ظهرت موهبتها في العمل اليدوي بعمر مبكر؛ الأمر الذي أثار فضول شقيقها الأكبر ودفعه إلى العمل على تنمية موهبتها بتسجيلها في مكتب "عنبر" للفنون النسوية في "دمشق".

"كاملة الصفدي" من مواليد عام 1944، ومن رواد العمل اليدوي بشهادة من دخلوا منزلها للتعلم، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 تشرين الثاني 2017، عن تفاصيل حياتها بالقول: «أعشق العمل اليدوي منذ الصغر، عشت طفولتي في "دمشق"، كنا صغاراً نقضي الليل ساهرين على ضوء الشمعة بجانب المدفأة، كانت الشمعة من تأثير حرارة المدفأة لا تبقى مستقيمة، وتصبح طرية، فكنت أصنع تمثالاً منها، وذات مرة دخل أخي الكبير، وشاهد تمثالاً من الشمع، فسألني متى اشتريته، وعندما علم أنه من صنعي أدرك موهبتي، وسعى إلى تسجيلي في مدرسة الفنون النسوية».

بالتأكيد، هذا العمل شغف وعشق بالنسبة لي، لكن التقدم بالعمر أفقدني جزءاً من قوتي العضلية، وخاصة في العمل بتفريغ الخشب؛ فهو يحتاج إلى جهد كبير

وتابعت بالقول: «بعد الثانوية عملت معلمة في المدارس، وجدت أن عدد طالبات الشعبة الواحدة الذي يراوح بين 25 و30 طالبة لا يكفي لإيصال الأفكار إلى الجميع، فأنا أملك زخماً من المعلومات، وأسعى ليستفيد منها الجميع. انتقلت إلى الاتحاد النسائي، وكنت من المؤسسين فيه، ورقمي 45، حيث بدأت إعطاء الدورات والتدريب، وبعدها انتسبت إلى اتحاد الحرفيين، وكنت أيضاً من المؤسسين، ورقمي 21، وكان توجهي نحو الحرفيين لأنني أتقن العمل بحرفة الخشب، ومنجرتي كانت في حقيبة يدي، لكن كسيدة لم يتم قبولي كحرفية في النجارة، فسجلت في حرفة الخياطة التي أتقنها، ومخصصاتي التي كنت أحصل عليها كانت عبارة عن خشب أستخدمه في تفريغ الخشب بالحرق».

السيدة "كاملة الصفدي"

جعلت منزلها مكاناً لإقامة الدورات وتدريب الفتيات مجاناً، وعنه أضافت: «500 امرأة وشابة دخلن منزلي لتعلم العمل اليدوي، وقد ساعدتهن بتسويق المنتجات في "دمشق" لأعوام عديدة، فقد كان لدي هاجس المساعدة في تأمين مصدر الرزق لهن. عملت في جميع أنواع العمل اليدوي من خياطة الزي الشعبي لمحافظة "السويداء" للرجال والنساء، فقد قمت بخياطة 11 بدلة للمركز الثقافي، ولاتحاد الشبيبة 8 بدلات كاملة مع الطربوش، إضافة إلى العمل بالصنارة والتطريز والشك، والعمل بعجينة السكر وعجينة الملح والخشب، وإعادة تدوير الأقمشة المستعملة والتالفة، والتجديد في صناعة القش، حيث أدخلنا خيط الصوف في حال عدم توفر القش.

كل من دخل منزلي استفاد من خبرتي في جميع المجالات، حتى ابنتي قمت بخياطة فستان خطبتها وزفافها، ففي كثير من الأحيان كنت لا أجد وقتاً للنوم بين مسؤوليات عائلتي وأبنائي الذين حملوا أعلى الشهادات العلمية في الطب والهندسة».

فستان زفاف ابنتها من خياطتها وتصميمها

عملت في شك الطربوش وتميزت به، وعنه قالت: «عشت طفولتي في "دمشق"، وعندما عدنا إلى "السويداء" استحوذ على اهتمامي الطربوش الذي ترتديه النساء في المناسبات، فقمت بصنع واحد لي، وكل شخص شاهده قال لي إن "الغرزة" التي صنع بها مميزة، وكان يطلب مني قطعة مماثلة، حتى أصبحت أعمل مع "الصاغة"، وهؤلاء الأشخاص تطلب منهم هذه القطعة بكثرة».

وعن عملها في الاتحاد النسائي، تابعت: «لم يقتصر عملي في الاتحاد النسائي على إقامة الدورات وتعليم الفتيات، فقد كنت أمينة سر رابطة المدينة ومسؤولة عن مكتب التأهيل المهني، ومن خلال عملي في الاتحاد استقطبت عدداً كبيراً من الشابات الراغبات بالعمل اليدوي، فأنا أحب تقديم الفائدة لبنات بلدي؛ وهذا ما حققته طوال مدة عملي التي تجاوزت الخمسين عاماً».

الطربوش الذي ترتديه سيدات الجبل

معارض كثيرة ومشاركات عديدة كان لها حضورها فيها، عنها أضافت: «دائماً لدي مشاركات في المهرجانات والفعاليات، معارض عديدة شاركت فيها، منها ستة معارض فردية في "السويداء"، والسابع أقمته في "دبي"، والثامن سيكون في "الولايات المتحدة الأميركية" في مضافة الجالية السورية. كما شاركت في فعاليات معرض "دمشق" الدولي في دورة سابقة، وبيعت كافة القطع المعروضة بالكامل».

ولدى سؤالها فيما إذا كانت مستمرة بالعمل حتى اليوم، أجابت: «بالتأكيد، هذا العمل شغف وعشق بالنسبة لي، لكن التقدم بالعمر أفقدني جزءاً من قوتي العضلية، وخاصة في العمل بتفريغ الخشب؛ فهو يحتاج إلى جهد كبير».

"فوزية صبح" ربة منزل، تحدثت عن معرفتها بالحرفية "كاملة الصفدي"، فقالت: «تربطنا صداقة قوية منذ الصغر، وهي تمتلك إصراراً على متابعة وإنجاز العمل، ربما لا تمتلك العديد من السيدات القوى والمهارة التي تمتلكها، لكنها سعت طوال حياتها إلى تعليم هذا الفن مجاناً، فهي تحب أن تساهم في انتشار هذا العمل، وتحب أن تتقنه أي سيدة تعرف قيمته، ويدها بيضاء في هذا المجال.

تابعت كافة معارضها، فكانت تتحفنا في كل معرض بالجديد والمميز، وأبدعت في شك الطربوش، وارتدت معظم نساء الجبل طرابيش من صنع يديها».