قلم الصحافة وريشة الفنان هما أهم ما تحمله جعبة الفنانة الصحفية "جمانا شجاع"، التي تقول إن عملها في الفن لا يختلف كثيراً عن عملها في الصحافة، فكلا الأمرين برأيها تعبير عن قضايا الناس؛ وإن اختلفت الطريقة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة الصحفية "شجاع"، في 25 شباط 2015، فتحدثت عن أهم أعمالها بالقول: «أعتبر أن المجموعة الفنية التي قدمتني للناس هي مجموعة راقصات الباليه التي أنجزتها عام 1995، في مشروع تخرجي في كلية الفنون الجميلة، لأن هذه الأعمال التي ضمت عشرين لوحة من الأعمال الكبيرة وتناولت فيها موضوعي الرقص والموسيقا كلغتين من اللغات الأجمل في تعابير الجسد، وتكلمت فيها فنياً عن المرأة التي أعدها رمزاً للخصب والعطاء وأساساً في البحث في أسطورة الخلق، كما أنني اعتمدت في هذه اللوحات على الألوان الترابية وخامة القماش، إضافة إلى المدرسة التعبيرية في رسم المضمونيات، وكانت الريشة أداتي الوحيدة في العمل، وقد عرضت هذه اللوحات في عدة معارض جماعية ومشتركة في مدينة "دمشق"، وكان من الجميل بالنسبة لي الاستحسان الذي لاقته من الحضور سواء أكانوا فنانين أم محبين للفن، أما بالنسبة للصحافة ومواضيعها الأهم، فأنا أعتبر كل التحقيقات التي عرضت قضايا الناس وساهمت في معالجة مشكلاتهم هي من أهم ما أنجزته خلال عملي في هذه المهنة».

"جمانا" فنانة من الطراز الرفيع، وصحفية متميزة، وأنا أعتبر أنها لم تحصل على حقها كموهبة بعد، فهي إضافة إلى أكاديميتها، إنسانه خلوقة وصاحبة حضور، كما لديها مخزون ثقافي متميز، وأنا أقدر لها -إضافة إلى صدقها في العمل واحترامها الشديد لمواعيدها- النشاط الاجتماعي الذي يجعلها شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يعلمون سر النجاح وسر الفشل

أما عن عملها في الصحافة وإمكانية تعارضه مع عملها كفنانة، فتتابع: «الفن والصحافة برأيي وجهان لعملة واحدة، وخاصة من ناحية الرسالة التي يقدمانها، فالفن هو رسالة كما هي الصحافة، بل هما رمز للهوية التي تنقل التاريخ بما يحتويه في فترة معينة من اتجاهات مجتمعية وفكرية، بل أنا أذهب أبعد من ذلك حيث أعتبر أن عملي بالفن أعطاني إحساساً أعلى في عملي الصحفي، ونحن كما نرى اليوم بعد التطور أصبح المواطن العادي يستطيع أن يكون صحفياً إذا امتلك اللغة والقدرة على نقل المعلومة، وأنا عندما أكتب مقالاً أعتبر أنني أرسم لوحة ولكن بلغة الكتابة وليس الرسم، والعكس فيما يخص الفن صحيح».

الفنانة الصحفية جمانا شجاع

وعن أسلوبها بالعمل الفني تتابع: «هناك هوية في أعمالي الفنية تتجلى في المواضيع المختارة وعناصر اللوحة، فالعمل يعتمد على فكرة، ولكن يجب أن تكون هذه الفكرة غير معلبة لدى الفنان، فالفكرة هي التي تجعل علاقة الفنان باللوحة علاقة حب قبل أن تكون علاقة معرفة، والفكرة بحاجة إلى رؤية ناضجة لكي يصبح الموضوع المرسوم صاحب دلالات لما يريد الفنان التعبير عنه سواء أكان الموضوع من الطبيعة أو البيئة أو الحياة بوجه عام، وأنا أحياناً أرفض الفكرة التي تقيد عمل الفنان ولا تعطيه الحرية التي يجب أن تكون أساس اللوحة، فعليك إن وقفت أمام مساحة بيضاء أن تكتب عليها ما هو حقيقي، وخاصة أنني أعتمد المدرسة التعبيرية التي لا تعتمد على رموز وتفاصيل، فالأسلوب التعبيري هو حالة تقديم للشكل من خلال لمسات في اللون دون التوقف كثيراً عند التفاصيل، وهذا الأسلوب يخدم الفنان بالبعد عن الشكليات والاعتماد على المضمون، وخاصة أن المضمون هو القيمة الجمالية الحقيقية للفن، ومع أن الفن في القرن الحادي والعشرين لم يعتمد على مدرسة معينة، ولكن هناك مقاربات تقول إن الفن فيه أقرب إلى المفهوم الواقعي والتعبيري، والحالة الواقعية التعبيرية هي السائدة في العمل لأنها تأخذ العمل بشكله ومضمونه، وأنا في هذا الأسلوب أشعر بجمالية خاصة في لوحاتي من خلال استخدام نظافة اللون ووضوحه، لذلك ترى في أعمالي طغياناً للألوان الواضحة والصريحة».

