يمثّل مدرّس الرياضيات "لطفي صادق" على مستوى عمله التعليمي والتربوي نموذجاً للمعلم الناجح والفاعل على ساحة المجتمع؛ من خلال طلابه وذويهم وحضوره الاجتماعي الذي استحق عليه التكريم.

من الشخصيات التعليمية والأسماء المعروفة بتقديرها لمهنة المعلم، وإخراجها من إطار الوظيفة، مؤكداً بالعمل فكرته أن التدريس ليس وظيفة تقترن بالأجر أو عملاً ينتهي بانتهاء ساعات الدوام. أفكار وقيم عبّر عنها في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 تشرين الأول 2018، للتعريف بمعلم قدم لطلابه المادة العلمية، والمثل الإنساني الجميل للمدرّس في مدرسته وبين طلابه، وقال: «الرياضيات كانت خياري الذاتي في رحلة الحياة، هذا المجال كان أحد أحلامي الذي تحقق، ففي البداية وبعد التسجيل في قسم "رياضيات، فيزياء، كيمياء" وبعد دوام شهر، علمت أن هذا القسم لا يوجد فيه اختصاص؛ لذلك قررت إعادة "البكالوريا"، ودخلت قسم "رياضيات، فيزياء" على الرغم من إرادة الراحل والدي الذي يريدني مهندساً، وكان لي ما أردت.

لا شك أن الزمن كفيل بمنح الخبرة وتقويتها بحب والاطلاع على المناهج وكافة الأفكار والمفاهيم، والاستفادة من الأخطاء سواء الذاتية أو أخطاء الآخرين، وعلى مدى خمسة عشر عاماً اعتدت إجراء استبانة للطلاب؛ حيث أطرح عليهم مجموعة من الأسئلة المكتوبة، وأطلب منهم الإجابة عنها في البيت بروية وصدق من دون ذكر الاسم، والإجابة بصراحة، ومن هذه الأسئلة مثلاً: ما الأبحاث أو الأفكار التي تجدها صعبة، أو غير مفهومة بالنسبة لك؟ وبعدها أقوم بإجراء تقاطعات للإجابات، وعليه أعلم أين كنت مقصراً، أو أن شرحي لم يكن وافياً لأتلافى ذلك، إضافة إلى أسئلة أخرى خاصة ومبسطة وعملية

عشقي للمادة والصور التي انطبعت بالذاكرة وأثرت بشخصيتي لبعض المدرّسين الذين درّسوني الدور الأكبر في اختيار المهنة، حيث أعدّهم قدوة لي، فقد أحببت عملي وعشقته، وهي موهبة يمكن تنميتها مدى الحياة، وأعدّها رسالة قبل أن تكون مهنة، وقولنا إن الجميع يخرجون من تحت عباءة المعلم ينصف هذا الشخص بقدر إخلاصه وشخصيته وروحه المعطاءة، وأثره في تكوين وتنمية شخصية طلابه، فهم امتداد طبيعي لتجربته الإنسانية والعلمية».

المدرس لطفي صادق مع طلابه

طريقته بالتعامل مع الطلاب تبدأ من تعزيز المحبة والثقة، وقال: «إن مسألة متابعة الطلاب داخل المدرسة وخارجها هي الواجب الطبيعي لأي مدرّس؛ لذلك أحبّ طلابي وأعدّهم أصدقائي؛ ألاطفهم وأمازحهم ونضحك معاً. ألقي قصصاً أو طرفة حسب الموقف، ونعود إلى الدرس مباشرة؛ هي طريقة عفوية تخرجنا من الجمود لنطلق أجمل ما لدينا ونتفرّغ للتعلّم.

أشجّع الجميع وأفتخر بهم، وأتواصل معهم بعد خروجهم من الثانوية، ويفرحني نجاحهم وتفوّقهم، وقد حضرت أعراس بعضهم، وقناعتي أن المحبة تولّد الثقة، والثقة تتعزّز لدينا عندما يقترن القول بالفعل، وهنا أوجه نصيحة إلى كل زملائي الذين يشقون طريقهم أن يحبّوا طلابهم كي يحبوهم، وبعد ذلك تأتي الشخصية والمعلومة؛ فالقدرة العلمية وحدها لا تكفي، والشخصية القوية تكمل الإحاطة بالمادة وتفاصيلها، وعدم التمييز بين الطلاب؛ وهذا مزلق يقع فيه الكثيرون، وبتجنبه نرى الجانب الأجمل من طلابنا على قاعدة العدالة وحسن الخلق».

