من "السويداء"، ومن قرية "امتان" التي تميزت بآثارها وأوابدها التاريخية وحجارتها البازلتية، والتي ترتفع عن سطح البحر حوالي 1250 متراً، سطع نجم ريما مسعود المدرسة الجامعية في جامعة دمشق- كلية الآداب- قسم اللغة العربية، التي ابتدأت بشهادة محو الأمية ووصلت إلى مرحلة الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها.

على أعتاب مكتبة الأسد في "دمشق" وبتاريخ 21/6/2008 تحدثت الأستاذة "ريما مسعود" لموقع eSuweda عن شخصيتها قائلة:

ولدت عام 1973 على أرض قرية "امتان" التي أعشق هواءها العليل وترابها النقي، من عائلة متوسطة الدخل، والدي يعمل معلماً حاول زرع حبه للتعليم وإصراره على التعلم فينا، والدتي ربة منزل ولديّ شقيقان: "خلدون" وهو الآن مدير المصرف الصناعي في السويداء بعد أن حصل على شهادة الحقوق، و"شادي" وقد شاطرني الحياة في فقدان البصر ودراسة الاختصاص نفسه في جامعة "دمشق" وهو الآن يعدّ نفسه لمناقشة الماجستير في الأدب العربي بالجامعة ذاتها، وأنا بينهما (أخويّ خلدون وشادي)، انتقل والدي إلى مدينة السويداء بحكم العمل لأدخل التعليم الإلزامي وفي السنة الرابعة من عمري فقدت بصري نتيجة لمشاكل بصرية ومعالجات طبية سيئة أودت ببصري وألزمتني أن أعيش ببصيرتي، تعلمت في معهد المكفوفين إلى الصف الرابع، ثم غادرت المدرسة وبعد ست سنوات من تركي التعليم وبقائي في المنزل قررت متابعة الدراسة وتقدمت لنيل شهادة محو الأمية وحصلت عليها بالمركز الأول، وفي العام الذي يليه عدت إلى معهد رعاية المكفوفين لمتابعة الدراسة في الصف الأول الإعدادي وفي العام ذاته تقدمت إلى الشهادة الإعدادية /حرة/ وكنت الأولى وحصلت على /252/ علامة، لأتابع دراستي في الثانوية بطريقة الدراسة الحرة أيضاً ونجحت في الشهادة الثانوية وكان تقديري من العشرة الأوائل على طلاب القطر وفي المركز الأول في السويداء، ودخلت جامعة دمشق كلية الآداب وبفضل الله عليَّ كنت الأولى في السنة الأولى والثانية في السنة الثانية وذلك لأسباب صحية جعلتني أتراجع، والأولى في السنة الثالثة والرابعة الأمر الذي جعل إدارة الجامعة تمنحني جائزة الباسل للتفوق الدراسي وكنت الخريجة الأولى في جامعة دمشق، ثم تابعت دراسة الدبلوم ونلته بتقدير جيد جداً وحصلت على المرتبة الثانية فيه، وأنا الآن أعد العدة لمناقشة رسالة الماجستير قريباً إن شاء الله، وحالياً اعمل مدرّسة في جامعة دمشق للطلاب غير المختصين، كما حصلت على شهادة ممارس في البرمجة اللغوية العصبية ومكرمة من قبل وزير التعليم العالي الإيراني والسفير الإيراني في اللغة الفارسية.

المعلمة أنعام العماطوري

الآنسة "ربيعة أحمد" أوضحت علاقتها بالأستاذة "ريما مسعود" قائلة: أنا على معرفة بها منذ عام أو أكثر، وهل من الممكن أن أذكر اسمها هكذا؟ أم أقول إنها هي المعلمة والأخت والصديقة التي كان لها التأثير الكبير عليَّ وبشكل عام الكثير تعلمته منها خلال هذه الفترة فأنا كنت أقضي معها الوقت الذي لم يكن لأهلي أو عائلتي أن نحوز على نصفه أو القليل منه، هي إنسانة بل معلمة بكل معنى الكلمة هذه حقيقة يمكن أن يدركها أي شخص آخر من خلال التعرف عليها أو التحدث معها لمجرد ساعات قليلة جداً، أتمنى لها كل السعادة وأن تكون في أعلى المراتب ولكل من سمع عنها أو قرأ هذه الأسطر القليلة عنها أن يلتقي بها ويتعرف عليها ويدرك الحقيقة عنها التي هي معلمة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني.

