عمل "كرم العلي" في أرضه قبل أن ينهل من معين العلم والمعرفة، وارتبط بعلاقة وثيقة مع طلابه، حتى إنه وثّق أسماء من جلس معهم في صف واحد قبل ثلاثين عاماً، وتابع العمل التطوعي في مساعدة مرضى السرطان ليكمل مهمته الإنسانية.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 تشرين الأول 2016، التقت أحد طلاب "كرم العلي" المربي "سمير العربيد"، الذي بيّن علاقته معه ماضياً وحاضراً، بالقول: «عرفت المدرس "كرم" قبل ثلاثة عقود، وهو معلمي في المدرسة المهنية الصناعية في "السويداء"؛ إذ كان يقدّم مواد علمية مهمة وأساسية في المنهاج، حيث ارتبط اسمه وعطاؤه بذاكرتنا؛ فقد تميز بأنه استطاع تكوين علاقة حميمة مع الطلاب، وبأسلوب تعليمي استمر في حياتنا لأكثر من ثلاثين عاماً، وشخصيته تنطوي على حالة إنسانية صامتة، ولم أتفاجأ عندما قابلته مبادراً مع رئيس جمعية "أصدقاء مرضى السرطان" ومساهماً في الأعمال الإنسانية والخيرية، لا بل حين رأيته بعد ثلاثة عقود أعاد في نفسي الذاكرة إلى عطائه الإنساني بالتعليم كما هو اليوم يسعى لمساعدة مرضى السرطان. إذاً، هو المعلم والفلاح والمربي والإنسان الساعي إلى ترك بصمة في التعليم والمجتمع، ولعله حقق ما أراد بعد أن تقاعد من عمله التعليمي ولم يتقاعد من عمله الإنساني المستمر معه لينثر عبيره على أفراد مجتمعه».

المربي الفاضل "كرم العلي" له مكانة في قلوبنا منذ عرفناه قبل ثلاثة عقود، وما زالت إلى يومنا هذا، وله مساهمات اجتماعية وإنسانية من خلال عمله في مساعدة مرضى السرطان، إضافة إلى مساهماته التربوية في مساعدة الطلاب، وعمله بقطاع الزراعة والإنتاج؛ فهو منتج وليس مستهلكاً لأشياء كثيرة في الحياة؛ إذ من خلال الإنتاج يستطيع أن يحقق ما لديه لاكتمال شخصيته، خاصة أنه يملك التقانة التي تميز بها في علمه ومعرفته ونهجه بالحياة والإنتاج الوفير والدائم علماً ومجتمعاً وإنسانياً؛ لذا دخل الذاكرة معلماً ومربياً ومنتجاً

وعن مسيرته الشخصية مع الحياة، أوضح المربي المتقاعد "كرم حمد العلي" بالقول: «في قرية "الثعلة" التي لا تبعد كثيراً عن مدينة "السويداء" كانت ولادتي عام 1955 بين أفراد أسرة فلاحية عاشقة للعمل والإنتاج لكسب العيش الكريم، حيث تلقيت العلوم الابتدائية في قريتي والإعدادية، والثانوية بـ"السويداء"، والمعهد الصناعي في "دمشق"، لأتخرّج فيه عام 1978، وأبدأ مرحلة التعليم في الثانوية الصناعية بـ"السويداء". كان للتعليم دور كبير في صقل الشخصية ثقافياً وتربوياً، وكنت أقيم علاقات مع الطلاب وأستفيد من الملاحظات التي أسمعها منهم في حوار دائم فيما بيننا، وهذه العلاقة الاجتماعية والعلمية كان جلّها إنسانياً بيني وبين الطلاب، لينعكس ذلك على زملائي المدرّسين، ولتلك العلاقة مكانة في القلب والذاكرة، ولهذا حاولت منذ السنة الأولى للتدريس، العمل على تدوين وتوثيق الطلاب ليس في الذاكرة فحسب، بل من خلال دفتر التحضير، حيث أحتفظ إلى الآن بثلاثين دفتراً يعود كل منها إلى عام تدريسي، ودونت فيه الدروس وأسماء الطلاب وميزة كل طالب، وقد ولد ذلك لدي شيئاً ذاتياً ربما نهلت منه الكثير من المبادرات الإنسانية والاجتماعية، ومنها كان الاستدلال إلى طريق جديد نحو مستقبل أحببته وعملت على تجسيده».

