ثلاثة عقود ونصف العقد والدكتور "عبدي الأطرش" يعالج يومياً عشرين مريضاً كحد أدنى، مخصصاً يوم الجمعة للعلاج المجاني مع الدواء في عيادته، إضافة إلى أعماله الإنسانية في توفير 218 منحة دراسية وتأسيسه لثقافة التطوع لأكثر من ربع قرن في "فرع الهلال الأحمر بالسويداء".

مدونة وطن "eSyria" التقت الدكتور "عبدي صياح الأطرش" يوم الجمعة 2 تشرين الأول 2015، فتحدث عن مسيرته قائلاً: «ولدت أوائل عام 1938 في قرية "بكا" لأب مجاهد من مجاهدي الثورة السورية الكبرى؛ حيث رافق قائدها "سلطان باشا الأطرش" طوال مدة الثورة، وهو شاعر مجيد غنت له المطربة الكبيرة "أسمهان" موّالها المشهور: "يا ديرتي مالك عليك لوم"، وعلى الرغم من الفقر والمعاناة وملاحقة الوالد من قبل الفرنسيين إلا أن هجيج "الثورة السورية الكبرى" ظل يعبق في روحي، فانتقلت إلى "دمشق" للتحصيل العلمي ودرست الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدرسة "البطريركية للروم الكاثوليك"، وتخرجت طبيباً في جامعة "دمشق" عام 1964، حين تخرجت كانت وصية والدي مساعدة الفقراء والمحتاجين وبالتالي مارست الطب في عيادة خاصة تقدم المعاينة للأصدقاء والأقرباء والمحتاجين بالمجان، وخصصت يوم الجمعة بالكامل مجاناً مع تقديم الدواء، ومع بداية السبعينيات ساهمت بتأسيس "فرع الهلال الأحمر في السويداء"، فقد رأيت أن العلاقة بين ثقافة التطوع ضمن عمل مؤسساتي وبين المجتمع بوجه عام له أبعاده التي تدخل في بنية شخصيتي وتنفيذاً لوصية والدي، ولهذا كانت لدي دوافع المبادرات الإنسانية، وعملت مع مجموعة من الأصدقاء لنشر ثقافة التطوع والعمل المجاني، حيث كنت أركب أثناء الثلوج والبرد القارس دراجة هوائية لمعاينة مريض داخل "السويداء" أو في القرى القريبة منها، إذ لم تكن وسيلة التنقل لدي سوى المشي أو من يتبرع بإيصالي إلى بيت المريض بالدراجة الهوائية إذا كان المريض من أقربائه».

حينما تكونت لدي ثقافة التطوع كان لا بد من تقديم شيء لمجتمعي عدا المعاينة المجانية يوم الجمعة، فقمت بالسعي إلى تقديم منح دراسية لطلاب الجامعة من أبناء الفقراء ومن مختلف الاختصاصات حتى تمكنت من تقديم 218 منحة دراسية عبر المحسنين والمتبرعين؛ وهم الآن يعملون في المحافظة مهندسين وأطباء وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وفي غيرها من الاختصاصات، كذلك ساهمت مع زملائي في تأسيس العمل الإنساني في ريف محافظة "السويداء" وعملنا على إحداث شعب صحية وطبية تابعة للهلال الأحمر في العديد من القرى تجاوز عددها المئة، وحين أحلت إلى التقاعد من نقابة الأطباء عام 1999 قدمت عيادتي لصاحبها "عبد الله زينية" كما هي من دون مقابل

وعن المبادرات الإنسانية التي ساهم بها، أشار بالقول: «حينما تكونت لدي ثقافة التطوع كان لا بد من تقديم شيء لمجتمعي عدا المعاينة المجانية يوم الجمعة، فقمت بالسعي إلى تقديم منح دراسية لطلاب الجامعة من أبناء الفقراء ومن مختلف الاختصاصات حتى تمكنت من تقديم 218 منحة دراسية عبر المحسنين والمتبرعين؛ وهم الآن يعملون في المحافظة مهندسين وأطباء وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وفي غيرها من الاختصاصات، كذلك ساهمت مع زملائي في تأسيس العمل الإنساني في ريف محافظة "السويداء" وعملنا على إحداث شعب صحية وطبية تابعة للهلال الأحمر في العديد من القرى تجاوز عددها المئة، وحين أحلت إلى التقاعد من نقابة الأطباء عام 1999 قدمت عيادتي لصاحبها "عبد الله زينية" كما هي من دون مقابل».

