ورث "المخترة" عن والده الراحل "حمد السيد"، وهو شخصية مركبة تدهشك تداخلاتها ومنعطفاتها من التدريس إلى الفن إلى المخترة، وهو الآن عميد العازبين في بلدته "شقا".

مدونة وطن "eSyria" التقت المختار "نجيب السيد" في منزله ببلدة "شقا" يوم الأحد الواقع في 21 حزيران 2015، فتحدث عن طفولته بالقول: «ولدت عام 1959 في بيت رجل محب للناس، وهم بادلوه نفس المشاعر، كنا نمتلك مخبزاً خاصاً لإنتاج الخبز هو الوحيد الموجود في المنطقة، وكان والدي مختار البلدة حريصاً على أهلها ومتعاوناً من أجل أن تبقى القيم والأصالة متجذرة بين الناس، وضمن هذا الجو ولدت لأنهل من تلك الخصال، كنت المدلل في العائلة لكوني الولد البكر، كانت القصص والحكايات تدور في مضافة الوالد فأستمع إليها بلهفة، وفي المدرسة كنت ميالاً إلى كل أنواع الفنون وعشقت العود مبكراً وانخرطت في العزف والغناء وتأليف الشعر الذي له نصيب كبير في بلدتنا، وعندما كبرت امتهنت التدريس وتعليم الموسيقا للصغار قبل أن أشق طريق الغربة».

هو شخصية راقية في تعامله مع الناس، و"السيد" مختار فوق العادة لكونه مرهف الإحساس وفناناً له بصمات واضحة ضمن فئة الشباب، ولذلك يكتسب عمله الكثير من الاحترام والتقدير، وهذا ليس بغريب عليه لكون والده الراحل "حمد السيد" مات وهو يخدم أهالي البلدة بصدق وضمير، ويده بيضاء في كثير من المواقف المهمة، وللعلم فإن المختار انخرط منذ سنوات في أعمال الخير وله بصمات واضحة في عمل الهلال الأحمر خدمة لأبناء البلدة

يعدّ من الرعيل الثاني في تعلم وتعليم الموسيقا ضمن البلدة وفي إطار المؤسسات الرسمية، وهي الموهبة التي طغت على ما عداها في حياته إلى الآن، حيث يؤكد: «تعلمت الموسيقا على يد الفنان الراحل "بديع أبو حسون" الذي كان له الفضل في عشق الموسيقا من قبل الشباب في بلدتنا على الرغم من أن الموت خطفه باكراً، أتقنت العزف على آلة العود وتابعت طريقي في عالمه الرحب عن طريق الدورات، وكان للفرق والموسيقين الذين رافقتهم زمناً طويلاً في رحلة العمل تأثير مهم باحترافي لآلة العود وعدد من الآلات الموسيقية الأخرى، وتمكني من تكوين الفرق وتعليم غيري من محبي الموسيقا كالموهوبين في البلدة المنتسبين لاتحاد الشبيبة، وللمسرح المدرسي، وفي الاغتراب تحول السفر إلى مهنة أعتاش منها فزاد ذلك من إلمامي وخبرتي، وبعد الاستقرار النهائي في الوطن قمت بفتح دورات تعليمية على أكثر من آلة مثل الأورغ والإيقاع والكمان وهم على مستوى جيد جداً، وأخذ بعضهم فرصته عندما اختير ليكون في "فرقة شباب سورية" التي تكونت في "دمشق"، مثل: "علاء زيتوني، سميح زيتوني، ضياء القضماني، عمر فيصل، مجد أبو حسون"، وهناك الشاب "يزن زهر الدين" الذي دربه وطور إمكانياته والده الطبيب "تحسين زهر الدين" وأخوه الأصغر يحترف العزف على البيانو».

وعن فكرة رفضه للزواج واعتباره كظاهرة في "المخترة" والفن و"العزوبية"، أضاف: «في الغربة يسرقك الوقت من دون أن تدري، والعمل الفني يتطلب منا السهر الطويل والتحضير للحفلات الكبرى و"البروفات" المتعبة التي تجعلنا ننسى معها حياتنا الشخصية، عندما عدت من السفر اكتشفت العمر الطويل الذي قضيته من دون التفكير في حياتي الخاصة، وبات أمر البحث عن شريكة للحياة مسألة معقدة للغاية، فلا الفتاة الصغيرة في السن تناسبني لبعد التفكير، ولا الفتاة الكبيرة في السن تلائم وضعي كرجل يمكن أن يفكر بالإنجاب وتكوين عائلة، ولذلك بات أولاد إخوتي وتربيتهم والسهر على متطلباتهم غايتي الأهم، ومن هذا المنطلق وعلى الرغم من حاجتي إلى شريكة في الحياة؛ فإن فكرة الزواج باتت مستبعدة ولكنها غير نهائية، وفي العزوبية تجد أن أمامك متسع من الوقت لكي تشتغل في الشأن العام كما يجب؛ لهذا أنا منخرط في العمل التطوعي منذ سنوات طويلة، وأحاول الآن إعادة إحياء الحفلات الموسيقية كخطوة نحو الفرح الذي حاول الآخرون سرقته».

كانت الموسيقا هي السبب المهم الذي جعل أهالي البلدة تعرف ماهية "نجيب السيد"، ولذلك كان الطريق نحو "المخترة" من اختيار الأهالي وليس كحالة توريث متعمد، يقول الموظف في القطاع العام وخريج كلية الإعلام "محمد طحطح" عن رأيه في المختار بالقول: «هو شخصية راقية في تعامله مع الناس، و"السيد" مختار فوق العادة لكونه مرهف الإحساس وفناناً له بصمات واضحة ضمن فئة الشباب، ولذلك يكتسب عمله الكثير من الاحترام والتقدير، وهذا ليس بغريب عليه لكون والده الراحل "حمد السيد" مات وهو يخدم أهالي البلدة بصدق وضمير، ويده بيضاء في كثير من المواقف المهمة، وللعلم فإن المختار انخرط منذ سنوات في أعمال الخير وله بصمات واضحة في عمل الهلال الأحمر خدمة لأبناء البلدة».

شقا الحياة