الفنانة السورية "لبانة القنطار" القادمة من قرية "داما" في "السويداء" تحمل معها أصالة السنديان وشموخ الجبل نافحة للعالم عبير ياسمين "دمشق- الفيحاء" لتنتقل من المحلية إلى العالمية وهي طالبة في السنة الرابعة في المعهد العالي للموسيقا.

صوت جاء من ينابيع عذبة تناشد الأنهار والوديان، وتغرد مع العصافير والبلابل ألحان الخلود، تنساب مع الكلمة حركة إيقاعية لتعيش بمقام يتجلى فيه الاسم والمسمى والمعنى، ليصل إلى حد الإبهار من صداحته.

"الدكتور نبيل الأسود" الأستاذ في المعهد العالي للموسيقا الذي قال فيها: إن الفنانة العالمية "لبانة القنطار" من أصوات الجميلة القليلة في عالمنا العربي لأن صوتها أنوثي يحمل بين طياته التقانة العلمية، فهي تستعرض في الغناء الأوبرالي لتذكرك بفكر وثقافة "بيتهوفن" و"موتسارت" و"فيردي" في السيمفونيات، وقد قدمت العديد منها في المسارح العالمية في "بروكسل وبلغراد" وغيرها، وشاركت في مهرجانات كثيرة بصوتها الجميل وأدائها الرائع، وعلى الرغم من أنها تجيد الغناء الغربي الأوبرالي استطاعت أن تمثل بلدها سورية بوقفتها الممشوقة على مسارح "بلجيكا" لتفوز بالجائزة الرابعة على العالم في نوع ذاك الغناء، إلا أنها أيضاً أبدعت في الغناء الشرقي بتقانة مميزة ذكّرتنا بالتراث العربي الأصيل من الأغاني الطربية التي بتنا بشوق للاستماع إليها، إذ أدت لـ "أم كلثوم" أجمل أغانيها والتي تحتاج إلى إمكانية صوتية خاصة في الاستعراض الصوتي، وللمطربة "أسمهان" التي لم يستطع صوت عربي الوصول إلى طبقات صوتها وإحساسها بالغناء، والموشحات والقدود الحلبية.

د. نبيل الأسود والمراسل

كذلك تحدث السيد "جمال القاضي" قائلاً: أنا من الجيل الذي عاصر صوت أسمهان والسيدة أم كلثوم والعمالقة، وأحب الاستماع إلى الموسيقا الغربية، وعندما استمعت إلى صوت الفنانة السورية "لبانة القنطار" انتابني الشعور بالأمل والفرح يعتلج صدري عندما وقفت فتاة سورية تمثل بلدها في العديد من المهرجانات وكان آخرها في مهرجان "النساء تغني" والذي قُدمت فيه أصوات نسائية من "سورية والمغرب والعراق ولبنان"، ومن "مصر" مجموعة "الحفني" للموسيقا، حيث مثّلت بصوتها صوت نساء سورية.

وأجزم أنها تستطيع أن تمثل الوطن العربي في كل العالم بهذا الصوت الرائع، وعادت بنا إلى أيام خلت من التاريخ الماضي عندما كنا نتمايل طرباً على أنغام الطرب الأصيل، فالحمد لله أن تكون تلك الفنانة سورية وتحمل في فؤادها التراث العربي السوري لينقل ويقدم للعالم أجمع، كما فعل الفنانون السوريون الكبار في القرن الماضي.

لبانة القنطار تغني

الآنسة "لميس الشاهين" أوضحت قائلة: مذ استمعت إلى صوت "لبانة القنطار" وأصوات الفنانات العربيات وجدت خصوصية لديها، لأنها تحمل الحنين للماضي من خلال الأغاني العربية القديمة، وتستطيع أن تلهب المشاعر حينما تستمع إليها، صوتها مشبع بالجمال والإحساس لأنه يحمل النقاء والصفاء والهوية العربية السورية، وأنا كفتاة أفتخر أن يتمثل صوتي بصوت جميل ومقتدر كصوت الفنانة "لبانة القنطار" داخل سورية وخارجها.

ولدى سؤال الفنانة السورية "لبانة القنطار" عن تحولها للغناء العربي أجابت قائلة: لم يكن هذا التحول بالمطلق للغناء العربي لأن الغناء عندي فطري وطبيعي وهو تعبير عن بيئتي المحلية ولا أنسى في يوم من الأيام أنني أتكلم لغة الضاد، وهي اللغة التي تميزت بها حتى في الغرب لذا جاء الطرب الشرقي بالنسبة لي حالة من الحنين للانتماء العربي الشرقي أنا قدمت إلى المعهد وأنا أحمل الغناء الشرقي في داخلي، وعندما تحولت للغناء الأوبرالي ودرسته دراسة أكاديمية من حيث الصوت والتشريح الصوتي وتقنيته، لم أتبن الأوبرا نهائياً ولكن نتيجة عدم تبني الموسيقا العربية، استخدمت التقانة في الغناء الكلاسيكي الغربي والتجأت إليه كجزء لدراسة الصوت لدخول العوالم المختلفة ثقافياً وموسيقياً، وكان لدي الحب والشغف الكبيرين لمعرفة الغناء الأوبرالي، بهدف تطوير صوتي والوصول إلى هدفي المنشود من معرفة وعلم ودراسة.

