لم تكن "حياة نصر" موعودة في يوم من الأيام أن تصبح شاعرة، ويبدو أن للبيت الذي نشأت به علاقة كبيرة في ذلك، فالأم المحافظة دأبت على تربية بناتها بطريقة أورثتهن الخوف والخجل، وتحول هذا الأمر في عالم "حياة" إلى شعور دائم بالخجل، وعدم الثقة بالنفس، إلى أن أصبحت شاعرة يشهد لها كبار النقاد، على الرغم من تجربتها التي لا تتجاوز المجموعتين.

تقول الشاعرة "حياة" لموقع eSuweda يوم الخميس الواقع في 13/8/2009 عن طفولتها: «أنا من بلدة تاريخية اسمها "نجران"، ولدت عام 1963، وعشت فيها طفولة عادية، تعلمت في مدارسها حتى الصف الثامن، حيث التحقت العائلة بالوالد الذي يعمل في شركة النفط بمحافظة "الحسكة"، وكانت هذه الفترة الطويلة لها أكبر الأثر في حياتي، من حيث العادات والتقاليد والبيئة الاجتماعية الجديدة، واستمرت لما بعد الشهادة الثانوية، حيث دخلت معهد إعداد المدرسين، وفي السنة الأولى تزوجت، وعدت إلى "السويداء"، واستمرت حالة الخجل التي حملتها معي منذ الطفولة».

إن أحلامي صغيرة، وأتمنى ان أعبر عن الناس، وخاصة عن النساء بكل حالاتهن، من فرح وقهر، وككل أم أتمنى أن أرى أبنائي الأربعة يحققون ما يرغبون به

وعن تجربتها الأدبية، وعلاقتها بالأدب قالت: «كان كتاب "المنفلوطي" "عبرات ونظرات"، هو المحفز الأول الذي دعاني لقراءة الأدب، وكان ذلك في الصف السابع، والأثر الأكبر تركه "نجيب محفوظ" من خلال روايته "ثرثرة فوق النيل"، وكانت الخواطر التي أكتبها دون أن يطلع عليها أحد، وسيلتي لأفرغ ما بجعبتي من قلق نحو هذا العالم الواسع، واستمررت على هذا الواقع إلى أن دخلت عالم التدريس الذي أحب، حيث رحت أحول الدروس إلى ما يشبه المسرح، وأعتقد أنني نجحت في ذلك، خاصة أن الصغار استوعبوا الفكرة سريعاً، وأصبحوا ينتظرون مني كل جديد ليحفظوه عن ظهر قلب».

أكدت الشاعرة "حياة نصر" أن زوجها كان له تأثير قوي في مسيرتها القصيرة مع الشعر، وقالت: «إن زوجي "صابر الملحم" محب للأدب وقارئ جيد، ومشجع دائم لي، على الرغم من المسؤوليات المنزلية لكلينا، وما يتطلبه تربية أربع أطفال من جهد وعناء، وهو ما دفعه للسفر بهدف تحسين الوضع المادي، وهو ما أثر على انطلاقتي الأدبية، وانقطاعي عن القراءة والتواصل مع الأدب والمشتغلين به، وبطبيعة الحال نحن نسكن في قرية اسمها "برد" تبعد عن مدينة "السويداء" مسافة 35 كم، وناسها قرويون طيبون، وكان هذا يسبب لي بعض الحرج والخجل، إلى أن وصلت بعض الخواطر التي كتبتها ليد الأستاذ "موفق نادر" الذي علق عليها على أنها شعر نثري وليست خواطر، وكتب عنها أنها تجربة جميلة، لكنها مخنوقة بالقافية، وهناك موهبة إبداعية واضحة، لا بد لها أن تنهض في المستقبل».

بعد هذا الإطراء من شاعر لا يعرف المجاملة، ويخافه الكثيرون لنقده اللاذع، انطلقت "حياة" في أول الخطا نحو تأليف مسرحية للأطفال بعنوان التعاون، ضمنتها ما كانت قد علمته لطلابها الصغار طوال 15 عاماً، وهو الشيء التي تعتبره أنه حلم تحقق بعد صبر طويل في غياهب النسيان، كان ذلك عام 2001، وكرت السبحة بعد ذلك، فولد ديوان "ثرثرة الريح للأغصان" عام 2006، و"آتون" عام 2008، وهي بصدد إصدار ديوانها الثالث الذي يحمل اسم نثيث تقول إنها خرجت قليلاً من عباءة الوجدانيات، وضمنته مواضيع مختلفة قليلاً عما سبقه.

تبقى أحلام الشاعرة "حياة" ضمن إطار الممكن، وتقول: «إن أحلامي صغيرة، وأتمنى ان أعبر عن الناس، وخاصة عن النساء بكل حالاتهن، من فرح وقهر، وككل أم أتمنى أن أرى أبنائي الأربعة يحققون ما يرغبون به».