الدكتور عدنان أبو الفضل

أما في مجال الأدب فأوضح "د. عبدي" بالقول: «على الرغم من ضيق الوقت الذي كنت أعيش في ظلاله، إلا أن الأدب لم يفارقني؛ فحين أختلي مع نفسي لبرهة زمنية كنت أكتب القصيدة العمودية والتفعيلة، حتى حين فقدت ولدي الوحيد المهندس "حسام" الذي أثقل علي بفقدانه، فكتبت له قصيدة من أكثر من ثلاثمئة بيت وكانت ديواناً أسميته "الحسام"، إضافة إلى ديوان شعري بعنوان: "الغيمة الماطرة"، وعملت على إصدار كتاب "أوراق من ذاكرة التاريخ وثائق ويوميات وأحداث" لسيرة والدي المجاهد "صياح الأطرش"، ولدي قيد الطبع كتابان بالشعر واليوميات، وخلال عملي كتبت المقالات العلمية والطبية في المجلة الطبية العربية التي كانت تصدرها نقابة الأطباء في "سورية"، وانتخبت لأكون أميناً للسر لمجلس نقابة "درعا" و"السويداء" عام 1977، وعضواً لمجلس إدارة النقابة في "السويداء" لثلاث دورات ورئيساً للجنة العلمية فيها، كان ذلك بعد أن شاركت في تأسيس "فرع الهلال الأحمر" عام 1971 وانتخبت في مجلس إدارته حتى تاريخه، الأمر الذي أتاح لي الكتابة في مجلة "الغد" التي تصدرها الأمانة العربية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، والمشاركة في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم أوراق عمل حول تلوث البيئة وإدمان المخدرات والعادات الضارة والموضوعات الطبية والعلمية والأدبية والاجتماعية والثقافية والشعرية الوطنية في الدوريات والصحف المحلية، وخلال مسيرة العمل ومنذ عام 1968 شاركت بتأسيس العديد من النوادي، منها: "النادي العائلي"، و"هواة الصيد"، و"النادي السينمائي" و"نادي الفروسية"، وكنت عضواً في جمعيات تنظيم الأسرة السورية والرعاية الاجتماعية والعاديات».

الدكتور "عدنان أبو الفضل" الطبيب المعروف وصاحب أكثر من خمسين ألف عملية جراحية تحدث عن معرفته بالدكتور "الأطرش" قائلاً: «مذ عرفته قبل خمسة عقود وهو طيب الحضور والمعشر، محبّ، ودود، يسعى إلى مساعدة الآخرين، يقوم بمبادرات اجتماعية وإنسانية، عندما لم يكن في "السويداء" إلا عدد قليل من الأطباء لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة مع بداية ستينيات القرن الماضي، كان يعاين بالمجان مع العلاج كل يوم جمعة، إضافة إلى مساهماته الإنسانية والاجتماعية والصحية، إذ كثيراً ما كان يعمل على نشر الابتسامة على محيا المريض من دون تكلف، وما زال منذ بداية السبعينيات يعمل متطوعاً في الهلال الأحمر حتى أحيل إلى التقاعد من نقابة الأطباء، وترأس فرع الهلال الأحمر بـ"السويداء" عام 1999 وما زال حتى تاريخه، تلقاه يحتضن الشباب كأولاده، وقف إلى جانبي مشجعاً حينما كنت رئيساً للنادي العربي، يملك موهبة الشعر والأدب، ولم يتراخَ يوماً بتأدية واجبه الطبي الإنساني، أو الاجتماعي، إضافة إلى مشاركته في تأسيس العديد من النوادي والمنتديات والجمعيات الخيرية والفعاليات الثقافية والأدبية والاجتماعية».

الدكتور عبدي الأطرش
من أعماله الأدبية