ظهرت قوته الخارقة بالمصادفة البحتة، ولقب "سليم البطل" منذ شبابه الأول، قبل أن يمتهن تعليم الرياضة ويبرع فيها على مدى عقود طويلة، وبالمصادفة البحتة تعلق بأرضه وبات من المزارعين المعروفين في "سورية".

مدونة وطن "eSyria" التقت أستاذ التربية الرياضية المتقاعد "سليم الخطيب"، يوم الإثنين الواقع في 6 تموز 2015، فتحدث عن طفولته والتأثير الذي تركته بحياته: «ولدت في العام 1946 لأسرة فقيرة في مدينة "شهبا"، وأذكر أنني تعلمت بالصبر ونلت مرادي في العلم بقوة الإرادة لدي ولدى والديّ، اللذين كانا يقطعان كل شيء عن نفسيهما من أجل تعليمي، وظهرت بنيتي الجسدية منذ الصغر بسبب العمل المتعب في الأرض، ولكن حادثة صغيرة كانت وراء ظهور قوتي الجسدية بوجه غير طبيعي، فقد جاء إلى "السويداء" رجل يدعى "شمشون أبو الحسن" ليقدم استعراضاً في إيقاف السيارات واللعب بالحديد والصخر، كنت بالصف العاشر عندما أقنعت أحد رجالات المدينة الذين يملكون سيارة بأنني قادر على إيقافها بمكانها، كانت تجربة خطيرة لكنها نجحت، وتبعتها بلف الحديد على ذراعي وجر السيارة بأسناني، وهكذا بدأت حياتي مع الخوارق التي تطورت لتصل إلى الاحتراف وأنا ما زلت في ريعان الشباب».

يعد الأستاذ "الخطيب" من أهم أعضاء الجمعية في آرائه وعمله منذ تأسيسها إلى الآن، وهو عامل فاعل في مهرجان "شهبا" للتراث والفنون السنوي، ودائماً يشارك في المعارض بمنتجاته المتميزة، وهو صاحب صوت عالٍ في الحق، ولا يتوانى عن إبداء رأيه بكل صدق وصراحة، ودائماً تجده في الأعمال التي تهم الناس وتحقق أمانيهم

كانت الحياة السياسية في "سورية" على صفيح ساخن، والشباب يغلي مع كل فجر رافعاً شعاراته لإرضاء ذاته المتقدة، وكان "البطل" واحداً من الشباب الذين اكتسبوا شهرة واسعة من خلال العروض التي يقدمها ويذهب ريعها إلى الأطفال الفقراء، ويتابع: «لم تكن رياضة القوة الخارقة مدرجة في أي بطولات عالمية أو أولمبية، ولذلك كنت أعتمد على العروض الجماهيرية المحلية التي تجذب الناس بكثافة، والتي كان ريعها يذهب إلى الفقراء من الأطفال الذين يحاولون كسب التعليم، وقد كنت العضو السوري الوحيد في فرقة "عاكفة المصرية" الشهيرة التي جابت ساحات القطر بعروضها الشيقة، وعندما نلت شهادة الدراسة الثانوية دخلت معهد الرياضة، وبعد التخرج أسست عدداً كبيراً من اللاعبين في الألعاب الفردية وخاصة ألعاب القوة، وكانت لي مبادرات كثيرة في إقامة المهرجانات الرياضية والماراثونات، أما الشطرنج فقد برعت فيه وكنت لاعباً وحكماً ومدرباً معروفاً، وكم كان التنافس حاداً بين شعب المدارس التي أشرفت على تدريسها، وكنت أكتشف مواهب كثيرة في هذه اللعبة ونشارك بهم في بطولات المحافظة ونحصل على مراكز متقدمة على مستوى القطر، كما كنت أنظم سباقاً جماهيرياً على مستوى كافة المدارس في "شهبا"، وكان الأبرز المهرجان الرياضي الأول عام 1974، والمهرجان الثاني عام 1978، وفي عام 1978 كلفتني مديرية التربية في "السويداء" بتكوين فريق كرة يد بنات، وقمت بتدريبه وخلال أقل من ثلاثة أشهر حصل هذا الفريق على المركز الثاني بكرة اليد على مستوى القطر وكنّ جميعهن من بنات "شهبا"، وكنت من الأشخاص الذين شجعوا الشباب على احتراف الرياضة واقتناء الكتب الثقافية لأن العقل السليم في الجسم السليم؛ كان وما زال عنواناً لحياتي».