الزميل معين يحاور لبانة القنطار

وفي الحقيقة عندما أغني أوبرا أستطيع أن أتقمص الشخصية الاوبرالية بإحساس وروح ومعايشة لهذا النوع من الغناء الأوبرالي، ولإثبات ذلك عندما كنت في أوروبا وأنا أغني أمام كبار مغني الأوبرا في العالم، قالوا لي: "لأنك قادمة من الشرق فأنت تحملين الإحساس المرهف في الغناء والعاطفة والتعبير واضحة لديك" هذا ما جعلني أتفوق على زملائي في هولندا وبلجيكا وبلغراد، ولأن الغناء هو جزء من ثقافتي ودراستي، فقد آثرت الغناء العربي لأنني أصبحت أفكر فيه بتقنية علمية وليس مجرد غناء تقليدي، حتى حاولت أن أعكس ثقافتي العلمية والتقنية في الغناء الأوبرالي على غنائي الشرقي من حيث الكلمة بإظهار المعنى، واللحن بالتعبير عن الجملة اللحنية، وبالأداء العلمي في إحساس مندمج مع الكلمة واللحن.

تتميز الفنانة "لبانة القنطار" بأنها تحمل صوتاً نقياً تصل إلى درجات ومقامات عالية في طبقات الصوتية العالية /جواب/ وكذلك لديها الإحساس المرهف في أداء الطبقات المنخفضة /قرار/ ولهذا استطاعت أن تدخل العالمية بجدارة بصوتها الذي يصنف بالسوبرانو دراماتيك كولوراتور.

لمحة توثيقية:

حصلت على الإجازة في الغناء الأوبرالي من المعهد العالي للموسيقا في دمشق عام 1997، ثم دبلوم الغناء الأوبرالي من الكلية الملكية البريطانية "لندن"، ودبلوم في علوم الموسيقا والغناء من جامعة "ماسترخت" في هولندا، وهي أول مغنية سورية للأوبرا، تشغل رئيسة قسم الغناء الأوبرالي والغناء الشرقي في المعهد العالي، قامت بتأسيس فرقة الغناء العربي الكلاسيكي، نالت الجائزة الرابعة في مسابقة الغناء الأوبرالي العالمي في بلغراد عام 1996، وكذلك جائزة الجمهور الأولى في نفس البلد والعالم، فازت بالجائزة الخامسة عالمياً في غناء الأوبرا في مسابقة الملكة إليزابيت العالمية في بروكسل عام 2000 حصلت على لقب "لورييت"، قامت بأداء أدوار أوبرالية كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر (دور روسالكا من أوبرا بنفس الاسم لدفورجاك، ودور جوليت من أوبرا روميو وجوليت لغونو، دور كليوباترا من أوبرا يوليوس قيصر لهاندل، ودور أبيجيل من أوبرا نابوكو لفيردي، ودور فيوليتا من أوبرا لا ترافياتا لفيردي، ودور عايدة من أوبرا بنفس الأسم لفيردي الخ ...).

الحفلات التي أقامتها خارجياً:

غنت دور فيوليتا من أوبرا "لا ترافيتا لفيردي" ودور باترفلاي من أوبرا "مدام باترفلاي" مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في قاعة حفلات جامعة "كاليفورنيا" في "لوس أنجلوس" عام 1999، ثم غنت في حفلات ومهرجانات مثل: (أوركسترا أوبرا والوني بقيادة المايسترو "فريدريك بليير" في "لييش" ببلجيكا، وحفل غناء الليدر مع عازفة البيانو البلجيكية "أنغة سبينيتي" في دار أوبرا مونيه في جامعة بروكسل، وحفل غناء الليدر مع عازفة البيانو البلجيكية "دانييل بلومنتال" في دار أوبرا مونيه جامعة بروكسل، وأحيت حفلات في "جينيت" و"هاسلت" في بلجيكا، كما شاركت في مهرجان "موتسارت" في مدينة "ليل" بفرنسا مع فلامزيه راديو أوركسترا وجمعية كورال بروكسيل بقيادة جانوس أكس، وكذلك في مهرجان فيردي المدعو "موزيكا فيفا" في "بريمن" ألمانيا على مسرح دي غلوك مع نيكولاس هرودنيك، وما بين 2001 و 2002 ومن خلال عقد ارتباط مع مسرح بريمر في ألمانيا غنت أدوار فيوليتا من "لا ترافياتا" لفيردي، ميكائيلا من أوبرا "كارمن" لجورج بيزيه والسيدة الأولى من اوبرا "الناي السحري لموتسارت"، وخلال عقد عمل مع غليندوبورن بروداكشنز ليمتد، لويس، إنكلترا، وفي 2004 غنت في دور ملكة الليل من أوبرا "الناي السحري" لموتسارت، وذلك في /17/ عرض في أنحاء بريطانيا، وأخيراً في عام 2007 شاركت في حلقة بحث حول الأوبرا الإيطالية تحت إشراف المايسترو ريكاردو موتي على مدى أسبوع في "فاليتا" بمالطا.

