ينتسب طبيب الأسنان "أسامة صادق" إلى عائلة مثقفة اهتمت بالعلم والتاريخ والحياة الاجتماعية، وهو الذي وثق تاريخ "السويداء" وقريته "الكفر" بمنطق الادخار المعرفي لصور ووثائق فريدة ونادرة ولا تحصى.

عن هذا الرصيد الذي بدأت خطواته مع الوالد والعمّ، حاولت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 كانون الثاني 2016، البحث للتعريف بتجربة ذاتية وجهد فردي قدمه الدكتور "صادق" ليكون مصدراً ومرجعاً مهماً وفق شهادة المتخصصين، ومنهم المهندس "أنور سابق" المتخصص بالآثار؛ الذي يعمل اليوم مع البعثات العالمية في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، وأشرف على مشاريع تنقيب محلية، حيث قال: «يعمل الدكتور "صادق" منذ عقدين على جمع وتصنيف وتحليل الوثائق المرتبطة بالتاريخ القريب لمحافظة "السويداء" عموماً، وقرية "الكفر" خصوصاً، وقد نجد اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الوثائق كالصور وتسجيلات الفيديو والمخطوطات، لكنها تبقى بلا فائدة عملية إن لم يتم تصنيفها ودراستها لقراءة المعاني التي تنطوي عليها، ولم يدخر جهداً في البحث عن حكاية كل وثيقة ومن ثم تسطيرها بالنص على الصورة أو في قاعدة البيانات لديه لكي ترسم جزءاً من تاريخ المكان، وتمثل مصدراً مهماً لتاريخ المنطقة.

تبع خطى والده، وهو من الرعيل الأول من المعلمين المهتمين منذ القدم بالشأن العام، ويحتفظ في بيته بعشرات الصحف والمجلات والصور، والمرحوم الشيخ العلامة "أبو يوسف حسين صادق" عمه، الذي كان بحق سابقاً لعصره بكل المجالات، ولديه عشرات الصور لقريتنا وأهلها، إضافة إلى ما اتصف به من سعة المعرفة، كل هذه الأعمال والأنشطة إضافة إلى نشاط الدكتور "أسامة" في البحث والتنقيب في الكتب العلمية والأدبية والمطبوعات التي اطلع عليها واتصاله بالأشخاص الذين يمتلكون من الوثائق المهمة في القرية وخارجها؛ وخاصة الاطلاع على الأرشيف المختلف عبر الإنترنت، ودقة البحث التي يتمتع بها كوّنت لديه رصيداً ضخماً من الصور والموضوعات ذات الأهمية في تسليط الضوء على تاريخ المنطقة وعاداتها وتقاليدها، ومختلف الأشعار، والقصص، والحكايات، والتراث الشعبي من أدوات منزلية وزراعية وأزياء وغيرها. وهنا أقترح أن تقوم جمعية "العاديات" بتنسيق هذه النشاطات على مستوى المحافظة؛ ليتم عرض بعض ما لديه في معرض تخصصي لهذه الغاية سنوياً

تحتوي مجموعته وثائق نادرة لم يتم نشرها سابقاً، تم جمعها من أصحابها مباشرة، وأهم المجموعات التي جمعها وعمل عليها هي الصور الشخصية لأهالي قرية "الكفر" التي تعود إلى ستة عقود مضت، وتجسد جانباً مهماً من الذاكرة الجمعية لأهالي البلدة، وتبين رجالاتها باللباس التقليدي.

المهندس أنور سابق

المجموعة الثانية التي لا تقل أهمية عن سابقتها هي صور المناسبات والأحداث السياسية والاجتماعية والفنية القديمة في محافظة "السويداء"؛ التي ترسم بمجموعها لوحة فسيفساء للتاريخ القريب لمدينة "السويداء"، وهنا أؤكد أن العمل التوثيقي التحليلي الذي يقوم به الدكتور "صادق" يجعل منه مصدراً مهماً لكل باحث ومهتم بالتاريخ القريب لمنطقة "السويداء" وتراثها».

حالة من الاهتمام تطورت لتكون مشروعاً توثيقياً ادخر من خلاله الدكتور "أسامة صادق" تفاصيل ذاكرة المكان والإنسان أغناها بالجهد الذاتي الممزوج بالمتعة، كما حدثنا بالقول: «لم تكن الصورة طارئة الحضور في الأسرة وكذلك الوثيقة؛ لأنني رافقت والدي المحامي والمعلم "حسن صادق" المهتم بالوثائق وكل ما له قيمة من منشورات وصور، وكذلك عمي الشيخ "أبو يوسف حسين صادق" الذي أدخل التصوير إلى المنطقة وأنتج صوره الخاصة وكوّن أرشيفاً غنياً ومتنوعاً للمنطقة، وكنت في هذا المناخ متابعاً معنياً بالفكرة التي أخذت حصتها من وقتي وجهدي لأتابع التوثيق بمنطق التحليل للقطة والوثيقة والحفظ المنظم لحين الطلب.

