احترف "مسعود أبو راس" قبل أربعة عقود مهنة الخياطة، واختص بالزي العربي التقليدي الذي أضفى عليه سمة جديدة؛ تمثلت بدراسة التاريخ وكل ما يتعلق بتراث المنطقة، لتعطي بعداً آخر لحرفته.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 19 شباط 2016، التقت الخياط "مسعود أبو راس"؛ الذي بيّن سر دخوله هذا الكار بالقول: «ولدت في قرية "سالي" عام 1955، تعلمت في مدرستها الابتدائية، قبل أن ننتقل للسكن في مدينة "السويداء"، تابعت دراستي في المدينة لأنال الشهادتين الإعدادية والثانوية، وتابعت حياتي في الأعمال الحرة، حيث أتقنت عدة مهن حرة في البناء، وقبل أربعة عقود من اليوم، دخلت إلى محل خياطة عادي كشريك، وأحسست بأنني وجدت ذاتي فيه، فقد أحببت العمل واستمتعت بكل جزء فيه، وخلال شهر واحد بدأت إتقان هذه المهنة، واخترت تعلم تفصيل "البدلة العربية" المخصصة للرجال حصراً، وهذا يعود إلى أمرين؛ الأول ضعف الاقتصاد في المدينة، وارتفاع أسعار الأقمشة وأجور الخياطة في "دمشق"، ومن أراد تفصيل طقم عربي كان عليه الذهاب إلى العاصمة حصراً. والثاني رغبتي في المحافظة على التراث والعمل عليه ونشره، خاصة أن خياطي "العربي" كانوا لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة وربما أقل، ولهذا عملت لأكون في الصفوف الأولى في هذا المجال، فرحت أكتشف ما كان يرتديه الأجداد عبر مطالعاتي لكتب التاريخ، وسماعي للقصص من كبار السن، وأستلهم تلك القصص بصنع "البدلات العربية" التي لاقت رواجاً لدى الناس، وحققت لي شهرة جيدة».

لما وجدت نفسي منغمساً في اللباس العربي، كان لا بد لي من تعلم تفصيل أنواع مختلفة منها "الدشداشة"، ووجدت أن لها ثلاث طرائق في التفصيل؛ الأولى تسمى "كويتية"، والثانية "موديل سعودي" ذات الصدر السادة، والثالثة "دشداشة" مستقلة "موديل الجزيرة"، وعلى الرغم من اهتمامي البالغ باللباس العربي، لم أبتعد عن خياطة "بدلات السفاري والفرنجي"، والأهم أن لدي يومياً ساعتين على الأقل للمطالعة والقراءة في الكتب التاريخية والفلسفية والسياسية والأدب الروائي، وأتوق لحفظ الشعر، لكنني لا أقرضه

وعن مراحل عمله أوضح: «بدأت العمل بـ"الطقم الفرنجي"؛ (بنطال وجاكيت)، ورحت أفكر بتوسيع العمل وإتقانه كاملاً، ودربت نفسي جيداً، حيث أعددت طقماً عربياً مع "بروفات" وقياسات أجريتها لإخراج العمل بإتقان، وبالفعل نجحت بذلك وانطلقت، واليوم صنعت آلاف البدلات العربية لجميع الرجال، ومنهم كبار الشخصيات الاجتماعية الذين يأتون للخياطة عندي بعد معرفتهم بقدراتي على الإبداع، فالزي العربي له تقسيمات والأمر لا يقتصر على خياطة "القنباز" أو "الدشداشة"، وهناك (المزوية والسلطة)، و"الجاكيت العربية"، هذه القطع ضمن الموروث الشعبي الأساسي، ويوجد عليه نوع من التطريز بداخل "القنباز" ما يسمى (المرايا، والدلق والبريم)».

الشيخ حمزة حمزة

وتابع "مسعود أبو راس" عن أنواع الخياطة بقوله: «لما وجدت نفسي منغمساً في اللباس العربي، كان لا بد لي من تعلم تفصيل أنواع مختلفة منها "الدشداشة"، ووجدت أن لها ثلاث طرائق في التفصيل؛ الأولى تسمى "كويتية"، والثانية "موديل سعودي" ذات الصدر السادة، والثالثة "دشداشة" مستقلة "موديل الجزيرة"، وعلى الرغم من اهتمامي البالغ باللباس العربي، لم أبتعد عن خياطة "بدلات السفاري والفرنجي"، والأهم أن لدي يومياً ساعتين على الأقل للمطالعة والقراءة في الكتب التاريخية والفلسفية والسياسية والأدب الروائي، وأتوق لحفظ الشعر، لكنني لا أقرضه».

وتحدث الشيخ "حمزة حمزة" من قرية "رساس" وأحد زبائنه عن ميزات عمله، وسبب شهرته بالقول: «تميز الخياط "مسعود أبو راس" منذ ما ينوف عن ثلاثة عقود بخياطة اللباس العربي، ومن يرتدي الزي العربي في "السويداء"، لا بد أنه ارتدى "الطقم العربي" الذي يخيطه، حتى بات معروفاً بأسلوب خياطة معين، والأهم في عمله أنه يتقن صنعته ويعطيها بعداً تاريخياً واجتماعياً، وأغلب الشخصيات الاجتماعية ترتدي الزي العربي من أنواع: (القنباز، والجاكيت العربي، والدشداشة) بطرائق مختلفة لديه، فهو يعمل على ربط العلاقة بينه وبين مهنته من خلال استقطاب رجال ارتدوا هذا النوع من اللباس عبر التاريخ، وكأنه يستحضر شخصيات تاريخية مهمة في الذاكرة الشعبية، وهذا يعود إلى قراءته واطلاعه ومتابعته للكتب التاريخية، حيث يمعن بدراسة طلب كل زائر إليه، يصمم على "التجريب" (البروفات) أكثر من مرة كي يقدم نموذجاً مهماً وجميلاً في استذكار التراث الشعبي والموروث؛ رغبة منه وحرصاً على استمراره في حياتنا اليومية».

الخياط مسعود أبو راس أمام إنتاجه
مسعود أبو راس