السيدة "انعام العماطوري" معلمة (جارة ريما) ذكرت أن الأستاذة "ريما مسعود" هي ظاهرة إنسانية أولاً وعلمية ثانياً، وإرادة قوية في تحقيق هدفها المنشود، بل أجزم القول إنها ارتقت بالعلم والمعرفة إلى مصاف أن أصبح العلم لديها عادة وفقهاً ذاتياً فتراها تنتقي جملها ومفرداتها اللغوية وهي عاشقة للتربية وأساليبها الحديثة من حيث البرمجة العصبية، فقد استطاعت أن تتقن التربية واللغة معاً ولعمري إنها مقدرة كبيرة في زمننا الثقافي والمعرفي.

الاستاذة ريما مسعود

ولدى محاورة موقع eSuweda للأستاذة "ريما مسعود" أجابت:

  • ما سبب دراستك اللغة العربية؟..
  • ** سبب دراستي للغة العربية وراءها حكاية، لقد درست في بدايتي الجامعية التربية قبل اللغة العربية، ولكن وأنا في السنة الأولى في المحاضرة الأولى في كلية التربية، وقفت إحدى الزميلات وقالت للأستاذ المحاضر: كيف للمكفوف أن يدرك الأشياء فيعرف أن الشجرة شجرة أو الجدار جدار، الأمر الذي فجر في ذاتي سؤالاً مفاده كيف يمكنني متابعة الدراسات العليا والحصول على الدكتوراه وكثيرون يعتقدون أن الدراسات التربوية تقوم على معايرةٍ فيزيولوجية للبصر الدور الأول فيها؟ هذا الأمر جعلني أتحول عن كلية التربية إلى اللغة العربية، فاللغة العربية إنما تحتاج إلى طاقاتٍ إبداعية وذهنية متوقدة وليس لأحدٍ أن يطعن بأبحاثٍ في اللغة العربية ليس للبصر الدور الأول فيها.

  • هل وجدت ثمة علاقة بين اللغة والتربية، لكونك دارسة للغة العربية ومهتمة بالتربية؟
  • ** أعتقد أن ثمة علاقة وطيدة بين اللغة والتربية، فللغة أثر خطير في علاقتنا بالآخر، من خلال الكلمات نستطيع أن نبث التفاؤل في الوسط الذي نحيا فيه وعلى العكس من ذلك نستطيع أن نشيع منه حالة من اليأس والإحباط، وإذا ما نظرنا إلى أثر اللغة في تربية الأطفال فإن المسألة تبدو أكثر خطورة وتأثيراً، فالألفاظ المثبطة التي تختزن بين حروفها شحنات سلبية إذا ما وجهت إلى الطفل من شأنها أن تجعل منه شخصاً مفتقراً إلى الثقة شخصاً غير قادر على الإبداع والعطاء وعلى العكس من ذلك فالكلمات المشجعة الملأى بالشحنات الإيجابية من شأنها أن تسهم في بناء إنسانٍ ممتلئ بالثقة قادر على البناء والعطاء وأكثر من ذلك فللغة اثر بالغ على ذواتنا فإذا ما توجه شخص ما إلى ذاته بكلماتٍ التقريع والتسفيه فإن ذلك سينعكس على نحوٍ سلبي على أدائه وسلوكه وعلى العكس من ذلك فإن الكلمات المحفزة تدفعنا نحو أهدافنا بثقة وتصميم لنبلغ النجاح المحقق.

  • ما مشاريعك الثقافية المستقبلية؟..
  • ** حلمي وهاجسي أن أقدم نتاجاً فكرياً يسهم بشكلٍ فاعلٍ وحقيق في بناء الأجيال القادمة، لذلك سأسعى جاهدةً إلى تقديم أبحاث جادة في مجال الطفولة والمرأة والشباب، فضلاً عن رغبتي في إجراء أبحاثٍ تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، أما الدكتوراه فهي مرحلة لابد من تجاوزها في اقرب وقت ممكن.