إحدى الصور الموثقة لديه لاستقبال المجاهدين عام 1937

ولغاية الاستفادة من التقنية والحفظ بطريقة أكثر دقة كنت من أوائل الأشخاص الذين اهتموا وحصلوا على كومبيوتر بالبلدة عام 1998، وهنا كانت البداية مع تكوين أرشيف إلكتروني لكل ما كان بين يدي من صور ووثائق، وبفضل الماسح الضوئي بدأت جمع الصور القديمة، وبما أن هناك الكثير من الصور القديمة والوثائق عند الوالد وعمي وأقاربنا وكل الناس الذين لديهم صور قديمة أستعيرها منهم أنسخها وأعيدها لأصنفها مع المعلومات بالتاريخ والحدث، ووفق ما أستطيع من جمعه عن ألسنة الأهالي والمهتمين وتأكيدها من أصحاب التخصص لبيان الصواب.

وفي مرحلة لاحقة بتّ أجمع عن تاريخ المحافظة وتاريخ "الثورة السورية الكبرى"، وأبحث عن كتب ومعلومات عن الرحالة الذين زاروا المنطقة، واستطعت خلال السنوات الماضية جمع عشرات الآلاف من الصور القديمة والمميزة، وهذا جانب غزير المعلومات، وقد تمكنا من توثيق جانب جميل من هذه الرحلات ومقارنتها مع المتوافر لدينا لاستكمال دائرة معرفية تفيد بملامح وصفية للمكان والزمان والإنسان، حيث جمعت كتب الرحالة مثل: "بركهاردت"، و"غيرترود بل"، وغيرهما».

توثيق للحالة المحلية لقطة للمنازل الريفية الحجرية في قريته

أرشيف منوع جمعه بمتعة، ويضيف موضحاً لمدخراته بالقول: «شيء ممتع البحث بالتاريخ وعادات الناس واهتماماتهم، لأنني كنت أبحث عن معلومات وقصة كل صورة، والحدث الذي بموجبه التقطت الصورة، واهتممت بجمع صور للشخصيات المهمة التي زارت المحافظة من شعراء ومسؤولين ورؤساء، وكذلك الشخصيات المهمة على مستوى "سورية" عبر الأزمان، وأهمها المجاهدون والشخصيات التي شاركت بثورة عام 1925، من كل أنحاء "سورية".

كل ما لدي تم حفظه على أقراص DVD، وعلى (الهارد ديسك) نسخة أصلية ومعدلة، وكذلك أحتفظ بكل (النيغاتيف) وبعض الألبومات القديمة والأفلام التي صورها عمي، وكمّ كبير من الصور القديمة التي أحصل عليها، وعدد مهم من أفلام الفيديو القديمة عن التاريخ والمناسبات المهمة القديمة منذ السبعينيات والثمانينيات.

وبالنسبة لبلدتنا فمثل باقي القرى، فتاريخ الثورة السورية الكبرى هو الفيصل، وخصوصاً أن بلدة "الكفر" كانت فاتحة معارك الثورة، وكل الصور التاريخية التي تهم تاريخ الثورة والناس هي ملك للجميع، لكن هناك صوراً خاصة ببلدتنا وقديمة جداً تميز أهم المواقع التي ترمز إلى البلدة ومحبة الناس لبعضهم؛ فلها وقع مهم في حياة كل شخص، وهذا أحد دوافع العناية بها».

لاستثمار معرفي سليم يقترح الموثق "نور الدين الشعار" المتابع لتجربته إقامة معرض سنوي؛ كما بيّن بالقول: «تبع خطى والده، وهو من الرعيل الأول من المعلمين المهتمين منذ القدم بالشأن العام، ويحتفظ في بيته بعشرات الصحف والمجلات والصور، والمرحوم الشيخ العلامة "أبو يوسف حسين صادق" عمه، الذي كان بحق سابقاً لعصره بكل المجالات، ولديه عشرات الصور لقريتنا وأهلها، إضافة إلى ما اتصف به من سعة المعرفة، كل هذه الأعمال والأنشطة إضافة إلى نشاط الدكتور "أسامة" في البحث والتنقيب في الكتب العلمية والأدبية والمطبوعات التي اطلع عليها واتصاله بالأشخاص الذين يمتلكون من الوثائق المهمة في القرية وخارجها؛ وخاصة الاطلاع على الأرشيف المختلف عبر الإنترنت، ودقة البحث التي يتمتع بها كوّنت لديه رصيداً ضخماً من الصور والموضوعات ذات الأهمية في تسليط الضوء على تاريخ المنطقة وعاداتها وتقاليدها، ومختلف الأشعار، والقصص، والحكايات، والتراث الشعبي من أدوات منزلية وزراعية وأزياء وغيرها. وهنا أقترح أن تقوم جمعية "العاديات" بتنسيق هذه النشاطات على مستوى المحافظة؛ ليتم عرض بعض ما لديه في معرض تخصصي لهذه الغاية سنوياً».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "أسامة صادق" خريج جامعة "دمشق"، وهو من مواليد "الكفر" عام 1972، ورئيس مجلس إدارة "جمعية الكفر الخيرية"، ويعمل من خلال عيادته في القرية لمصلحة المشاريع الاجتماعية والتطوعية.