مكرما من اهالي قرية حبران

العطلة تعني له فرصة لمساعدة الطلاب بوقت إضافي، وقال: «أعمل ضمن الوقت الممكن على ترميم ما ينقص الطلاب والضعفاء منهم عن طريق جعلهم يحبون الرياضيات، وبعدها تعزيز الثقة لديهم، لكن بذات الوقت أكون صريحاً جداً مع من ليس لديه الإمكانية والرغبة في تحسين وضعه. وأخيراً وبعد بداية العام أداوم يوم السبت وأيام العطلات وأعطي دروساً حسب الحاجة بالمنهاج أو مسائل عامة داعمة أو دورات سابقة ونماذج امتحانية، وأحياناً نعود إلى الصفوف الدنيا أيام السبت والعطل لكي نستغلها لاستكمال المناهج بكافة جوانبها، وفي الانقطاع أتواصل معهم، لأعطيهم الدروس وأجيب عن تساؤلاتهم، إضافة إلى مسائل وأفكار أطرحها على مواقع التواصل، لتصل إلى عدد أكبر من الطلاب، وفي كل سنة نحصل على نتائج متميزة. لا أكتفي بالثالث الثانوي، بل أدرّس منهاج العاشر والحادي عشر، وعليه نربط الأفكار لمرحلة كاملة».

من طلابه يستشف مواطن القوة والتميز بتقييم تعود تعميمه على طلابه، وأضاف: «لا شك أن الزمن كفيل بمنح الخبرة وتقويتها بحب والاطلاع على المناهج وكافة الأفكار والمفاهيم، والاستفادة من الأخطاء سواء الذاتية أو أخطاء الآخرين، وعلى مدى خمسة عشر عاماً اعتدت إجراء استبانة للطلاب؛ حيث أطرح عليهم مجموعة من الأسئلة المكتوبة، وأطلب منهم الإجابة عنها في البيت بروية وصدق من دون ذكر الاسم، والإجابة بصراحة، ومن هذه الأسئلة مثلاً: ما الأبحاث أو الأفكار التي تجدها صعبة، أو غير مفهومة بالنسبة لك؟ وبعدها أقوم بإجراء تقاطعات للإجابات، وعليه أعلم أين كنت مقصراً، أو أن شرحي لم يكن وافياً لأتلافى ذلك، إضافة إلى أسئلة أخرى خاصة ومبسطة وعملية».

المدرس المنذر سليمان

معرفة قريبة وعلاقة وطيدة يتحدث عنها "المنذر الشوفي" ماجستير جغرافية، ومدرّس رافقه عدة سنوات، وقال: «لكل امرئ من اسمه نصيب كما يقال، والصديق "لطفي صادق" حمل من اسمه أجمل المعاني، ومن كنيته الصدق والصداقة، الصدق في عمله مع طلابه وزملائه، فقد تعرّفته في ثانوية "عرمان" عام 2005، وعاشرته حتى عام 2015 في ذات المدرسة، كان مثالاً للمدرّس الناجح صاحب الضمير الحي الصادق المعطاء، كان الأسبق دائماً إلى صفه، لا يعرف الكلل، ويعطي بكل حب لم تثنه أيام الثلج عن الحضور إلى المدرسة، حيث كان يذهب بسيارته الخاصة، ولم ينقطع عن طلابه في العطلة الانتصافية، حتى يوم السبت كان عنده دوام رسمي. أحبه الصغير والكبير في "عرمان" وغيرها من القرى، لأن حدود علمه وعمله العطاء بلا مقابل، ولم يتوانَ عن تقديم العلم والمعرفة إلى كل من قصده أو لم يقصده، حيث كان مندفعاً لذلك.

فتح بيته لطلابه في أسوأ الأحوال من دون مقابل، ويرفض ذلك رفضاً قاطعاً. مجالسته ممتعة، فهو عازف ورياضي أيضاً».

ما يجدر ذكره، أن المدرّس "لطفي سليم صادق" من مواليد عام 1969، تخرّج عام 1996 في جامعة "دمشق"، مدرّس في مدرسة "بيان حديفة"، حيث تمّ تكريمه من قبل مديرية التربية والتوجيه الاختصاصي لمادة الرياضيات، ومن قبل نقابة المعلمين، ومنظمة الهلال الأحمر شعبة "حبران"، ومنظمة "جذور"، والأهم من قبل طلابه وذويهم.