تتمتع بقوة شخصية فريدة في الإدارة، واستطاعت على الرغم من صغر سنّها أن تكتسب احترام وتقدير الأسرة التربوية والأهالي لقدرتها على إدارة واحدة من أكبر مدارس المحافظة، وتحقق مع كادرها التدريسي والإداري نتائج مذهلة، فهي تعدّ الصف مكاناً مقدساً.

مدونة وطن "eSyria" التقت المدرّسة والإدارية "منار عامر" بتاريخ 10 أيلول 2018 وعن بداياتها قالت: «عشت طفولتي في "فنزويلا"، وعندما عدت إلى الوطن كانت لغتي العربية غائبة كلياً، لكنني مع الوقت وانخراطي في المدرسة الابتدائية في قرية "المتونة"، جعلت هذه اللغة من أحب المواد إلى قلبي. تابعت المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة "توفيق العطار" في "لاهثة"، وبعد نيلي الثانوية العامة، قررت خوض تجربة الجامعة في قسم التاريخ، وكنت شديدة الحرص على أن أكون متفاعلة مع هذا العالم الواسع بناسه وأماكنه وأزمانه الغابرة، وبكل ما فيه من زوايا وزواريب وساحات للتكهنات والحقيقة أو نصفها. وبعد نيل الإجازة الجامعية في العام 1998، أكملت الدبلوم التربوي، وبدأت حياتي العملية في ثانوية "زيد كرباج" في مدينة "شهبا"، وبعد ذلك خضت مغامرة التدريس والإدارة في إعدادية الشهيد "كمال مسعود"، وما زلت حتى اللحظة».

تتمتع "منار عامر" بشخصية قوية، جعلت من المدرسة طوال السنوات الماضية حالة من التميز والنجاح، وخلية نحل لا تهدأ، بمساعدة من الكادر الإداري والتدريسي المتميز، تتمتع بسمعة جيدة. معطاءة تسعى بوجه دائم إلى خير الطلاب، وتحاول تذليل العقبات أمام نجاحهم

وعما وجدته في تدريس التاريخ، وما أضافته خلال مسيرتها التعليمية، قالت: «أنا أعشق التاريخ، ورغبتي حققتها بحبّ وتفانٍ. ومن وجهة نظري، من المهم أن نبحث في التاريخ ونقلب روزنامته كي نعلم شيئاً من الحقيقة، لكن الأهم أن نتعلم منه، ونعلم طلابنا أن التاريخ هو ذاكرة الشعوب الحية التي يجب أن نقتنص منها الجميل، فلذلك أظنّ أن المناهج الحديثة تحتاج إلى مدرّس مبدع وفنان في التعامل مع الطالب والمادة العلمية».

مع مدير التربية في تكريم متفوقي مدرستها

تدير المربية "منار عامر" أكبر مدرسة إعدادية في المحافظة منذ 12 سنة، وقد حافظت هذه المدرسة على تفوقها، وكانت مقصداً للأهالي لكون الكادر التدريسي والإدارة قادرين على استيعاب الطلاب وتحسين إمكاناتهم العلمية، وتتابع الحديث عن هذه المهمة: «على الرغم من صعوبة المهمة، إلا أن الإدارة والوقت الطويل فيها تعلمك فن التعامل مع الآخر، والصبر والتفاني في بث الروح والحماسة داخل أسوارها، وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون كادر قادر على العطاء المستمر على الرغم من الظروف الصعبة. وكنا حريصين على جعل الصف حالة مقدسة. ليس هناك أجمل من العطاء، خاصة عندما تترك أثراً إيجابياً عند الطلاب، والأجمل عندما تلتقي طلابك ويخبرونك بأنهم اختاروا تعلم "التاريخ" اقتداء بك، أو عندما تصادف بعضهم وقد أصبحوا أطباء، ومهندسين، ومدرّسين ناجحين في الحياة. وأكثر المواقف صعوبة بالنسبة لي كان حفل تكريم أسر الشهداء الذين كانوا يوماً ما من طلاب مدرسة "كمال مسعود"».

انخرطت في الأعمال التطوعية بالكامل، يقيناً منها أن هذه الأعمال قادرة على زرع المحبة بين الناس، وتمتين العلاقات في المجتمع، وأضافت: «كان عملي في منظمة "الهلال الأحمر السوري" فرصة لتقديم المساعدة، وتحقيق رغبتي في التعلم الدائم من الحياة والناس، وكان لقريتي الحصة الأكبر في ذلك، حيث انخرطت مع عدد من أبنائها المحبين للعمل الخيري والتطوعي في مساعدة المرضى، وتحسين أوضاعهم، وكذلك الحالات الإنسانية الدقيقة، والعمل الأهم الدورات المجانية للطلاب، فهم المستقبل الذي ننتظره بشوق على الرغم من الحرب المدمرة، وما خلفته من مآسٍ. شيء رائع أن تشعر بالآخر، وأن أي شيء يجب تحويله إلى مكسب ومختبر للتعلم، فالحياة يجب أن تستمر، ولن تتوقف عند أحد، فكل يوم في هذه الحياة فيه جديد إذا استطعنا أن نضيفه إلى حياتنا الشخصية أو المهنية نكون قد حققنا ذاتنا».

طلاب مدرسة كمال مسعود المتفوقين

مدرّسة اللغة العربية القديرة "علا غانم"، من الكادر التدريسي في المدرسة، قالت عنها: «تتمتع "منار عامر" بشخصية قوية، جعلت من المدرسة طوال السنوات الماضية حالة من التميز والنجاح، وخلية نحل لا تهدأ، بمساعدة من الكادر الإداري والتدريسي المتميز، تتمتع بسمعة جيدة. معطاءة تسعى بوجه دائم إلى خير الطلاب، وتحاول تذليل العقبات أمام نجاحهم».

الطالب المتفوق "حسن يحيى الصحناوي" قال عن السنوات الثلاث التي قضاها في مدرسة الشهيد "كمال مسعود": «تضم المدرسة كل عام مئات الطلاب، فهي من أكبر مدارس المحافظة، ومع ذلك كانت الآنسة "منار" حازمة في إدارتها، حيث تميزت المدرسة بالانضباط الشديد. وكانت المديرة تهتم بكل صغيرة وكبيرة، وحريصة على تأمين أجواء جيدة للطلاب حتى يتميزوا في الدراسة. ويجب الذكر، أن عدداً كبيراً من الطلاب جاؤوا من القرى، والتحقوا فيها لعلمهم أنهم قادرون هنا على اجتياز المرحلة الأساسية بنجاح تام».

مع أعضاء نقطة الهلال الأحمر في قرية المتونة

تدين المربية "منار حمد عامر" بما وصلت إليه إلى والدها الراحل، الذي علمها أن تكون قوية دائماً، وقدوة في العطاء وكسب احترام الناس.

يذكر أن "منار عامر" من مؤسسي "الجمعية التاريخية" في المحافظة، ومدرّبة بدمج التقانة بالتعليم منذ عام 2011، ومدرّبة بالمناهج المطورة، وعضو مجلس إدارة نقطة الهلال الأحمر في قرية "المتونة"، وعضو في صندوق مشاريع التنمية.