استطاعت الدكتورة "ديما جباعي" الفصل بين الطب والأدب باختيار متنفس لها عن طريق الإعلام، لتعبر عن مكنوناتها الداخلية، بعد أن قدمت ثلاث مجموعات شعرية، عبرت فيها عن امتلاكها موهبة الشعر من والدها الشاعر "حمد جباعي".

حول تميز عمل الإبداع عند "د. ديما جباعي" مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 حزيران 2016، التقت الأديب والناقد "إسماعيل الملحم" عضو اتحاد الكتّاب العرب، وبيّن قائلاً: «يتميز النص الشعري للدكتورة "ديما الجباعي" بأنه الحامل للصورة والدلالات، يبعث في متلقيه انفتاحاً دلالياً لنص شعري، فهي تلتقط موضوعات متعددة تدخل فيها هموم المجتمع وتطلعاته، وتعمل الشاعرة على تحويل جملها الإبداعية إلى دلالات واسعة الطيف، حاملة مقومات القصيدة الحديثة في بنيتها التركيبية والبنيوية، بما تحمله من غنائية ودرامية وقناع له أبعاده الفكرية والثقافية، وعلى الرغم من التشتت والفوضى في عبارات الشاعرة؛ إلا أنها استطاعت الجمع بين الطب التجريبي، والأدب التخييلي، والإعلام الواقعي، وفاح عبير صوتها الشعري، كصوت شاب له لغته، ومجازاته كثيرة تتعدد بتعدد المواضيع، وتلك المواضيع تشكل لوحة فنية في مبناها ومعناها لدرجة أنها تربك المتلقي في المسير معها للوصول إلى وحدة القصيدة المتكاملة، على الرغم من تميز لغتها البارزة في الأدب، ومجموعاتها الشعرية الثلاث التي تستحق الوقوف عندها».

وحين وجدت لنفسي متنفساً ذاتياً للبحث عن التجسيد المعنى والدلالة ودمجها بالتلقي، بدأت تنضج في داخلي دراسة حالة جديدة باختيار دراسة الإعلام إضافة إلى الأدب، ولأن الإعلام يشبه السيرة الذاتية وديناميكية أكثر من الطب وأهدأ من الشعر، وبين الحلقتين حلقة مفقودة، كان الرابط بينهما دراسة الإعلام؛ بمعنى اتخذت من الإعلام أسلوباً لربط "بيني وبيني" أي بيني وبين نفسي، خاصة أنني متأثرة جداً بوالدي الذي كان يتقن لغة الأدب والفكر والفلسفة

الدكتورة "ديما الجباعي" وخلال لقائنا معها أوضحت قائلة: «في منزل يهتم بالثقافة والأدب كانت ولادتي عام 1982، وفي قرية لها شأن مع التأريخ كانت طفولتي، وهي قرية "المجمير"، والدي الذي لم تتكحل عيناي برؤيته شاعراً صاحب مقولة أحاول تطبيقها وهي: "المنزل الذي ولدت به أحب أولادي أن يولدوا به"، ولهذا كان لمنزل قريتنا الذاكرة الجميلة في الروح والعقل، درست المراحل التعليمية في قريتي وأنا أحمل من والدي ما أتخيله منه أدباً وشعراً، وحين كنت بالصف الرابع الابتدائي بدأت أكتب الشعر وأجسد تخييلات ذاتي بادئة بالأم المثل والقدوة لي في الوصول إلى الهدف بعد أن نهلت من روح والدي الشعر، لتأتي المراحل اللاحقة فيها صقل قوام وروح النص الشعري، ثم لملمت شظايا شعر الطفولة على جمال وبراءة واقعيتها وانتقلت إلى مرحلة الصبا، أكملت الاستدلال لجسد القصيدة في المبنى والمعنى، وذلك بالمرحلة الثانوية قبيل الدراسة الجامعية، لكن هاجسي في الطب ويقيني بأنني لن أكون إلا طبيبة، مع السماح لجناح طائري الشعري أن يرفرف على أغصان الإبداع واللحظات ويرشف من ثمر الوجود كلمات في نزق حروفي بقصيدة أو نص شعري أدبي، كان لمقاعد الجامعة حلم وطموح وانتظار الوصول بما تحمل من تعب الدراسة وأرق تحقيق المنشود، أنهيت الطب عام 2006، والاختصاص 2011، وأصدرت المجموعة الشعرية الأولى عام 2010 بعنوان: "رفيف من جناح"، وأنا الحالمة المتخيلة في غفوتي وصحوتي أنني أقرأ قصيدة لروح والدي، وأسمع منه قصيدته في غياب الضباب».

الأديب إسماعيل الملحم

وعن علاقتها مع الإعلام تابعت الدكتورة "ديما الجباعي" قائلة: «وحين وجدت لنفسي متنفساً ذاتياً للبحث عن التجسيد المعنى والدلالة ودمجها بالتلقي، بدأت تنضج في داخلي دراسة حالة جديدة باختيار دراسة الإعلام إضافة إلى الأدب، ولأن الإعلام يشبه السيرة الذاتية وديناميكية أكثر من الطب وأهدأ من الشعر، وبين الحلقتين حلقة مفقودة، كان الرابط بينهما دراسة الإعلام؛ بمعنى اتخذت من الإعلام أسلوباً لربط "بيني وبيني" أي بيني وبين نفسي، خاصة أنني متأثرة جداً بوالدي الذي كان يتقن لغة الأدب والفكر والفلسفة».

أما عن علاقة ربط الطب بالأدب والإعلام، فقد أوضحت الدكتورة "ديما الجباعي" قائلة: «لقد وجدت بالإعلام منبراً لطيفاً لبوح ممنهج، حين يغرق الشعر في تمرده، وموطناً لا ينصاع لأي منبر، يرتدي الإعلام الكلمة والمعنى صدقاً ورسالة، كربطة عنق قديمة، ليصل إلى كل الاختلافات والمقاسات؛ فالغاية هنا قبل الوسيلة، لذلك لا بد من رتوش و"تنميقات" وبرتوكولات تسمح للكلمة بالدخول إلى أكثر الأبواب إقفالاً وأعلى الأبراج تحريماً، في حين ترتدي الشعر الحنون والعواصف والأزرق اللا متناهي، يقطع كل لجام يحد من شعبه الإلهام، عارياً كالصدق والشمس، حتى لو تحطم صاحبه في الدروب، ليرتدي الطب دائماً البياض وصولاً إلى سلام وشفاء ينشده المريض ويمسك بيده إلى العافية، والطب وهو الأقرب إلى العلم والتجريب، كمبنى لكنها الأقرب روحاً وتواصلاً مع الإنسان، وسفارة للمعاناة والألم كمعنى، ولن يكون الطب كلاً واحداً إلا هكذا؛ لذلك أحببت الطب وسرت في دروبه الوعرة، ودراستي للإعلام ضرورة اكتمال الحالة الأكاديمية، ورافد نهم الحياة الأدبية والواقعية، بمعنى كونت لنفسي جناحاً آخر، لا يحده قيد ولا شرط، ولا أسرة بيضاء أو أجهزة، ولا عقاقير، فهنا الدواء والداء وكلمة الفصل».

الشاعرة د. ديما الجباعي

الجدير بالذكر، أن للدكتورة "ديما الجباعي" ثلاث مجموعات شعرية هي: "رفيف من جناح، وحين أنا، وتحت غيابك الوارف"، وقيد الطبع مجموعة رابعة، وهي اليوم عضو في اتحاد الكتّاب العرب.

من أعمالها الشعرية