المدرس عصام مراد

وعن علاقته مع الأرض، وقصة "ماركته" في الإنتاج الزراعي قال: «كان والدي المجاهد الشيخ "فرحان الخطيب" يعشق الأرض وتربطه بها علاقة خاصة، وفي إحدى السنوات لم يجد من يعينه على فلاحتها، وكان متكدراً وخائفاً على معشوقته، فخرجت من المدرسة أبحث عن حل، فاشتريت دابة وذهبت إلى الأرض لفلاحتها، وكانت أول مرة، ومنذ ذلك اليوم تعلقت بتلك القطعة الكبيرة وباتت مع الرياضة والعمل الشعبي في المدينة هاجسي الدائم، فالتين والعنب وباقي الثمار الطيبة كانت الأرض تعطيها كما أعطيها من عرقي وتعبي، ومع الوقت أسست أول معصرة حديثة في محافظة "السويداء" لإنتاج "دبس العنب والخل"، ومنتجاتي باتت مطلوبة في كل المحافظات، وتلقى رواجاً كبيراً لجودتها العالية، ودائماً أشترك في المعارض والمهرجانات التي تقام في "شهبا" و"السويداء"، وهو ليس للترويج أو الإعلان؛ فقط من أجل المشاركة وتشجيع الآخرين على العمل، لأن الأرض هي الضمانة الوحيدة للإنسان».

عمل الأستاذ "سليم الخطيب" بالأعمال الخيرية والإغاثة وفي عدد من الجمعيات الخيرية والأهلية، ويعد من الأصوات المهمة في مدينة "شهبا"، إضافة إلى عمله في نادي "شهبا" الرياضي زمناً طويلاً، وقد لخص عمله نائب رئيس "جمعية شهبا" "عصام مراد" بالقول: «هو واحد من أعمدة المدينة الأساسية، ورجل أفنى جل حياته في العمل التطوعي وخدمة أبناء المنطقة وشجعهم على العلم والرياضة والتفوق، وبصماته لا يمكن أن ينكرها أحد من الناس، لقد أنجب سبع بنات وعلمهم تعليماً عالياً، وتعب كثيراً في سبيل أن يمنحهن حياة كريمة، ومنذ شبابه الأول كانت حفلاته التي يقيمها يتبرع بريعها للطلاب الفقراء أو يشتري الكتب الدراسية لهم بعد أن يستشير مديري المدارس، وقد أطلق أبناء المدينة عليه لقب "البطل" منذ ذلك الوقت، وما زال هذا اللقب يرافقه لعمله الدائم وتفانيه أمام الناس».

من منتجات أرضه الخيرة

أستاذ الرياضيات المعرف ورئيس لجنة "شهبا" في "جمعية العاديات "إبراهيم أبو كرم" قال: «يعد الأستاذ "الخطيب" من أهم أعضاء الجمعية في آرائه وعمله منذ تأسيسها إلى الآن، وهو عامل فاعل في مهرجان "شهبا" للتراث والفنون السنوي، ودائماً يشارك في المعارض بمنتجاته المتميزة، وهو صاحب صوت عالٍ في الحق، ولا يتوانى عن إبداء رأيه بكل صدق وصراحة، ودائماً تجده في الأعمال التي تهم الناس وتحقق أمانيهم».

الأستاذ المتقاعد إبراهيم أبو كرم