رجل تساوى ظاهره بمضمونه، بدأ حياته الأدبية بمحاولات شعرية وقصصية ليصبح مدرساً لمادة الفلسفة، ويتبوأ الكثير من المهام في تربية "السويداء"، متعاطيا التوثيق لحكايات هذه المحافظة التي يحبها كما يحب سائر مدن ومحافظات الوطن العربي الذي مازال يؤمن بقوميته.

مدونة وطن eSyria التقت الأستاذ "إسماعيل الملحم" في 28 أيلول 2014 فتحدث بالقول: «اعتبر أن العمل الأهم الذي أنجزته كان التدوين التفصيلي لمعركة "المزرعة" الشهيرة، والتي تعد وراء تغير تسمية البلدة التي اسكنها، وهي بلدة "السجن" سابقاً والتي أصبح اسمها "المزرعة"، وكان ذلك بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لمعركة "المزرعة"، حيث رغبت في إنتاج كتاب يحفظ لهذه المعركة أهميتها ودورها في النضال الوطني والقومي، وكتبت كتاب "معركة المزرعة ملحمة السلاح الأبيض" تحدثت فيه عن موقعة المزرعة في سياق النضال القومي والوطني الذي كان فيه للجدل دور قيادي، وفصلت بعض الشيء في أسباب المعركة ونتائجها ومجرياتها بالاعتماد على المراجع والوثائق، فمعركة المزرعة هي ثاني معارك الثورة السورية الكبرى، وهي درة معارك هذه الثورة العظيمة وواسطة العقد فيها، وقد حدثت في 2-3 آب من عام 1925».

الأستاذ "الملحم" أديب من الطراز الرفيع، وهو أحد كتاب المحافظة الجادين، وقد عملت معه في الشأن الثقافي والأدبي، وكنت سعيداً بمتابعة إنتاجه في الدراسات الفكرية والأدبية، حيث لمست عنده الرغبة الحثيثة في القبض على الحقيقة كما في كل كتبه، التي ينتصر فيها للحقيقة دائماً، أما بالنسبة للغته في الكتابة فهو بعيد عن الإنشاء ويغلب عليه لغة الباحثين العلمية، والأستاذ "إسماعيل" رجل خلوق وصاحب حضور، كما لديه مخزون ثقافي مميز، وأنا أقدر له بالإضافة إلى صدقه في العمل واحترامه الشديد لمواعيده، نشاطه الاجتماعي الذي يجعله شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يؤمن بهم

أما عن بدايته في الكتابة فيقول: «بدأت الكتابة عندما كان عمري أربع عشرة سنه على أوراق ودفاتر قديمة، وكان ذلك في عام 1953، في الصف الثامن، وكانت الكتابة عبارة عن محاولات شعرية وقصصية تداولتها مع صديق لي اسمه "فؤاد مرعي"، حيث كنا نتبادل النقد وهو يكتب شعراً وأنا أكتب منوعات، وتطورت هذه الحالة عندما بدأنا بالدراسة الجامعية، حيث بدأت النشر بالمجلات والصحف العربية والمحلية، في مجلة الآداب اللبنانية عام 1964، بعدها في الصحف المحلية، بالإضافة إلى جرائد البعث والثورة وتشرين خاصة، وفي مجلة جيش الشعب ومجلة المعرفة والموقف الأدبي والفكر السياسي وجريدة الأسبوع الأدبي هذا داخل القطر، اما خارجه فقد نشرت في مجال الأدب في المستقبل العربي والوحدة والناشر العربي والثقافة العربية، ونشرت في مجلتي العربي الكويتية، وكل المقالات كانت فكرية وتربوية، وهناك مقالات جمعت في كتاب وأكثر، وهي التي تتعاطى في الفكر القومي والفكر التربوي، بالإضافة إلى أنني نشرت 40 دارسة في ملحق البعث الإداري تحت عنوان معوقات وتوقعات الأداء الإداري وكان ذلك بين أعوام 1978 و1982».