الأستاذ سمير العربيد

يتابع: «حول توثيقي للطلاب قبل ثلاثة عقود أردت ذلك العمل رغبة مني باستمرار العلاقة بيني وبينهم، والسنوات التي درستها بغية تحقيق أمرين؛ الأول استذكار لحظات التدريس والتعليم، وماهية العلاقة التي كوّنتها معهم، والثاني حينما تقاعدت وجدت البناء الذاتي والنتيجة لهذا التكوين بالفكرة، بمعنى أنه على الإنسان أن يكون منتجاً لا مستهلكاً؛ فالاستهلاك هو حالة ثبات، والإنتاج حالة الحركة، والحركة هي الحياة والتجدد، ولكن يقيناً مني بأن الوحدة في التنوع، وأن الإنتاج هو ثقافة ذات مرونة؛ قمت بتدوين تلك اللوحة الجامعة. والأمر المهم اندهاش الطلاب بعد ثلاثة عقود بأسمائهم وإعادة الشعور بين اللحظات الزمنية القديمة الحديثة».

وعن المبادرات وعمله في أول مبادرة وانعكاسها على شخصيته، أوضح: «ما قمت به من تدوين وتوثيق لطلابي خلال ثلاثين عاماً والعلاقة القائمة فيما بيننا، ولّد لدي ثورة ذاتية تجسدت برؤية طلابي في مراتب علمية عليا أو مناصب إدارية وقيادية، هذا الشعور الجامح ولّد لدي عاملاً آخر في خلق مبادرات إنسانية واجتماعية وتفاعل أكثر مع أفراد المجتمع، فأول ما بدأت العمل، كان الشأن الاجتماعي الخيري الإنساني، فوجدت ضالتي ضمن نشاط جمعية "أصدقاء مرضى السرطان"، حيث انعكس نشاطها ونتائج عملها على تطوير مفهوم العمل التطوعي وجماله، وثانياً مفهوم بناء الشخصية الجديدة لدي، والقائمة على الشخصية الإنسانية برسم ابتسامة على وجه مريض محتاج أو صاحب حاجة، لذا خضت تجربة الانتخاب مع الهيئة العامة لجمعية السرطان بشعار هو: (فاعل خير، خيرٌ من فعله، وفاعل شرّ أشدّ شرّاً من فعله).

الأستاذ كرم العلي

وهذا كان برنامج العمل والتصويت، وحصلت على ثقة الحضور، ودخلت معترك العمل الإنساني في مساعدة مرضى السرطان».

ومن قريته "الثعلة" أوضح المربي "بسام السوس" أحد طلابه بالقول: «المربي الفاضل "كرم العلي" له مكانة في قلوبنا منذ عرفناه قبل ثلاثة عقود، وما زالت إلى يومنا هذا، وله مساهمات اجتماعية وإنسانية من خلال عمله في مساعدة مرضى السرطان، إضافة إلى مساهماته التربوية في مساعدة الطلاب، وعمله بقطاع الزراعة والإنتاج؛ فهو منتج وليس مستهلكاً لأشياء كثيرة في الحياة؛ إذ من خلال الإنتاج يستطيع أن يحقق ما لديه لاكتمال شخصيته، خاصة أنه يملك التقانة التي تميز بها في علمه ومعرفته ونهجه بالحياة والإنتاج الوفير والدائم علماً ومجتمعاً وإنسانياً؛ لذا دخل الذاكرة معلماً ومربياً ومنتجاً».

اللوحة التوثيقية