عاش "قاسم أبو سعد" يتيماً وهو بعقده الأول، وأستمد قوة بنيته من الطبيعة، التصق بالبازلت ليكون البناء به، وتعلم في مدارس تقليدية، أقام معصرة للدبس من الحجارة، شجاعته سخرها لحل النزاعات، وقوته لسد احتياجات أهل قريته "حبران"؛ رياضي بألعاب تحتاج إلى البنية الجسدية القوية، وحكيم في اللحظات الحاسمة.

حول تاريخ ومآثر "قاسم أبو سعد" الملقب "أبو محمود" مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 شباط 2015، زارت قرية "حبران" والتقت "جدعان المغربي" رئيس الجمعية الفلاحية فيها، فبيّن قائلاً: «من المعلوم عند معظم أهالي قرية "حبران" أن المرحوم الشهيد "قاسم أبو سعد" واحد من العاملين في البناء والتعمير فكان اهتمامه بالأرض وزراعتها، بناء للحجارة البازلتية حتى إن بيوتاً عديدة عرفت أن بنّائها "قاسم أبو سعد"، تحمل شخصيته رؤية وعملاً وفعلاً؛ فيها تماهٍ مع الزمن الذي عاش به خاصة حين يتعلق الأمر بالطبيعة، ودافع عن أرضه وحل الكثير من النزاعات والخلافات الاجتماعية، وظل الوفي لقريته "حبران" وأهلها حتى استشهاده رحمه الله».

من المعلوم عند معظم أهالي قرية "حبران" أن المرحوم الشهيد "قاسم أبو سعد" واحد من العاملين في البناء والتعمير فكان اهتمامه بالأرض وزراعتها، بناء للحجارة البازلتية حتى إن بيوتاً عديدة عرفت أن بنّائها "قاسم أبو سعد"، تحمل شخصيته رؤية وعملاً وفعلاً؛ فيها تماهٍ مع الزمن الذي عاش به خاصة حين يتعلق الأمر بالطبيعة، ودافع عن أرضه وحل الكثير من النزاعات والخلافات الاجتماعية، وظل الوفي لقريته "حبران" وأهلها حتى استشهاده رحمه الله

ومن أهالي القرية "صالح مرشد" أشار بالقول: «من المعروف لدى المسنين في القرية أن المرحوم "قاسم أبو سعد" كان بناءً صنديداً، قوي البنية، عمل بجد، سخر شجاعته لحل النزاعات والخلافات بين أهالي القرية، وعمل على نشر الثقافة الاجتماعية من خلال حبه للعلم والمعرفة، وحلم بأسرة متعلمة وكان له ما أراد. حكيم في اللحظات الحرجة، كريم في الشدائد، فهناك علاقة بينه وبين البازلت حتى أصبح بين يديه كعجينة، محارب وطني، استشهد مدافعاً عن الأرض والعرض، بعد أن أخذ بثأره -قبل استشهاده- من أعدائه».

جدعان المغربي

حول سيرته الاجتماعية بيّن المعمر "محمود سعد" الملقب "أبو حسين" نجل المرحوم الشهيد "قاسم أبو سعد" قائلاً: «بعد بداية القرن الماضي كانت ولادته عام 1901 في قرية "القريّا" قرية "سلطان الأطرش"، أخذ عن والده قوة البنية وحب العلم والمعرفة فأجاد بعلمه المتواضع في الحساب وعلوم الدين واللغة العربية والتركية والفرنسية، عاش يتمياً مذ كان في العقد الأول من عمره، وحين توفيت والدته، ذهب عماه "بشير وسلمان" إلى قرية "سهوة البلاطة" وباعا أملاكه وأحضراه إلى قرية "حبران" وتنفيذاً لطلب "الحناوي" رحمه الله، أرسل للتعليم في قرية "العفينة" التي تبعد 5كم عن القرية بطرق لا تسير عليها إلا الخيول والمشاة بين الأشجار والمحفوفة بالمخاطر، درس وهو يعمل بالزراعة وحين طالب بأرضه قالا له: " تم صرفها على تعليمه"، الأمر الذي دفع به إلى العودة إلى "سهوة البلاطة" ليبدأ تقطيع الحجر وعقد القناطر وبناء البيوت، وتميز بهذه الحرفة حتى بات الناس يشيرون إلى ما عمله بالإعجاب، فاشترى منزلاً صغيراً، بنى شخصيته على احترام الآخرين والاهتمام بالعلم والعودة إلى أهل الرأي، خاصة أن بنيته القوية تلازمت مع التواضع، فضياع أملاكه جعله يصل الليل بالنهار في الزراعة وبناء الأحجار، ومشاحر الفحم، ليشتري رزقاً ويصبح من عداد الملاكين؛ حيث أقام معصرة من الحجارة لصناعة الدبس من "الزبيب" والعناقيد الجافة».

وعن سلوكه الاجتماعي أوضح نجله الثاني "عادل أبو سعد" الملقب "أبو حسن" بالقول: «حين توفي الوالد كنت أحبو، ولا أدركه، لكن كبار السن في القرية أكدوا لنا أنه كان يقوم بحل النزاعات والخلافات بين الناس برفقة "حمود الكريدي" الذي يكبره سناً، وهو في سن الخمسين وقبل استشهاده في 29 كانون الثاني عام 1954، نحت حجراً لمطحنة الزبيب على غرار ما يستعمل في معاصر الزيتون على شكل دولاب يتوسطه فتحة مربعة، ولم يتسنّ له نقله قبل وفاته ولايزال في سد "حبران" نراه عندما تهبط مياه السد، كما حدثتنا الوالدة أنه لم يكن ينام سوى ساعات قليلة وهو بثيابه خوفاً من الخطر وكي لا يتخلف عن ركب "الفزعة" سواء كانت لخوض معركة ما، أم لعبور ماشية من الوديان أثناء طوفانها، أم لنجدة من تخلف من الحصاد. أما حياته الرياضية فتميزت بقوته بنيته وباقتراحه للمبارزة بحمل "العمدة، التثبيت، المكاسرة"، والمعلوم أن العائلة التي يقف إلى جانبها تكون منتصرة، ومن الطريف أنه علم بهجوم عائلة على منزل شخص مكسور، فذهب لحمايته وحين رموه بالحجارة أخذ يستلقي الحجارة بيده من ضرباتهم ويردها عليهم حتى لم يبق منهم شخص إلا والدماء تسيل منه، حتى أثناء العمل الإلزامي أو "السخرة" وجدوا "مخل" لإزالة الصخور به لم يستطع أحد العمل به لوزنه الثقيل، فقال قائد العمال يومها من يستطيع حمله بيمناه، أجابه والدي أنا مقابل ماذا؟ قال له: "أعفيك أنت وأهل قريتك من "السخرة" فحملها بيمناه، ثم قال له لو رفعتها باليسرى أتعفي أهل قرية "العفينة"، فقال: نعم، وبالفعل رفعها باليسرى وأعفى أهل قرية "العفينة"، لعل شجاعته وحكمته جعلتاه يحمل مواقف بطولية خاصة؛ فحين استشهاده كان قد أخذ بثأره من أحد الجنود الذين حاولوا المساس بقائد الثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" فتقدم نحوه وضربه وقتله، فأعطي أمر إعدامه بطلقات نارية وخر شهيداً، وأسدل الستار عن حياة رجل عاش يتيماً وجاهد ثائراً لأرضه وعرضه ووطنه».

أبو حسن عادل أبو سعد
أبو حسين محمود أبو سعد