على مدى سنوات من المحنة السورية التي أصابت الناس بالوجع والألم، قدم الطبيب "وائل سلوم" خدماته الطبية إلى أهله وأبناء مجتمعه المحتاجين للرعاية الصحية بكل إنسانية، وبلا منّة أو تأخير، منطلقاً من هدف مهنته الإنسانية البحتة، وتربيته المنزلية، فكسب الاحترام والتقدير، من دون أن يطلبه من أحد.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 آب 2018، الدكتور "وائل سلوم" ليتحدث عن بداياته مع الطب بالقول: «ولدت في مدينة "شهبا"، عام 1969، وأنا الأخ الأكبر لخمسة شباب وثلاث أخوات، والدي معلم متقاعد، ووالدتي ربة منزل طيبة، زرعا بداخلنا الحرص على محبة الناس والسمعة العطرة والإخلاص بالعمل، وأن يكون رزقنا دائماً رزقاً حلالاً، لأن الحرام يذهب هو وأهله. وإن سلاح المستقبل وأمله هو العلم. هكذا عشت طفولة كانت كلها تصب نحو العلم والمعرفة حتى نلت شهادة الثانوية من ثانوية "إبراهيم زين الدين"، وكان ترتيبي الثالث على محافظة "السويداء". دخلت كلية الطب البشري في جامعة "دمشق"، وتخرجت عام 1994، والتحقت بمستشفى "التل" العسكري، قسم الأطفال حتى عام 2000، حيث افتتحت عيادتي بمدينتي "شهبا" عام 2001، وأعدّ الطب واجباً إنسانياً وليس مهنة، وما زلت حتى اللحظة أعشق هذا العمل، وكلي إيمان بأن ما أقدمه هو خدمة لأهلي وناسي من دون منّة مني، وأعمل بصدق وإخلاص، وهدفي أن أعالج الوجع وأزرع الطمأنينة والثقة في نفوس الناس».

كان أول طبيب يتعاون معنا بعد افتتاح شعبة الهلال الأحمر في البلدة، فلم يتردد للحظة واحدة في عرض خدماته، والمساهمة لأكثر من مرة بمعاينة الأطفال المرضى، وتقديم كل ما يلزم لكي يكونوا أصحاء، فهو ينطلق من واجبه المهني الإنساني من دون أي اعتبارات أخرى

وعن سبب اختياره لطب الأطفال، قال: «التحقت بمستشفى "التل" العسكري بصفة (طبيب مدني)، بقصد الاختصاص، فعندما ترفع الألم والأذية والمرض عن طفل يبكي ويعاني ولا يعرف أن يوصل شكواه، فهذا إنجاز كبير. مهمتنا أيضاً أن نكتشف المرض الخطر من بدايته، لأنه يمكن أن ننقذ حياة طفل، وإن تأخر التشخيص تدهورت الحالة، وقلّت نسبة الشفاء، فمهمتنا تكمن في صنع المستحيل لإنقاذ الطفل، فالطفل وعالمه باتا من أساسيات حياة طبيب الأطفال، يعيش معهم، وخياله يسافر في أجسادهم لكشف المرض وجعلهم سعداء».

في عيادته

أما عن أكثر الحالات التي مرت بحياته المهنية صعوبة، فقال: «في مرحلة الدراسة بالمستشفيات، وخاصة في مستشفى "ابن سينا"، وفي قسم الحروق المركزي بمستشفى "التل" العسكري، كانت هناك لحظات لا تنسى، خاصة عندما تصطدم بحالات خاصة لا يمكن علاجها، أو أن الطب وقف عاجزاً أمامها، فمهما تقدم الطب -يا للأسف- هناك كثير من الحالات الإنسانية، وبالطب النفسي، ومعالجة الحروق الكبيرة، لم يصل الطب إلى علاجها بعد، وتشعر كطبيب بأنك استنفدت كل الوسائل المتاحة، وما زال المريض بحاجة إلى الكثير، هذا في حال كان هناك أمل بالتحسن. ومع مرضى السرطان والحالات المستعصية منه، تنشأ علاقة إنسانية قوية بينك وبين المريض وأهله، وبلحظة واحدة تفقده، وهذا ما يؤثر في الروح، ويدمي قلب الطبيب مهما كان محترفاً لعمله، فهو في النهاية بشر».

خلال الحرب المدمرة التي عصفت بالوطن الكبير، والتي ضربت كل السوريين بأساليب متعددة، لم يقف الطبيب "وائل سلوم" متفرجاً، وكان عوناً للفقراء والمتألمين لتجاوز المحنة بأي طريقة، حتى لو كان على حساب وقته وصحته وبيته، وأضاف: «كنت وما زلت أعدّ الطب واجباً إنسانياً، ولن أعزّ نفسي أو خبرتي أو مساعدتي عن أحد، أو أربط هذا الواجب بالأجر المادي، ومنذ بداية عملي وضعت نفسي في خدمة من حولي سواء كانوا جهة رسمية أو شعبية، أو حتى جهة خاصة. وخلال الأزمة أفتخر بأنني خدمت كل من طلب الخدمة الطبية من دون تفكير بالأجر. وخلال أكثر من 5 سنوات وإلى الآن، أحاول أن أجعل من عملي خدمة إنسانية لأهل بلدي وضميري، وأشعر بأن ما أقوم به عمل صغير، ويجب أن يكون أكبر من ذلك بكثير».

وتحدثت ربة المنزل "سناء صالحة" عما وجدته في الأعمال التي يقدمها الدكتور "وائل" بالقول: «أهم ما يميز شخصيته حالة الهدوء والطمأنينة التي يبثها بلحظات في نفس الطفل المريض وأهله، وهي سمة مميزة ناتجة عن خبرة طويلة ودراية بأن التأهيل النفسي للمريض هو بداية الشفاء. لا يهتم بالكسب المادي، وكان آخر ما يفكر به، وقد لاحظت ذلك من خلال معرفته المسبقة بأحوال الناس، وعلى هذا الأساس يعمل، فالفقراء والمحتاجون من أولوياته الدائمة. وقد ساهم بالكثير من الأعمال مع المنظمات والجمعيات في معالجة الأطفال من دون كلل، على حساب بيته وعيادته انطلاقاً من واجبه الطبي».

المربية "منار عامر" أمينة سرّ "الهلال الأحمر" في بلدة "لاهثة"، تحدثت عن التعاون مع الدكتور "وائل سلوم" بالقول: «كان أول طبيب يتعاون معنا بعد افتتاح شعبة الهلال الأحمر في البلدة، فلم يتردد للحظة واحدة في عرض خدماته، والمساهمة لأكثر من مرة بمعاينة الأطفال المرضى، وتقديم كل ما يلزم لكي يكونوا أصحاء، فهو ينطلق من واجبه المهني الإنساني من دون أي اعتبارات أخرى».