عاد إلى "البجعة" بعد غياب متقطع مدة 36 عاماً قضاها في غربة تشبه السجن بعيداً عن جنته، فكان أن استثمر أمواله في مشروعين كبيرين من أجل التخفيف عن كاهل أهله، وخلق نمط جديد في الحياة بعيداً عن التفكير بالهجرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت رجل الأعمال السوري العائد "مطيع غانم" في دارته بقرية "البجعة"، يوم الأربعاء الواقع في 26 آب 2015؛ الذي تحدث بالقول: «ولدت في مزرعة صغيرة تدعى "البجعة" تابعة لبلدة "مفعلة" عام 1963، كان والدي يعمل في الزراعة فالتفاح والكرمة هي المورد الأساسي لنا، وكنت أفكر كثيراً في النهوض بالواقع ولم أجد لي مكاناً في المدرسة، كانت الطفولة تعج بالحياة لكنها صعبة لأنها مترافقة مع العمل في البساتين والحقول، وعندما بلغت السن المناسب للاعتماد على الذات قررت السفر باتجاه ليبيا المكان الذي كان يستقبل السوريين بكثافة، كانت السنوات الأولى من الغربة قاسية وشاقة، وليس هناك في الأفق بريق أمل، حتى عندما انتقلت إلى السعودية لم يتغير الحال كثيراً، فالذل الذي يشعر به المغترب بعيداً عن الوطن لا يقدر حتى لو وصل إلى أعلى المراتب يبقى غريباً بسبب نظرة صاحب العمل إليه، تحسن مركزي في العمل وكان هاجس العودة إلى "البجعة" يشغل كل وقتي».

التقيته في منزله لمناقشة التفاصيل المتعلقة باستثمار الطاقات المحلية، وهو مغامر بنظري لأنه جاء للاستثمار في ظل الظروف الحالية، ولدينا قواسم مشتركة كثيرة يمكن العمل عليها من أجل تخفيف تكاليف الإنتاج والانتقال إلى التصنيع المحلي في استثمار طاقتي الرياح والشمس المجانية، لأن التجارب السابقة على الرغم من بساطتها أثبتت ما نرمي إليه، وفي المحافظة عقول نيّرة يمكن استغلالها والإفادة منها، ولكنها تحتاج إلى رأسمال وهو ما يوفره هذا الرجل لكي نصل إلى الهدف المنشود

اعتبر أن أجمل يوم في حياته كان تلك الساعة التي قرر فيها العودة النهائية واستثمار ما جناه في بلده مهما كانت العواقب، وأكد: «ليس سهلاً على الإطلاق أن تقرر الاستقرار في بلد يعتقد الكثيرون من الذين معك أنه ذاهب إلى المجهول، لكن الذي لا يعرف ما هي "سورية" وتاريخها يهرب إلى ما وراء البحار، كنت على قناعة تامة أن أبناء "سورية" هم الذين يجب أن يستثمروا الآن على الرغم من كل المآسي التي نعيشها، ولذلك حزمت حقائبي وعدت عودة نهائية إلى العمل بالزراعة (مهنة والدي وإخوتي)، وكنت على تواصل مع أحد الشباب السوريين المخترعين الذي اقترح عليّ العمل بالطاقة البديلة كمشروع نوعي من أجل خلق واقع جديد يفيد الناس ويبعد عنهم شبح الغربة والهجرة التي باتت مطلباً شبابياً من دون معرفة ما يخلفه ذلك على الشخص ومحيطه، درست دراسة معمقة المشروعين، وسافرت إلى أكثر من بلد قبل عودتي للاطلاع على مشاريع الطاقة البديلة، وعندما عدت بدأت مباشرة تطبيق الأفكار على الواقع من دون تردد، وهكذا تحولت المزرعة الصغيرة التي كان إخوتي ينشؤونها لتربية الأبقار إلى مزرعة كبيرة تحتاج إلى الكثير من التعب والجهد، وطورت أدوات الزراعة من جديد، ورحت أنشئ شركتي الخاصة للطاقة البديلة».

شركة بدائل الطاقة.

اعتمدت شركته الخاصة على استيراد الأدوات الخاصة من الخارج على أمل إيجاد عقول مبتكرة تصنع الفارق رويداً رويداً للاستغناء عن الاستيراد وتخفيف التكاليف، وقال: «فكرت كثيراً في ذلك الأمر، كنت مصمماً أن تكون الشركة وأعمالها سورية بامتياز، ورحت أبحث عن أولئك الأشخاص الذين يبحثون أيضاً عن رأسمال لكي يصنعوا الفارق، والتقيت مخترعاً من مدينة "شهبا"، ونحن نتواصل لكي نجعل أدواتنا سورية بحتة على الرغم من زيادة التكاليف الأولية، لكن الشركة انطلقت منذ مدة بالاعتماد على طاقة الرياح، وقد كانت أول تجربة في مزرعتنا بقريتي التي أعشق، والنتائج كانت باهرة، المهم في الأمر أن الأموال التي جنيتها من الخارج هي في مكانها الصحيح الآن تفيدني وتفيد غيري من خلال اليد العاملة التي تعمل في المشروعين، والعملان في طور التقدم اليومي، ولا خوف نهائياً من أي طارئ، المهم الإرادة والبدء، و"سورية" أرض الفرص».

المخترع "سامر علوان" الشريك الرئيس في شركة الطاقة البديلة أوضح قائلاً: «تكمن علاقتي برجل الأعمال "مطيع غانم" منذ سنة تقريباً عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والحقيقة أن الأفكار التي كنا نطرحها للعمل كانت تعتمد على الإرادة والفكر المنفتح، وقد نجحنا في ذلك وباتت الأفكار حقيقية على الأرض، وهو رجل عصامي بكل التفاصيل، ويهدف إلى أن تكون عائلته بأمان، وأمواله تفيده وتفيد غيره حتى يبعد شبح السفر عن الشباب، ففي استثماراته الزراعية والتجارية الكثير من الفرص، وأرض "البجعة" تحتاج إلى الزنود القوية والعقول المنفتحة لكي تنتج الخير الوفير».

تربية المواشي من اهتماماته.

من جانبه قال المخترع "جهاد الحرفوش": «التقيته في منزله لمناقشة التفاصيل المتعلقة باستثمار الطاقات المحلية، وهو مغامر بنظري لأنه جاء للاستثمار في ظل الظروف الحالية، ولدينا قواسم مشتركة كثيرة يمكن العمل عليها من أجل تخفيف تكاليف الإنتاج والانتقال إلى التصنيع المحلي في استثمار طاقتي الرياح والشمس المجانية، لأن التجارب السابقة على الرغم من بساطتها أثبتت ما نرمي إليه، وفي المحافظة عقول نيّرة يمكن استغلالها والإفادة منها، ولكنها تحتاج إلى رأسمال وهو ما يوفره هذا الرجل لكي نصل إلى الهدف المنشود».

منظر من البجعة.