الأستاذ إسماعيل الملحم

ويتابع عن تطور عمله الأدبي وانتقاله إلى الكتابة والتوثيق بالقول: «انتقلت إلى الكتب عندما بدأت العمل في الكتب المدرسية بصفتي مدرساً، حيث ألفت كتاباً في التربية وعلم النفس التربوي بحكم اختصاصي في مادة الفلسفة، وهذا لم يمنع من متابعة النشر في مجالات تربوية في مجلة صوت المعلمين وبناة الأجيال والمعلم العربي ومجلة التربية القطرية، وهذه الكتب هي كتب مدرسية تتعلق بمناهج مادتي التربية العامة وعلم النفس التربوي، وألفت بعدها كتاب يعنى بالطفل وأدبياته في مرحلة نشاطه في عام 1979، والكتاب على حد زعمي يصلح أن يكون دليلاً لمن يعتني بأدب الطفل، والكتاب بعنوان "كيف نعتني بالطفل"، وفي الوقت نفسه شعرت بأن ما يكتب في مجالات الفكر القومي العربي يختلط في المادة الصحفية بالمادة الثقافية، وان الفكر السياسي العربي أصبح مطية للمتنفذين في مواقع السياسة العامة، فكثر فيه الارتجال، فكتبت كتاب "العروبة دراسة في الوحدة الشخصية القومية"، تم تتالت الكتابات التي كان آخرها كتاب في موسوعة محافظة "السويداء" في الرواية، تناولت فيه عدداً من كتاب المحافظة، والدراسة كانت عن 25 رواية تحدثت عن الحياة الاجتماعية والعقائد، وتم المقارنة بينها من ناحية وجه الاختلاف والشبه، والكتاب بالتالي يمثل دراسة في باب الانتربولوجيا، وهو 300 صفحة يقدم للقارئ صورة عن المحافظة وتطور المفاهيم فيها وعن تطور الحياة الاجتماعية فيها، بالإضافة إلى انه يؤرشف للأعمال الروائية في المحافظة وهي مقاربة ثقافية اجتماعية تاريخية».

وفي قراءة للدكتور "ثائر زين الدين" مدير ثقافة "السويداء" وصديق الأستاذ "الملحم يقول: «الأستاذ "الملحم" أديب من الطراز الرفيع، وهو أحد كتاب المحافظة الجادين، وقد عملت معه في الشأن الثقافي والأدبي، وكنت سعيداً بمتابعة إنتاجه في الدراسات الفكرية والأدبية، حيث لمست عنده الرغبة الحثيثة في القبض على الحقيقة كما في كل كتبه، التي ينتصر فيها للحقيقة دائماً، أما بالنسبة للغته في الكتابة فهو بعيد عن الإنشاء ويغلب عليه لغة الباحثين العلمية، والأستاذ "إسماعيل" رجل خلوق وصاحب حضور، كما لديه مخزون ثقافي مميز، وأنا أقدر له بالإضافة إلى صدقه في العمل واحترامه الشديد لمواعيده، نشاطه الاجتماعي الذي يجعله شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يؤمن بهم».

الدكتور ثائر زين الدين

يذكر أن الأديب "الملحم" من مواليد عام 1939، وحاصل على إجازة في التربية والعلوم الاجتماعية والنفسية عام 1962، من جامعة "دمشق" وشغل عدة مناصب، حيث عمل مدرساً من 1962 وحتى 2002، ثم مديراً لدار المعلمين 1978، وحتى عام 1981، ثم رئيساً لفرع اتحاد الكتاب العرب "بالسويداء" من عام 2000 حتى عام 2010، وقد ألف 12 كتاباً، منهم "كتاب العروبة ودراسة وحدة الشخصية القومية" وهو خصوصية في الثقافة القومية وجدل في الثقافة والسياسة، وكتاب "كيف نعتني بالطفل وأدبه" وكتاب "تعلم الطفل في الأسرة والمدرسة"، وكتاب "الإنسان والتربية في عصر المعلومات"، وكتاب "تنشيط قدرات الطفل على التعلم"، وكتاب " أعلام خالدون".

نصب شهداء معركة المزرعة التي كتب عنها الملحم