عامل العم "نجيب حسون" الأرض لعقود طويلة لثقته بالعمل القادر على استجلاب خيرها؛ مؤسساً مع أهل قريته جمعية تعاونية كان لها أثر طيب في تشجيع الزراعة في قريته "الثعلة".

عن قصة كفاح وعمل ثمارها عادت على أسرته الصغيرة العائلة والأولاد وأسرته الكبيرة مجتمع قريته؛ بحثت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 آب 2015، واستمعت إلى من عاصره وعلاقته المتجذرة مع الأرض التي فضلها على الاغتراب؛ وفق حديث العم "مزيد الحمد" مدرس متقاعد من أهالي قرية "الثعلة"، وقال: «في قرية صغيرة مثل قريتنا يقترب الأهل أكثر لنكون على تماس مباشر مع تجارب إنسانية تختزنها الذاكرة لأشخاص قطعوا سنوات العمر لهدف وغاية العمل، ومنهم الشيخ "نجيب حسون"، الذي عهدناه نشيطاً مكافحاً اعتنى بأرضه والتزم بالزراعة عملاً وحيداً كان له الفضل في كفاية أسرته والحياة الكريمة، وترك بصماته البيضاء على عمل اجتماعي أسسه مع عدد من أبناء القرية لجمعية تعاونية أدخلت العملية الزراعية في القرية بأجواء التحديث والتطوير، وكان عضواً في مجلس إدارتها، ونتذكر تلك الأيام التي شجع فيها الأهالي على اعتماد المحراث الحديث، وكيف تحولت زراعة الحبوب في تلك المرحلة من الاعتماد على المحراث القديم إلى الحديث لتزداد المساحات ويزداد الإنتاج باعتبار المحاصيل الحقلية كانت المنتج الزراعي الوحيد في تلك المرحلة.

من الوجوه الاجتماعية المتميزة على ساحة القرية التي اقترنت بعمل بناء ثبت من خلال الجمعية التعاونية والإقدام على تجارب زراعية ناجحة نذكر منها زراعة الزيتون البعلية، وكانت من التجارب المشهورة التي شارك أهل القرية بالتعريف بنتائجها، وهو مثال للنشاط والحيوية والجد، وقد يكون خروجه اليومي للعمل على محراثه من الصور اللافتة للشباب؛ لأن كل هذه السنوات لم تمنعه من العمل الذي نحتاج إليه لنبقى على مساحة ود وتفاعل مع الأرض خاصة في قريتنا التي اشتهرت بالعطاء والخير، ولن ننسى مشاركاته الاجتماعية الواسعة لكونه عضواً مؤسساً في الجمعية الفلاحية ولجنة الوقف وهيئات اجتماعية قديمة وحديثة كان لها آثار واضحة في العمل التنموي الزراعي والاجتماعي الحقيقي والمثمر

وبوجه عام، فإن حالة التفاعل مع أهالي القرية والمشاركة لتقديم أفكار جديدة طوال عقود طويلة ساهمت في تعزيز حضوره على المستوى الاجتماعي، ليكون لسنوات العمر أثرها الجميل في تراكم خبرته الزراعية والاجتماعية، ويحافظ على نشاطه وحضوره المرغوب من كل أهالي القرية الذين يقدرون حضوره ومساعدته على مختلف الصعد».

مزيد الحمد

امتلك ميزة خط الحرف والقراءة وطورها وفق إمكانيات ذلك العصر على الرغم من التزامه الكامل بالعمل الزراعي، وحافظ على همة عالية لعمل زراعي متواصل يمكنه من قيادة محراثه على الرغم من تقدم السنوات؛ كما حدثنا الشيخ "نجيب حسون"، وقال: «ولدت في زمن كان التعليم بيد رجال الدين علمونا كيف نخط الحرف ونقرأ، في هذه البيئة التي كان الإنتاج الزراعي موردها الاقتصادي الوحيد سعيت للعمل في الأرض التي ورثها والدي عن الأجداد، كنت في مقتبل العمر عندما اختار والدي الاغتراب إلى "فنزويلا" وتحملت عبء الأسرة حيث زوجتي والأولاد وأمي وأختي، وتابعت الزراعة بما يقارب "الربعة" من الأرض؛ و"الربعة" وفق الدارج في منطقتنا قرابة مئة دونم، كنا نزرعها بالقمح والعدس والحمص والذرة البيضاء، وكنت وعمي وكل أفراد العائلة نتعاون وبعد مواسم الحصاد نحمل من الحبوب ما فاض عن حاجتنا وننقلها على الجمال إلى "خربة غزالة" في "درعا" المجاورة لنبيعها؛ حيث كانت وسيلة التصريف الوحيدة للإنتاج في ذلك الزمن، وعندما تحسنت ظروف والدي اقترح علي السفر إليه لكنني فضلت البقاء لأكون بقرب أولادي وأتابع رعاية الأرض.

