تثق المربية "ميساء الشيباني" بقدراتها على تحقيق الطموحات التي رسمتها باكراً لحياتها في الدراسة والحياة العملية كأم ومدرّسة للاختصاص الذي دخلته عن رغبة، وكذلك لمدرستها الثانوية التي تسلّمت إدارتها، وحققت مع كادرها النجاح واحترام الأهالي وحب الطلاب.

مع هذه الرحلة الطويلة التي تعدّها قاعدة للمزيد من العمل، تأخذنا "ميساء الشيباني" في حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 نيسان 2018، في رحلة مختصرة لتلك المراحل التي اتسمت بالتميز، وتقول: «درست المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس قريتي "سهوة الخضر"، وكنت الأولى على صفي في كافة مراحل الدراسة، وهناك عبارة كانت تتكرر كل سنة على جلائي، وكنت أشعر بالسعادة كلما قرأتها، وهي: (متميزة، مبدعة، لها مستقبل رائع).

أعدّها من أقدم الإداريين في المدرسة، وكل المديرين الذين مروا عليها تركوا بصمات خاصة، لكن وجود المربية "ميساء الشيباني" أضفى الكثير من المحبة والتألق لها، والنتائج خير دليل على ذلك. لقد خسرها الصف والطلاب، لكن من ناحية أخرى ربحناها جميعاً؛ لكونها تحارب في كل لحظة كي تكون المدرسة والكادر الإداري والتدريسي بوضع ممتاز كي يبرع الطلاب في علمهم. هناك أشياء لا يلمسها إلا من يعيش فيها، ففي الأيام التي تغيب فيها عن المدرسة تجد الكوادر على أعلى مستوى من الالتزام لكي يرسلوا إليها رسائل الشكر والامتنان على عملها، وكأنها على رأس عملها. تتعامل مع الطلاب بهدوء وتعطي الجميع الاهتمام اللازم والوقت الكافي مهما كانت المسؤوليات، ففي النهاية كل العمل من أجل هؤلاء، ومساعدتهم على تأمين متطلباتهم وتحقيق أمنياتهم. وهي أم ناجحة بكل المقاييس، وتطبّق أمومتها على طلابها

حصلت على ريادة القطر في الخطابة والفصاحة ثلاث سنوات متتالية، وكنت أشعر بأن الطموح الذي يعتريني في تلك المرحلة من الطفولة لا حدود له، وكلما كبرت قليلاً أشعر بأنني ألاحقه بجوارحي.

إحدى فعاليات التكريم في المدرسة

درست الثانوية العامة في بلدة "الكفر"، وكانت المفارقات أن أحصل على الشهادة بفرعيها العلمي والأدبي، وكنت الثانية على مستوى المحافظة في الفرع الأدبي بعد دراستها (حرة). وكانت رغبتي الأولى دخول كلية اللغة العربية مع أنني أعشق اللغة الإنكليزية، لكن اختيار العربي حتى أتمكن من الدراسة في المنزل، وأخفف عن أهلي المصاريف.

وعلى الرغم من قلة الدوام، والظروف الصعبة، والواقع الذي يقف عقبة بطريق الطموح، وعدم المتابعة الكاملة للمحاضرات والحياة الجامعية التي تكسب الطالب خبرة كبيرة، إلا أنني كنت متميزة، ومن الأوائل في الكلية.

العملية التعليمية المتميزة

كنت الفتاة الثالثة في القرية التي تصل إلى الجامعة، وكان الفضل بذلك لوالدي، وكل همه في الحياة أن نتعلم مهما كان الثمن، لقد زرع فينا الرغبة في النجاح والطموح، وقدم لنا عمره ثمناً لتحقيق ذلك».

وتتابع حديثها عن مرحلة الانطلاق الفعلي لحياتها العملية: «شغفي في تطوير ذاتي لا يتوقف، وكان معدلي الجامعي العالي يؤهلني للمتابعة إلى الأمام، لكن الظروف كانت أقوى مني هذه المرة، فالزواج والاهتمام بالأولاد حدّ من كل ذلك. وبعد سنوات قليلة من التخرج، درست الدبلوم بإيفاد داخلي، وبقي هدفي الأسمى أسرتي للوصول بها إلى المكان الذي كنت أتخيله، وقد وصلت بعد جهد وتعب واهتمام لا حد له.

