بين النجاح والفشل حلقة أدارها "فداء غرز الدين" لتجعله مدرس اللغة الإنكليزية المتمكن من آداب الرواية والمسرح وكتابة الأغاني التي قدمها بهذه اللغة التي شغف بها.

تجربة شاملة ننقلها عبر مدونة وطن "eSyria" التي التقت الأستاذ "فداء غرز الدين" بتاريخ 14 آب 2014:

طاقة غريبة شغوف باللغة، وكنت قد التقيته طالباً للسنة الثالثة أدب إنكليزي، وذهلت لتمكنه الواضح من اللغة والجهد الكبير الذي بذله في إتقانها، ووضع بين يدي رواية كتبها، كل هذه المواضيع جعلتني أثق به أستاذاً للغة متفوقاً بطريقته الدرامية لفهم اللغة، لينقل هذه الدراما في جلسات التعليم محملة بتجربته الكبيرة في كتابة الأغاني والنصوص، ليجعل طلابه يعيشون معه أفكاره وتجاربه، وليعطي للغة حياة وحضوراً لتدخل في عالم طلابه الذين استفادوا من اللغة كقيمة ثقافية، وهذا من وجهة نظري ساهم في توسيع نطاق متكلمي اللغة، خاصة أنه أتقن اللغة وفق حالة وتمكن المتكلمين الأصليين بها، بالتالي فإنه امتلك مفاتيح التعرف بأدبها وفنونها، ونتوقع منه المزيد خاصة أنه أنجز مشاريع متعددة كان من أهمها تنظيم جلسات شبه منتظمة للناطقين باللغة وتطوير مهاراتهم اللغوية

  • تماهيت مع اللغة الإنكليزية وتعمقت بها، هل هي حالة من البحث رغبت عبورها؟
  • الأستاذ فداء غرز الدين

    ** قد لا يصدق طلابي اليوم أنني ولغاية الشهادة الثانوية الصناعية كنت طالباً فاشلاً، وكانت علامتي متدنية لدرجة أنني دخلت المعهد الصناعي بصعوبة، لكنها حالة أصفها بتلقي الوحي عندما دعاني أحد الرفاق للاستماع إلى فيديو لمطربة أميركية، حينها لم أتمكن من قراءة اسمها واستعنت بأختي التي قامت بجهد كبير لأتمكن من حفظ الاسم "Britney Spears"، أغنية أذهلتني بجمال الاستعراض واللحن، وحفظت اللحن واستعنت بصديق لأعرف معانيها، وكانت خطوتي باتجاه اللغة.

    حيث قررت العودة للدراسة لأدرس وبشكل ذاتي وبلا دورات مساعدة للشهادة الثانوية الفرع الأدبي، وكانت النتيجة مثل الحلم نجاح مع علامة تامة باللغة الإنكليزية، التي درستها بهدوء وفق ارتياحي للغة وحلم كبير بإتقانها، ولأنني أخذت أرتبط باللغة التي عنت لي الكثير وبناء على هذه العلامة قبلت في الأدب الإنكليزي، لتبدأ رحلة جديدة زاد عشقي فيها للغة، ولم أكن باحثاً عن إتقان النطق بها بل التعامل معها كنافذة للثقافة والتعرف على كل ما ارتبط بها من أدب ومسرح وفنون، وشعرت بحالة يصدق عليها وصف حالة من البحث لم تنته لغاية هذا التاريخ الذي أشتغل فيه على مشروعي اللغوي بقناعة كبيرة أن اللغة ثقافة تنقل روح المجتمع الناطق بها، وتفاصيل الحياة الإنسانية التي هي محور الأعمال الأدبية والفنية والثقافية بشكل عام.

    الأستاتذة بلقيس أبو عسلي مديرة معهد بلقيس

  • بين النص العربي والإنكليزي فارق يتمثل في استخدام المفردة وطرق إيصالها، كيف تجاوزت هذا الفارق لتعد نصوصك الإنكليزية؟
  • ** يبدو أن عدم التعمق بالأدب العربي وإجادة إنتاج النص باللغة العربية، كان فرصة للاعتماد على خاصية أعتبرها فطرية في التعامل مع اللغة التي أعتبر نفسي اكتسبتها ولم أتعلمها، وما أشعر به أنها شغلت فراغ علاقتي مع اللغة العربية وعدم تثقفي الكبير بها كأدب، ليكون لصياغة النصوص حالة تتقارب مع طبيعة كتاب اللغة الأصليين، أي إنني لم أكن أفكر باللغة العربية وأقوم بالترجمة لمشاعري وأفكاري للغة الإنكليزية، وكانت هذه الميزة، وبعد زيادة الاطلاع على آداب اللغة أخذتني حالة أكثر فطرية لأصوغ وأكتب خلال مرحلة الدراسة أكثر من ستين أغنية، ومن بعدها انتقلت للنصوص الأدبية بعد دراسة عميقة لمادة النثر ومطالعة واسعة لأدب "شكسبير" ومقررات لم أدرسها بهدف النجاح فقط، بل بهدف المعرفة وتجاوز أخطاء اللفظ التي اكتشفتها مع بداية العام الأول، وعاهدت نفسي على النجاح وكنت أحاول بإصرار ألا ألفظ كلمة أو أستخدمها إلا بعد العودة للقاموس، متجاوزاً بذلك مراحل متعددة خلال فترة قصيرة ساعدتني على الكتابة وإنجاز نصوص قدمت لي معرفة جديدة، ونالت رضا واستحسان الأساتذة.