أما عن بداية التجربة الفنية والصحفية فتقول: «منذ الطفولة كان لدي ميول للرسم والكتابة؛ حيث بدأت باستخدام قلم الرصاص ودفتر الرسم منذ المرحلة الابتدائية، وكان هناك فضل لمدرستي حينها السيدة "مها مصطفى"، التي كانت تشتري لي بعض أقلام التلوين ودفاتر الرسم، لأنها لمست موهبتي، وأذكر أنهم كانوا يسمونني الفنانة الصغيرة، وكانت بعض رسوماتي تعلق على جدران المدرسة، وتطورت هذه الموهبة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، حيث بدأت بالرسوم الواقعية ورسم كل ما هو حولي، إلى أن كان التخصص في عام 1991، مع دخولي كلية الفنون الجميلة في "دمشق"، حيث بدأت الموضوعات من "البورتريه" إلى المشاهد التعبيرية تتضح وتنضج أكثر، وبداية العمل الصحفي كانت في عام 2002، حيث قبلت في قسم الإخراج في جريدة "تشرين"، ولكن هاجسي بالكتابة لم يتوقف وانتقلت من كتابة بعض المقالات النثرية الخاصة إلى العمل الصحفي المهني».

المخرج والفنان رفعت الهادي

أما بالنسبة للتقنية والأداة التي تتعامل معها في صياغة اللوحة، فتقول: «أنا أحب الألوان جميعها وخاصة فيما يخدم العمل الفني في اللوحة، وأستخدم الألوان الزيتية، لأنها ألوان ثابتة وواضحة وسهلة في التعامل مع الفنان، كما أنني أحب الريشة كأداة للرسم وذلك لأنها تعطيني الحرية في العمل وتساعدني على تأليف اللوحة فنياً ولونياً، وأحب الألوان الترابية والكولاج ولكن بشكل خفيف لأنها تعطي علاقة تناغم مع الطبيعة ولكن يبقى تثبيت التعبير للألوان الزيتية، وميولي في الألوان يتصدرها اللون الأزرق فترى في لوحاتي وجوداً واضحاً لهذا اللون لأنني أعتبره لون السماء ولون الراحة والنقاء، وربما لأنه فعلاً لون الأفق».

وفي حديث للفنان والمخرج "رفعت الهادي"، الذي يعرف الفنانة الصحفية "شجاع" وعمل معها، يقول: «"جمانا" فنانة من الطراز الرفيع، وصحفية متميزة، وأنا أعتبر أنها لم تحصل على حقها كموهبة بعد، فهي إضافة إلى أكاديميتها، إنسانه خلوقة وصاحبة حضور، كما لديها مخزون ثقافي متميز، وأنا أقدر لها -إضافة إلى صدقها في العمل واحترامها الشديد لمواعيدها- النشاط الاجتماعي الذي يجعلها شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يعلمون سر النجاح وسر الفشل».

الفنانة بين لوحاتها

يذكر أن الفنانة "شجاع" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1972، وخريجة كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1995، وحصلت على الدبلوم عام 1998، وتعمل صحفية في جريدة "تشرين"، ومدرسة في كلية الفنون الجميلة في "السويداء". وقد شاركت في معارض مشتركة كثيرة أهمها: معرض "رؤى إغريقية" في صالة السفارة اليونانية في "دمشق"، وملتقى "يا مال الشام" في "باب توما" هذا العام، ومعرض "افتراض في غزة" مع مجموعة من فنانين فلسطينيين وغيرهم.