري" اختصاص "جراحة عامة"، وقد أجرى حتى الآن ما يفوق 3500 عملية جراحية منذ إنهائه الاختصاص، وكلها تكللت بالنجاح. ومن المواقف الإنسانية الكثيرة التي تعرف عنه قيامه بالتبرع بدمه لشاب ينزف بعد حادث سير، قبل إجراء العمل الجراحي له.