أما على صعيد المشاركات المحلية والعربية:

في عام 2000 قامت بحفلات عدة في "عمان" و"بغداد" و"بيروت" و"دمشق" مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، وفي شهر يناير عام 2001 غنت بمرافقة عازفة البيانو السورية "جمان عبيد"، وفي شهر آذار من عام 2001 شاركت في مهرجان البستان في مدينة "بيت مري" في لبنان مع أوركسترا وكورس "بارتس فيستيفال" بقيادة البروفيسور "جون لوملي" في ثلاثة كنائس رئيسية في لبنان، وفي عام 2002 وفي حفل غناء أوبرالي بمصاحبة عازفة البيانو السورية جمان عبيد، وفي شهر تشرين الأول عام 2003 بدأت بحفل غنائي أوبرالي "موتسارت على ضوء القمر" بأزياء ذلك العصر، في حدائق قصر سرسق في "بيروت" مع ناسيونال أوبرا دو ليبان والسوبرانو الأوسترالية بيني بافلاكيس، وبعد ايام غنت في حفل "مع غروب الشمس" في الهواء الطلق في بترا مجموعة من أوبرات الفرنسية، وتحت رعاية مؤسسة قطر للثقافة، وبإخراج البروفيسور أتيليو دو كولونيلو أدت دور الملكة "أوبرا ابن سينا"، ثم اشتركت في عيد ميلاد الفرقة السيمفونية الوطنية بأداء أريا "باتشي ميو ديو" من أوبرا قوة القدر لفيردي، وذلك في قصر الأمويين بدمشق، وفي حفل تجريبي لدار الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون أجري من قبل إدارة الدار والمعهد العالي للموسيقا بدمشق وبعثة الاتحاد الأوروبي، غنت أريات من أوبرا "لاترافياتا" لفيردي مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة الضيف أنجلو غارانا في 8/ يناير/2004 ، وفي 22 يناير اشتركت في حفل "فيفا فيردي" في بطركية الكاثوليك الملكيين في دمشق القديمة بمصاحبة أستاذة البيانو ناتاليا كوتشورفا، وبدعوة من المهعد الوطني للموسيقا وتحت رعاية مؤسسة "نور الحسين" (عمان– الأردن) غنت أريات من أوبرا "لاترافياتا" لفيردي مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة السيد ميساك باغبودريان، ومع افتتاح دار الأسد للثقافة والفنون في أيار عام 2004 غنت على مدى أربعة أيام متقطعة "فانتازيا للبيانو والكورس والأوركسترا" لبيتهوفن "اصوات الربيع" ليوهان شتراوس وأغنية اسمهان الشهيرة "يا طيور" بمصاحبة الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة السيد ميساك باغبودريان، وفي 2/ايار 2006 غنت في دار الأسد للثقافة والفنون وبمصاحبة عازف البيانو الدكتور غزوان زركلي مع زميلتها من كونسرفاتوار ماسترخت الميتسو سوبرانو ايفون شيفيلرز الهولندية، وفي 13/يناير/ 2007 اشتركت في حفل نظمه المعهد العالي للموسيقا وأكاديمية مسرح فلورنسة (إيطاليا) بمناسبة مرور 60 عاماً على تأسيس اليونيسيف بأداء آريا من أوبرا توسكا لبوتتشيني بقيادة المايسترو الإيطالي كارلو مورينو فولبيني، وفي حفل مهرجاني كبير في 30/أيار /2007 قام بأداء دور ملكة الليل من أوبرا "الناي السحري" لموتسارت وأريا سارداس من أوبرا "دي فليدرماوس" ليوهان شتراوس، وفي 1/آب/ 2007 غنت في لبنان دور فيوليتا من أوبرا "لاترافيتا" لفيردي، وفي شهر أيلول 2007 شاركت في مهرجان موسيقا في تونس لغناء الموشحات الأندلسية، كما دعيت إلى دار الأوبرا المصرية لإقامة حفل غنائي في فعاليات المجمع العربي للموسيقا عام 2007، ومؤخراً أقامت الأمانة العامة لدمشق عاصمة الثقافة العربية مهرجان/أيام الأغنية الطربية النسائية/ بعنوان "النساء تغني" مثلت لبانة القنطار النساء السوريات، حيث افتتحت مهرجان أصوات نسائية من سورية والمغرب والعراق ولبنان ومن مصر مجموعة الحفني للموسيقا، وذلك في قصر العظم بدمشق وذلك من 12- 16/أيار/ 2008.