المدرسة التي تديرها

بعد سنوات ناجحة كمدرسّة في عدد من القرى، تسلمت إدارة المدرسة الثانوية في قرية "أم الزيتون" بعد إصرار من أهالي القرية، مع أنني لم أكن أرغب في هذه المسؤولية حتى لا أترك التعليم، ولا يشغلني شيء عن البيت، لكنني أطمح منذ اليوم الأول لتسلمي الإدارة أن تكون الثانوية متميزة على مستوى المحافظة، وذلك بفضل التعاون من الكادر الإداري والتدريسي، وأهالي القرية المشتركين معنا في كل كبيرة وصغيرة لتحقيق الأهداف التي تجعل من العلم منارة وهدى للجميع. وفي الوقت نفسه أشرف على طلاب "كلية التربية" الثانية، قسم "معلم صف" في مادة التربية العملية».

وعن عملها في الإدارة والنتائج التي تحققت: «النجاح لا يأتي من فراغ، فالكادر الإداري في الثانوية كان له الدور الأكبر في عملية التميز التي اتسمت بها المدرسة، حيث كان المشرفون يقومون بملء حصص الفراغ بدافع ذاتي في حال غياب اضطراري لأي مدرّس، وكل حسب اختصاصه على الرغم أعمالهم الكثيرة. كنت أقف عاجزة عن شكرهم.

مصلحة الطلاب فوق أي شيء، وأهم من كل شيء، فوجع الطالب يجب أن يعالج، أحاول أن أكون مرشدة نفسية وصديقة لكل الطلاب، وكل المشكلات يجب أن تحل بأرقى الطرائق. وأي مدرّس يغيب أو يتأخر لظرف ما أقوم بسد الفراغ على قدر استطاعتي، أعمل كل شيء يتطلبه مني العمل حتى لو كان ذلك ليس من اختصاصي في حال كان هذ الأمر بحاجة إلى السرعة، والأهم التعاون الموجود في المكان والألفة والمحبة وعدم الاتكال الذي ميّز المدرسة وكادرها، فالجميع يعملون مثل خلية النحل، ويظهر التفاني والتسابق لتقديم الأفضل في سبيل المصلحة العامة، ولم يأتِ أحد لزيارة المدرسة إلا وشعر بالجوّ المميز، حتى الكادر الخدمي كان يقوم بأشياء تلقائية بعيداً عن أي همّ آخر، وكأن المكان هو البيت الأول، من النظافة إلى الباحات، إلى الحديقة، فورق الزرع يجب أن يمسح من الغبار كل يوم على سبيل المثال.

كل هذا انعكس على النتائج التي جاءت كما نشتهي، حيث كانت في السنة الماضية نسبة النجاح في الثانوية العامة 100%، وفي الإعدادية 98%، ونطمح إلى المزيد».

المرشدة النفسية في الثانوية، والمربية "زها حرب"، قالت عن علاقتها ومعرفتها بالمربية "الشيباني": «أعدّها من أقدم الإداريين في المدرسة، وكل المديرين الذين مروا عليها تركوا بصمات خاصة، لكن وجود المربية "ميساء الشيباني" أضفى الكثير من المحبة والتألق لها، والنتائج خير دليل على ذلك. لقد خسرها الصف والطلاب، لكن من ناحية أخرى ربحناها جميعاً؛ لكونها تحارب في كل لحظة كي تكون المدرسة والكادر الإداري والتدريسي بوضع ممتاز كي يبرع الطلاب في علمهم. هناك أشياء لا يلمسها إلا من يعيش فيها، ففي الأيام التي تغيب فيها عن المدرسة تجد الكوادر على أعلى مستوى من الالتزام لكي يرسلوا إليها رسائل الشكر والامتنان على عملها، وكأنها على رأس عملها. تتعامل مع الطلاب بهدوء وتعطي الجميع الاهتمام اللازم والوقت الكافي مهما كانت المسؤوليات، ففي النهاية كل العمل من أجل هؤلاء، ومساعدتهم على تأمين متطلباتهم وتحقيق أمنياتهم. وهي أم ناجحة بكل المقاييس، وتطبّق أمومتها على طلابها».

يذكر أن المربية "ميساء الشيباني" من مواليد قرية "سهوة الخضر" عام 1973.