وبقيت الأرض موردي الوحيد، وفكرت مع أبناء قريتي وبعد دخول المحراث الحديث نهاية خمسينيات القرن الماضي أن نؤسس جمعية تعاونية وهي الجمعية الثانية على مستوى "سورية" بعد جمعية "دير عطية"، وكان من ثمارها الحصول على أول محراث حديث سخر لحراثة أراضي القرية، ووفق نظام الجمعية الذي وضعناه كان للعضو تخفيض بأجور الحراثة، ومن يومها بات المحراث الحديث وسيلتنا للزراعة وزيادة المساحات المزروعة التي عادت على القرية بالخير وسهلت عملية الزراعة».

الشيخ نجيب حسون

عن التوجه إلى زراعة الأشجار المثمرة والزيتون لأول مرة أضاف بالقول: «من خلال أصدقاء لي تعرفت إلى أن أنواع من الأشجار أخذت طريقها للتجربة على مستوى المنطقة، وكنت من أوائل من اختبر هذه الزراعة لنزرع "الدراق والمشمش والخوخ" التي توسعت بوجه كبير في قريتنا؛ لنصل إلى مرحلة ينادى على الفواكه في سوق "السويداء": "مال الثعلة" يا مشمش، أو خوخ، أو غيره.

لكن الزراعة التي اعتمدت عليها من ثمانينيات القرن كانت الزيتون لأقوم بغرس أول مشروع على مستوى القرية بأشجار الزيتون؛ حيث شجرت 30 دونماً بنحو 320 غرسة هي لغاية هذا التاريخ مثمرة ومنتجة أتابعها بالفلاحة حوالي ست مرات بالعام، وقد كانت خيراً وبركة، وحقق البستان أرقاماً إنتاجية عالية كانت حديث أهالي القرية لسنوات وشجعت الأهالي على تكرار التجربة، هذا المشروع وعملي في زراعة الحبوب اليوم تستهلك جل وقتي إلى جانب عمل اجتماعي مع الجمعيات التي كنت مشاركاً بتأسيسها بدافع السعي لخدمة أهلي ومشاركتهم بعمل جماعي يحقق الخير والاستقرار لقريتنا الزراعية وشبابها الذين كنت قريباً منهم أعتز بهم وبالتواصل معهم؛ لعلنا نتمكن من تطوير النشاط الزراعي ونزرع في نفوس الشباب التعلق بالأرض واستثمار خيرها الممزوج بالبركة».

المهندس عبد الله ذيب

تعرفنا إليه متابعاً لشؤون القرية ومبادراً في العمل الزراعي والاجتماعي، والأهم تجاوزه لتقدم العمر ليبقى متابعاً حاضراً ومثلاً للحيوية والعطاء؛ كما تحدث المهندس "عبد الله ذيب" المغترب في الولايات المتحدة الأميركية، وقال: «من الوجوه الاجتماعية المتميزة على ساحة القرية التي اقترنت بعمل بناء ثبت من خلال الجمعية التعاونية والإقدام على تجارب زراعية ناجحة نذكر منها زراعة الزيتون البعلية، وكانت من التجارب المشهورة التي شارك أهل القرية بالتعريف بنتائجها، وهو مثال للنشاط والحيوية والجد، وقد يكون خروجه اليومي للعمل على محراثه من الصور اللافتة للشباب؛ لأن كل هذه السنوات لم تمنعه من العمل الذي نحتاج إليه لنبقى على مساحة ود وتفاعل مع الأرض خاصة في قريتنا التي اشتهرت بالعطاء والخير، ولن ننسى مشاركاته الاجتماعية الواسعة لكونه عضواً مؤسساً في الجمعية الفلاحية ولجنة الوقف وهيئات اجتماعية قديمة وحديثة كان لها آثار واضحة في العمل التنموي الزراعي والاجتماعي الحقيقي والمثمر».

الجدير بالذكر، أن العم "نجيب حسون" ولد عام 1931 في قرية "الثعلة"، بقي متابعاً للعمل الزراعي، ولا يعتمد إلا على جهده في رعاية أرضه ومشاريعه الزراعية ونشاطه الاجتماعية الواسع بين أبناء قريته وخارجها.