يعدّ الدكتور "غسان مقلد" الصيدلة والموسيقا والشعر شيئاً من كيانه الوجداني، ويسعى إلى تنفيذ وصية والده بتقديم المساعدات الإنسانية للمرضى، ولم يكتفِ بالوصية، بل بادر من نفسه إلى تقديم الأدوية المجانية للمحتاجين من دون أن يعلموا مصدرها.

للحديث عن سيرته وبيئته الاجتماعية والعلمية، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 آب 2017، التقت الدكتور "غسان مقلد"، الذي بيّن قائلاً: «أنا أنتمي جغرافياً إلى قرية "رامي" التي تبعد عن مدينة "السويداء" ما يقارب 30 كيلو متراً، وولادتي كانت في الثالث من تموز 1965، ضمن أسرة تسعى إلى الارتقاء نحو فضاء العلم والمعرفة، والدي الراحل "محسن مقلد" الذي يعد أول المغتربين في قريتنا، حيث استطاع أن يخلق فرص عمل للعديد من أبناء القرية في دولة "الكويت" للعمل بالمقاولات. أحببت الموسيقا، وكان حلمي أن أكون موسيقاراً، وحين كبرت درست في المدارس الإلزامية والثانوية وانطلقت نحو الجامعة، كانت رغبة الوالد أن أدرس في "يوغسلافيا"، فدرست الصيدلة، وتخرجت في الجامعة عام 1994، وحين عدت من السفر لأمارس المهنة، طلب مني ومن إخوتي أيضاً تقدير إنتاجنا السنوي من الأرباح في الطب والصيدلية، حيث قدر كل منا أرباحه في نهاية التسعينات من القرن الماضي، كان العائد الربحي المحقق نحو 500 ألف ليرة سورية، فقال لنا: (أنا أقدم لكل منكم مليون ليرة سنوياً مع منزل وسيارة، لكن شرطي الوحيد أن تعالجوا وتقدموا العلاج للناس مجاناً، لأن الفقر والحاجة هي السمة الغالبة في مجتمعنا، ولأنهم يمتازون بالكبرياء والفخر، فهم يؤثرون الدين والضغط على أنفسهم مقابل عدم الشعور بالامتنان من أحد)، وبالفعل كان له ما أراد، وكان ذلك عهداً علينا أن يتم تنفيذ وصيته، وفي أشد الظروف وأصعبها».

كانت طموحاتي تتجسد في الارتقاء ضمن عالم الموسيقا، وأحببت التأليف الموسيقي والدراسة الفنية، يقيناً مني بأن العمل في الموسيقا هو الأقرب إلى العمل الإنساني الروحي من الصيدلة، إضافة إلى الشعر. وفي "يوغسلافيا" قمت بتأليف مجموعة من الألحان الشعبية وبكلمات يوغسلافية، وعشقت مهنة الصيدلة لأنها تشبهني في المضمون والعلاقة والثقافة والتطبيق والإنسانية، ومنذ أن بدأت العمل في علم الأدوية وأنا عاشق لها، وعلى الرغم من شغفي بالفن والأدب، إلا أن علاقتي بالمهنة علاقة عشق، وهي شيء من داخلي ووجداني، يقيناً بأنني أنفذ وصية والدي بتكريس الموسيقا الإنسانية في العمل الاجتماعي الأخلاقي للصيدلة، ولهذا كان لا بد لي أن أقدم ما يحتاج إليه المرضى من أدوية وخاصة مرضى السرطان، لأنني على اطلاع بالآلام المحدقة بهم

وتابع عن مواهبه التي أرادها أن تكون طريقه بالقول: «كانت طموحاتي تتجسد في الارتقاء ضمن عالم الموسيقا، وأحببت التأليف الموسيقي والدراسة الفنية، يقيناً مني بأن العمل في الموسيقا هو الأقرب إلى العمل الإنساني الروحي من الصيدلة، إضافة إلى الشعر. وفي "يوغسلافيا" قمت بتأليف مجموعة من الألحان الشعبية وبكلمات يوغسلافية، وعشقت مهنة الصيدلة لأنها تشبهني في المضمون والعلاقة والثقافة والتطبيق والإنسانية، ومنذ أن بدأت العمل في علم الأدوية وأنا عاشق لها، وعلى الرغم من شغفي بالفن والأدب، إلا أن علاقتي بالمهنة علاقة عشق، وهي شيء من داخلي ووجداني، يقيناً بأنني أنفذ وصية والدي بتكريس الموسيقا الإنسانية في العمل الاجتماعي الأخلاقي للصيدلة، ولهذا كان لا بد لي أن أقدم ما يحتاج إليه المرضى من أدوية وخاصة مرضى السرطان، لأنني على اطلاع بالآلام المحدقة بهم».

باسل معمر

وعن علاقته المجتمعية ومساعدته ومبادراته الإنسانية، بيّن "باسل معمر" أحد الأشخاص القريبين من الدكتور "مقلد" بالقول: «منذ أن امتهن الدكتور "غسان مقلد" الصيدلة، وهو يعمل على تجسيد قيم إنسانية، وحين تتساءل عن ذلك، يخبرك أنه ينفذ وصية والده ويفرغ ما يختلج في صدره من طاقة إيجابية وحب المبادرة بمساعدة الناس والمحتاجين من المرضى، إذ قلما يطلب إنسان منه حاجة ولا يلبيها؛ إن كان يحمل مالاً أو لا، والأهم كثيراً ما يقدم الدواء المجاني للمرضى وخاصة مرضى السرطان على الرغم من ارتفاع تكاليف الدواء، ولديه قيمة مضافة في وجدانه وإحساسه أنه موسيقي يعزف على آلة البيانو، ويؤلف مقاطع وألحاناً موسيقية غربية للبلد التي درس فيها، حيث ألّف مجموعة من الأغاني الشعبية تنم عن عمقه وتأثره بتراث تلك البلاد، وهو يقرض الشعر، ولديه اهتمامات أدبية كثيرة.

نهل من والده ما أراد من ثقافة العمل الإنساني والاجتماعي، وجسّد ما يرغب في مهنته التي أحب، ويعمل على ربط العلاقة بين ما يعشق في الحياة من فن وأدب، وبين الصيدلة التي تشبهه على حدّ تعبيره الدائم».

د. غسان محسن مقلد
الدكتور غسان مقلد