ورث مهنته من والده الراحل عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، ووصل في العمل حتى عدّه الكثيرون شيخ الكار في المحافظة على الرغم من انحسارها في كثير من المناطق، غير أن حضور "الصلخ" في "المضافات" أيام الشتاء يبقى له رونق خاص.

مدونة وطن "eSyria" التقت الحرفي "فايز مسعود" يوم الأحد الواقع في 30 آب 2015، الذي تحدث عن دخوله في مهنة صناعة "الصلخ" فقال: «ولدت في قرية "صميد" عام 1947 لوالد يعمل في مهنة "العبي والصلخ"، وعندما كنت صغيراً طلب مني أن أراقبه عن كثب، وأتعلم وحدي حتى لو كان العمل سيئاً، كان يقول إن هذه المهنة تقيك شر العوز والفقر حتى لو كانت مهنة رديفة، كنا في القرية نمتهن الزراعة وهي تعتمد على الأمطار، ولهذا جاءت مهنتي هذه لتساهم في تربية أبنائي وتجعلني أستمر في الحياة، وأنا منذ أربعين عاماً أمارس هذه المهنة حيث يعرفني الكثيرون من الناس من داخل المحافظة وخارجها».

ولدت في قرية "صميد" عام 1947 لوالد يعمل في مهنة "العبي والصلخ"، وعندما كنت صغيراً طلب مني أن أراقبه عن كثب، وأتعلم وحدي حتى لو كان العمل سيئاً، كان يقول إن هذه المهنة تقيك شر العوز والفقر حتى لو كانت مهنة رديفة، كنا في القرية نمتهن الزراعة وهي تعتمد على الأمطار، ولهذا جاءت مهنتي هذه لتساهم في تربية أبنائي وتجعلني أستمر في الحياة، وأنا منذ أربعين عاماً أمارس هذه المهنة حيث يعرفني الكثيرون من الناس من داخل المحافظة وخارجها

آلية العمل: «عندما يأتيك الزبون بـ"الصلخ" نقوم بغسله جيداً حتى ينظف تماماً من كل الشوائب الموجودة، ونضع له "الشّبة" والملح ونكمره أي نلفّه على بعضه مدة خمسة أيام كاملة حتى تتشرب "الشبّة" والملح فيه بالكامل، وبعدها نقوم بتنشيفه تحت أشعة الشمس حيث يكون الصوف باتجاه الشمس، بعد ذلك نقوم برش الماء عليه قليلاً حتى يبتّل، ونبقيه ملفوفاً حتى الصباح، وفي اليوم الثاني يبدأ العمل الفعلي بواسطة آلة حديدية مبرومة ومربوطة على خشبتين لتسهيل العمل، ونطلق عليها "الدلك" مهمتها استقبال "الصلخ" للتحكم به جيداً عندما نبدأ التنظيف، حيث نأتي بقطعة أخرى نطلق عليها "القزقة" ومهمتها قحط أو حك الجلد، وعندما ننتهي من الوجه الأول نقوم بلفه من جديد حتى الصباح؛ حيث نعاود نفس الطريقة من جديد.. وهكذا حتى ننتهي منه حيث يصبح الجلد ناعماً، نقوم بهذه العملية أكثر من مرة حتى لا يجف الجلد أي "يقرقرد" ويصبح تالفاً بلا فائدة، وعندما ينظف جيداً ويصبح قابلاً للطوي واللف كما يرغب الزبون يكون العمل قد انتهى بالكامل وأنجز».

تنظيف "الصلخ" من شوائب الجلد عن طريق "القزقة".

أما عن الصعوبة التي يصادفها في عمله فيقول: «العمل في الجلد يحتاج إلى نفس طويل وتعب بنفس الوقت، لأن العامل فيها يجب أن يكون بحركة دائمة ولا يترك فراغاً واحداً في "الصلخ" إلا و(يكحطه) أي ينظفه من الشوائب، ومن المعروف أن جلد "المعلوفة" قاسٍ جداً، وأكثر الناس الذين يريدون "الصلخ" يأتونك بجلد "معلوفة" هرمة، والجميع يعلمون أن هذه المهنة القديمة قدم التاريخ لم تعد كما كانت في السابق وأصابها الركود غير غلاء مادتي "الشبة" والملح، ولذلك نعتمد في عملنا على شهرين في السنة هي موسم المعاليف؛ حيث يكثر ذبح الأغنام ويفكر الناس بتحويل صوفها إلى الفرو أو "الصلخ"، وفي باقي الأشهر تمر بحالة من السبات إلا في حال قام أحدهم بما يطلق عليه "القرى" أي الكرم وإطعام الضيوف "المنسف العربي" التقليدي، وهذه العادة خفت قليلاً بسبب الوضع المادي للناس».

يعلم الكثيرون من الناس أن "فايز مسعود" مهنته صناعة "الصلخ" وبنفس الوقت يعتمد في معيشته على مهنة "الطينة" لأن العمل قد خف كثيراً عن السابق، ولذلك تجد الكثيرين من معارفه حريصين على استمراره في العمل من باب التكافل الاجتماعي، يقول الشيخ المسنّ "نايف مهنا" من أهالي قرية "أم الزيتون" عن علاقته به: «أعرف والده الراحل جيداً، فهو الأساس والأصل في صناعة "الصلخ" و"الفرو"، وقد أورث هذه المهنة لأبنائه، وكنت أحرص كل عام على أن أزورهم في قريتهم لصناعة "الصلخ" الذي يعد من الزينة في "مضافات" الجبل، والذي يجلس عليه يعلم معنى الدفء الحقيقي، وفي البيوت الجبلية القديمة يكون الصلخ حول "ببور الجلي" في ليالي الشتاء القاسية، فهو ضروري مهما تطورت الحياة بالنسبة للكثيرين حتى لو تغيرت العادات، وكل عام أرسل إلى المعلم "فايز" جلود المعاليف لكي يحولها إلى "صلوخ" حتى أهديها إلى أبنائي وأولادهم الكثر متمنياً أن يحافظوا على الإرث والأصالة بحدها الأدنى، لأنني كرجل مسن أرغب أن يتذكر أبنائي وأحفادي هذه المهنة وصانعوها، وبنفس الوقت أن يتذكروا أجدادهم بالخير».

"الصلخ" جاهز للزينة والدفء
نايف مهنا