استقبلنا الشاعر الشعبي ابو عماد فوزات غبرا في مضافته التي يعود تاريخ انشائها الى العام 1912.

لم يكن مستغربا على اهالي تلك المنطقة الكرم والاصالة والترحيب الحار بالضيوف، بل الغريب انهم مازالوا متمسكين بالعادات والتقاليد العربية الاصيلة، فما ان وصلنا الى مضافته حتى بدأ الاهالي بالتوافد للسلام على الضيف الغريب الذي اصبح من اهل البيت.

والشاعر ابو عماد معروف على نطاق واسع في الجبل وهو يتمتع بذاكرة قل نظيرها رغم سني العمر حيث يبلغ الثامنة والستين من العمر وتخاله اقل من ذلك بكثير.

وعن البدايات في الشعر حدثنا قائلا: ان السر يكمن في هذه المضافة فالكهرباء لم تكن متوافرة وكانت الحكايات وقصص العرب من الزير سالم الى التغريبة الفلسطينية الى حكايات الثوار والبطولات هي الغالبة، وكان الشعر فاكهة السهرات حيث كان والدي احد الشعراء ومنه اخذت هذه الموهبة ولكن كان الخجل يعتريني وكانت كلمة شاعر في ذلك الوقت فيها شيء من العيب اذا دخله انواع اخرى غير الحماسة والقوة.

ومن قصيدته الطويلة عن المضافة اخذنا هذه الابيات:

هذي تواريخ المجد والكرامة/ وهذي مفاخر جيلنا كان تدرون

هذي مضايف لابسين العمامة/ ياما تذري بحالها كل محزون

فيها حكايا المرمسين القدامة/ امثال سلطان العرب فيه تسمون.

عاش العم ابو عماد حوالي الثلاثين عاما متطوعا في الجيش السوري وقد عاصر الثورة عام 1963 وخاض حروب 1967 و1973 وعنها يقول: ان الموت كان يهرب مني ويحرمني من الشهادة في سبيل الوطن، ولكن على ما يبدو ان الله لا يريد لي ذلك فالاولاد كانوا صغارا وكنت المعيل الوحيد لهم وها هم ثمانية ابناء كبروا وتزوجوا وانجبوا واصبح البيت يسرح في ارجائه الاحفاد.

وبعد التقاعد التفتّ الى الارض فهي كما هو معروف مصدرا مهما من الدخل وكانت ذيبين في ذلك الوقت تعج بالناس من كل حدب وصوب لأنها كانت تطعم الجبل بالقمح ولكن المحل اضر بالارض وننتظر فرج الله ورحمته.

عندما سألنا العم ابو عماد عن الشعر الشعبي ورأيه بالشعراء الجدد وما هي الوسيلة لحفظ القديم وابراز الجميل فيه قال: في جبل العرب هناك مئة واربعون شاعرا شعبيا ينضوون في الجمعية التي اسسناها لكي تحفظ حقوقنا.

والشعر الشعبي يحتاج الى التجديد الدائم ليحاكي تطور العصر وكما هو معروف ان ألفاظه جزلة وقوية وغارقة في المحلية القديمة وبدوية والجيل الحالي نادرا ما يستوعب هذه الالفاظ.

وهناك شيء مهم احب ان اوضحه، ان قصائد المناسبات والمدح لا تدوم فهي تنتهي بنهاية المناسبة اما الاشعار التي تتسم بالاجتماعية فهي تصلح لجميع المناسبات.

وكان هناك طرح من الجمعية لانتقاء النصوص وقراءتها ومحاولة فرز الجيد منها حتى لا يقال ان الشعر النبطي تحول الى مطية يصعد عليها من يشاء.