  • أنجزت روايتك الأولى في السنة الثالثة من الدراسة وكانت وفق اعتراف الأساتذة منسجمة مع المناهج، حدثنا عن مقومات هذه التجربة ومضمون الرواية؟
  • ** لأنني تعاملت مع اللغة بشغف وجدت نفسي قادراً على الاقتداء برواد الأدب والنثر، لأقدم نصاً روائياً عالج في تلك المرحلة تجربة شاب وسيم خطف قلب فتاة، ليس له علاقة بالتعليم والجامعات، ويعتمد على قدرته على نسج الحياة الرومانسية وقدرته على الجذب، ونظهر هنا جانباً من حياته والشرخ الكبير فيها، وكيف ابتعد عن العائلة بسبب ظروف معينة، وقد حاولت من خلالها تطبيق نماذج السرد الأقرب لمجتمعنا، وكانت المناطق بأسماء عربية محلية، لكن فكرة التعاطي مع النص كانت أميركية بحتة جهدت فيها على إظهار اللكنة وتجسيدها وفق مسار درامي جميل، وعلى الرغم من المقاطع الجريئة التي حوتها الرواية إلا أنها وفق أساتذتي كانت قابلة للتدريس ومناسبة للمناهج، واليوم أستفيد منها في تعليم طلابي، وقد قدمها أساتذتي للطلاب في المرحلة الجامعية وفق منهجية الدراسة، كما عبروا لي عن التجربة في تلك المرحلة.

  • بحوث اللغات بحر للراغب كلما تعمق به زاد عطشه، حدثنا عن تطورات التجربة التي جعلت منك أشهر مدرسي اللغة ومن ضمن كتاب أدبها؟
  • ** على الرغم من عدم تمكني من نشر الرواية بشكل كبير إلا أن التجربة حملت لي الكثير، ليكون لاهتمامي بالغناء والموسيقا أثر في تصميم أفكار الدراما التي أعايشها، فالدراما مكون مهم يتلاقى مع روحي، ومنه أستمد طاقة كبيرة لنسج مذكراتي في مرحلة اغتراب قصيرة عشتها في دولة قطر، ونصوص أدبية أعد لنشرها لكونها تقتبس الكثير من تجربتي الخاصة في علاقتي مع اللغة كنوع من التثقف أنقله لطلابي، ولعدد كبير من متكلمي اللغة في المحافظة، وقد عقدت عدة جلسات أعرض فيها ما كتبت نناقشها بشكل موسع إلى جانب مجموعة أنشطة ارتبطت بعدد كبير من كلمات الأغاني، واستفدت من التقنيات الحديثة في تسجيلها ليكون لدي اليوم ألبومان من الأغاني التي انتشرت بين طلابي، ولدي أمل كبير في تسجيلها لتأخذ طريقها للجمهور، ومع هذه النصوص وعدد من النصوص المسرحية نفذتها مع طلابي، استطعت إظهار مواهب أدبية لعدد من طلابي إلى جانب كتابة النصوص المسرحية وسيناريو لأفلام قصيرة مستقاة من "ماكبث" نفذناها من خلال مركز "بلقيس للغات"، واليوم نستعد لتجربة مسرحية جديدة قدمت لي تأكيداً على أن التفاعل بهذه الطريقة مع اللغة حقق نتائج تساعدنا على الخروج من الحالة التقليدية لتعلم اللغة والتثقف بآدابها ومسرحها وفنونها المختلفة.

    ليس كاتباً ولا فنان مسرح أو كاتب أغانٍ بالنسبة للأستاذة "بلقيس أبو عسلي" مديرة معهد "بلقيس" للغات، هو طاقة لغوية صحيحة لإعداد جيل متعلم للغة، قالت: «طاقة غريبة شغوف باللغة، وكنت قد التقيته طالباً للسنة الثالثة أدب إنكليزي، وذهلت لتمكنه الواضح من اللغة والجهد الكبير الذي بذله في إتقانها، ووضع بين يدي رواية كتبها، كل هذه المواضيع جعلتني أثق به أستاذاً للغة متفوقاً بطريقته الدرامية لفهم اللغة، لينقل هذه الدراما في جلسات التعليم محملة بتجربته الكبيرة في كتابة الأغاني والنصوص، ليجعل طلابه يعيشون معه أفكاره وتجاربه، وليعطي للغة حياة وحضوراً لتدخل في عالم طلابه الذين استفادوا من اللغة كقيمة ثقافية، وهذا من وجهة نظري ساهم في توسيع نطاق متكلمي اللغة، خاصة أنه أتقن اللغة وفق حالة وتمكن المتكلمين الأصليين بها، بالتالي فإنه امتلك مفاتيح التعرف بأدبها وفنونها، ونتوقع منه المزيد خاصة أنه أنجز مشاريع متعددة كان من أهمها تنظيم جلسات شبه منتظمة للناطقين باللغة وتطوير مهاراتهم اللغوية».

    الجدير بالذكر أن الأستاذ "فداء غرز الدين" تولد 1985، خريج جامعة "دمشق" قسم اللغة الإنكليزية 2009، مدرس في معهد "بلقيس" للغات، ومدرسة "شمس النموذجية"، ومعهد "اللينغوافون"، ومن الأسماء التي اشتهرت بتخصصها اللغوي، وما أنتج من نصوص يستفيد منها طلاب الأدب الإنكليزي والمهتمين باللغة الإنكليزية.