ضمن مبدأ تحويل المستهلك إلى منتج جديد؛ يعمل الحرفي "سلمان الحناوي" في قرية "سهوة البلاطة" بحرفية عالية لتحويل المواد التالفة المعطلة والمرمية على جوانب الطريق إلى أدوات تستخدم في الحياة اليومية، والداخل إلى محله التجاري يشعر بتعدد الحرف والأدوات القديمة التالفة المستثمرة حالياً.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 نيسان 2015، التقت من أهالي قرية "سهوة البلاطة" "سعيد البني" الذي قال بحكم معرفته بالحرفي "حناوي": «يعمل "الحناوي" على الاستفادة من المواد المعدنية التالفة ووضعها في الاستثمار من جديد، كأن تأتي إليه بمدفأة قديمة تالفة كانت تعمل على المازوت وتطلب منه تحويلها إلى مدفأة حطب، خاصة في ظل الأزمة التي تمر على البلاد، والتي أدت إلى نقص حاد في مادة المازوت، وهو ما جعل أغلب أهالي القرية يقومون باستثمار المدافئ القديمة من جديد وتحويلها إلى مدافئ حطب، إضافة إلى عمله في إصلاح شتى الأدوات المنزلية وبث الحياة فيها من جديد، ولعل الحاجة الاجتماعية التي عمل على تلبيتها جعلت منه مقصداً لجميع متوسطي الدخل والفقراء، للاستفادة من خبرته، خاصة أنه ورث الإتقان عن والده، والأهم من ذلك أن المواد التي يشتريها يبيعها بالسعر الذي اشتراها، فلا يحتكر ولا يرفع الأسعار، أي إنه يعتمد الأخلاق منهجاً في عمله، وهذا ما زرع محبته في قلوب كل من يعرفه».

ما أنجزه "حناوي" خلال موسم الشتاء لهذا العام كان إنجازاً كبيراً لأهل القرية، حيث قدم مشروعاً متكاملاً يحمل الاستثمار بأقل التكاليف، وأقل استهلاك، ومن لم يحصل على مادة المازوت خلق له البديل بتوفير الاستهلاك من خلال الحطب، وبعامل صحي مضمون، هذا إضافة إلى الحرف الأخرى مثل أدوات الزراعة بأنواعها والبوابير والغازات وغيرها من الأدوات القديمة التي أعاد إليها التألق من جديد، ودخل السوق المحلية بجدارة وقوة من جديد

وعن حياته وطبيعة المهنة حدثنا "الحناوي" بالقول: «على أرض "سهوة البلاطة" التي تتميز بهوائها العليل ورائحة ترابها الزكية؛ كانت ولادتي عام 1944، نشأت ضمن أسرة تعمل في الزراعة، وكان الوالد إضافة إلى الزراعة، يجيد حرفة تصليح الأدوات المستعملة.

سعيد البني

بعد أن أنهيت المرحلة الابتدائية في القرية كان شظف العيش لدينا يحتاج إلى مورد مالي دائم، فقصدت "دمشق" للعمل في مهن خدمية، وقضيت فيها ثلاثين عاماً، خلالها تعلمت مهناً وحرفاً عديدة؛ كتصليح البوابير والغازات ولحام الأوكسجين وغيرها، وكان لدي الرغبة في البحث عن تفاصيل كل قطعة من القطع المستعملة وإعادة تركيبها واستخدامها، وحين انتهت تلك المرحلة عدت إلى القرية لأجد والدي يعمل في حرفة النجارة العربية في محله المتواضع، ويعد مؤسساً لتلك الحرف في القرية، الأمر الذي دفعني للعمل على مجموعة حرف يدوية، إضافة إلى ما تميز به الوالد الذي تعلمت منه الكثير من أسرار المصلحة والمهنة، وانتهجت نهجه بطريقة أكثر حرفية لكوني تعلمت أشياء كثيرة خلال مدة إقامتي في العاصمة، والأهم ما انتهجته من الوالد فيما يخص التعامل الاجتماعي والإنساني، وبدأت العمل على جعل العلاقة بيني وبين أفراد المجتمع قائمة على الصدق، ولهذا السلوك مسببات عدة؛ أولها التربية المنزلية، وثانيها الرغبة في ذلك، والثالث هو التأثر المباشر بالمحيط، فقد كنا نجاور الشيخ "محمد الحناوي" الذي عرف بتقواه ومسلكه الصوفي الروحاني، فلم نكن نستطيع ارتكاب أية مخالفة اجتماعية أو إنسانية أو أخلاقية».

وعن طريقة إصلاح الأدوات التالفة وبث روح العمل والاستثمار فيها؛ أوضح "الحناوي" بالقول: «يعرف المجتمع الريفي الزراعي بأن حياته الاقتصادية قائمة على الإنتاج، وفي المدة الأخيرة تغيرت الحياة وأصبحت متطلباتها اليومية تحتاج إلى أكثر من فرصة عمل واحدة لسد تلك الاحتياجات، فعاد المواطن إلى الآلات القديمة، وبدوري عملت على الاستفادة منها، كأن أعمل على تعديل مدفأة المازوت إلى الحطب، مع تركيب شبكة خاصة بها تجعل التحكم قائماً في استهلال الحطب وكأنه مازوت، فنجحت في إجراء شبكة لدخول الهواء من أسفل المدفأة، وبنفس الوقت ينزل الرماد المحروق على درج، وكذلك تصنيع إزالة جهاز الاحتراق وتعديله بقاطع معدني على ارتفاع محدود من الأرضية، وهذا القاطع مثبت جيداً حيث يسمح دخول الهواء ويعطي الاحتراق الكامل للحطب، وللاستفادة من كامل الطاقة الحرارية يوضع على المدخنة حاجز متمفصل ليحرك كمية الدخان الخارجة، حيث لا يحمل أي رائحة مزعجة أو مؤذية صحياً، كما عملت على تطوير الحرف اليدوية الأخرى كأدوات الفلاحة وغيرها».

سلمان الحناوي داخل محله

"أكرم خويص" من أهالي قرية "سهوة البلاطة" قال في لقاء مع مدونة وطن: «ما أنجزه "حناوي" خلال موسم الشتاء لهذا العام كان إنجازاً كبيراً لأهل القرية، حيث قدم مشروعاً متكاملاً يحمل الاستثمار بأقل التكاليف، وأقل استهلاك، ومن لم يحصل على مادة المازوت خلق له البديل بتوفير الاستهلاك من خلال الحطب، وبعامل صحي مضمون، هذا إضافة إلى الحرف الأخرى مثل أدوات الزراعة بأنواعها والبوابير والغازات وغيرها من الأدوات القديمة التي أعاد إليها التألق من جديد، ودخل السوق المحلية بجدارة وقوة من جديد».

أكرم خويص