هو مزارع وفلاح يقضي جل أيامه في البساتين البعيدة، يتميز بتواضعه وحبه لقريته وأهلها، تسلم "المخترة" بناء على طلب أهل قريته في منتصف الثمانينيات، ولكنه اشترط عليهم شرطاً واحداً قبلوه بعد جدال، واقتصرت مهمته على تسيير قضايا الناس بكل طيب خاطر، والمساهمة في الأعمال التي تهم المصلحة العامة.

مدونة وطن "eSyria" التقت مختار قرية "أم الرواق" السيد "نايف سراي الدين" يوم الإثنين الواقع في 15 أيلول 2014، الذي تحدث عن ظروف تسلمه للمخترة، فقال: «كان جدي "إسماعيل سراي الدين" مختار القرية في الماضي، وبعد وفاته اختار أهل القرية المرحوم "حسن نصار" مختاراً جديداً بدلاً منه، وبقي كذلك حتى وفاته في منتصف الثمانينيات؛ حيث اجتمع الأهالي مع الفعاليات الشعبية وطرحوا اسمي لتولي المخترة، كنت متردداً في البداية، واعتذرت خوفاً من ألا أخدم أهلي بالطريقة المناسبة، فالأعباء التي كان يقوم بها المختار كبيرة وصعبة، ووقته يجب أن يكون دائماً للمصلحة العامة، وقد اشترطت عليهم إن قبلت بالمهمة أن أعمل دون مقابل ولا يحرجني شخص بذلك، وقد قبلوا شرطي بعد جدال طويل، وقد قضيت كل هذه السنين وأنا على عهدي مع الناس أشاركهم أحزانهم وأفراحهم، وعلى الرغم من عدد العائلات الكبير في القرية إلا أن الناس فيها متحابون ومتعاونون بشكل كبير، وهو ما يجعل مهمتي سهلة».

هو جارنا وصديق الكبير والصغير، الذي ساهم مع أهالي القرية في عدد من الأعمال التي انعكست على الواقع الاجتماعي في القرية، مثل: "موقف البلد" الذي يخصص للمناسبات العامة، حيث قام الأهالي ببنائه دون دفع قرش واحد عدا أجرة (الجبالة)، وكذلك قيامهم بالمحافظة على نبع المياه المسمى "عين عباس" وحفظه من الضياع، ويعمل في زراعة التفاح الذي دخل كزراعة أساسية للفلاحين، وهو من المزارعين المتميزين في ذلك، إضافة إلى خدماته في العمل بـ"المخترة" دون أي مقابل مادي

كانت وظيفة المختار في قرى الجبل عسيرة وصعبة، وخاصة في أيام الشتاء والثلج، وهو المعني الأول بمشكلات الناس، ومع التطور الحضاري والتقني باتت مهنته خالية من التعقيد وتقتصر على المناسبات، وهو ما يصفه المختار "سراي الدين" بالقول: «تهطل الثلوج في القرية بكميات كبيرة كانت تغطي معها البيوت وتقفل الطرق، وتقطع الكهرباء لأيام طويلة، وكنا نتعاون معاً من أجل أن تمضي العاصفة دون أن يتأذى أحد خاصة كبار السن الذين يحتاجون للرعاية والاهتمام، وكنا في السابق نستقبل الضيوف القادمين من القرى البعيدة على ظهور الخيل، فإذا كان عددهم قليلاً كان المختار مسؤولاً عن مبيتهم وضيافتهم، وكذلك إطعام الخيل ورعايتها، وهو المعني مع شيخ البلد وكبارها في حل كل المشكلات مهما كانت، وكذلك القيام بالواجبات داخل القرية وخارجها، إضافة إلى المعاملات الخاصة بالناس مثل الولادات الجديدة والوفيّات وغيرها، أما اليوم فالضيف يأتي بسيارته ويذهب، وكل شيء متوافر، وباتت البنية التحتية جاهزة لكل طارئ حتى لو كان هناك عاصفة ثلجية، كانت الحياة في السابق أقل تعقيداً من الآن والبساطة تغلف حياتهم على الرغم من كل المعاناة والفقر، والآن تجد الناس مشغولين بمحاولة تحسين واقعهم المادي، والاهتمام بتعليم أبنائهم».

موقف البلد الذي بني بالتعاون بين الأهالي.

وعن العمل الذي يقوم به، تابع: «أنا فلاح ومزارع، والعمل في الأرض هو رزقي ورزق عيالي، وعدا المواسم التي تزرع كالعادة بالقمح والشعير فقد ورثت أرضاً مساحتها ثلاثين دونماً في "مطخ الذبان" الواقع بين قريتي "أم الرواق" و"العجيلات"، وقد شجرت القسم الأكبر منها بالتفاح في العام 1999، وكذلك زرعت التين والعنب، ولو توافرت المياه بشكل دائم لكانت هذه الأرض نموذجاً مشجعاً جداً لكل المزارعين في المنطقة، وعلى الرغم من قلة الأمطار في السنوات الأخيرة إلا أنها تعطي بشكل جيد، ونكتفي منها مع أولادي الثلاثة: "تيسير"، و"حسان"، و"مرسل". وبدأنا في السنتين الأخيرتين نبيع المحصول، وهي تشكل ضمانة لنا جميعاً، وكانت خطوة مهمة من أجل الفلاحين الذين لهم أرض في هذه المنطقة، وهذا العمل يمدني بالسعادة ويجعلني أشعر بالقوة على الرغم من أنني من مواليد العام 1940».

وقد تحدث السيد "حمد صعب" ابن القرية عن معرفته بالمختار "نايف سراي الدين" والأعمال التي يقوم بها: «هو جارنا وصديق الكبير والصغير، الذي ساهم مع أهالي القرية في عدد من الأعمال التي انعكست على الواقع الاجتماعي في القرية، مثل: "موقف البلد" الذي يخصص للمناسبات العامة، حيث قام الأهالي ببنائه دون دفع قرش واحد عدا أجرة (الجبالة)، وكذلك قيامهم بالمحافظة على نبع المياه المسمى "عين عباس" وحفظه من الضياع، ويعمل في زراعة التفاح الذي دخل كزراعة أساسية للفلاحين، وهو من المزارعين المتميزين في ذلك، إضافة إلى خدماته في العمل بـ"المخترة" دون أي مقابل مادي».

عين عباس النبع الذي ما زال يتدفق.
كروم التفاح من عمل المختار.