بأصابعي أحاول رسمك/ ورسم سماء/ وبلاد تتسع للجميع/ يا لك من امرأة/ كم تشبهين هذا الوطن!

هي كلمات الشاعر فاتح ناصيف الذي دخل الشعر صغيرا فالمآسي تصنع الابداعات، وفاتح الخارج من رحم اليتم صغيرا والفاقد لكل الحنان قدم مع اخوته ضريبة الوطن صغيرا وتحمل عائلة كبيرة.

فهو حفيد اسرة قدمت ثلاثة شهداء دفعة واحدة في معركة المزرعة ضد الاحتلال الفرنسي وهم جده عساف ناصيف ناصيف وكان عمره 35 عاما وفرحان ناصيف ناصيف وعمره 35 عاما وناصيف ناصيف رب الاسرة كلها وعماد العائلة وكان عمره آنذاك سبعين عاما، واستشهد بعد معركة المزرعة حيث تابع مع رفاقة الثوار معركته الخاصة، رافضا الامتثال لأوامر التهدئة، وبعد ان اقتحم مع رفاقه معسكرا للاحتلال على مشارف مدينة شهبا وقتل منهم عددا كبيرا قبل ان يستشهد ومازال قبره شاهدا على عظمته في ارض قرية بريكة حيث سميت الارض باسمه حتى الآن تاركا اكبر اولاده سنا آنذاك وعمره خمس سنوات.

مجموعة قمح الروح (الغلاف)

بهذه الاجواء عاش فاتح، فالماضي مازال ماثلا والشهادة تقضي ان تكون امينا عليها.

وكانت الدراسة هي الهدف في النهوض بالاسرة واعالتهم لكن الحياة كانت اكبر من ان يستمر، فاتجه الى الاعمال اليدوية واكتشف ان العمل يساعد على تعليم باقي افراد العائلة وهكذا كان، حيث عمل في مهنة الملاط (الطينة في المفهوم الدارج) وهي المهنة الشاقة والمتعبة للجسد والروح، ورغم ذلك شق طريقه بالصخر كما يقال ولم يحن رأسه.

واستطاع ان ينجز اول دواوينه الشعرية (قمح الروح) بأسلوب متفرد وقدرة على تشكيل الصورة المغايرة التي يريدها ان تقول الكثير.

يقول فاتح ان مشروعه الشعري كاد يكتمل لولا ظروفه المادية التي تعيقه وتحبط عزيمته وتجعله يؤجل وهو لديه ديوانان جديدان ينتظران النور وطموحه ان يكمل ابناؤه تعليمهم وينجزون ما عجز عنه ويحاول قدر المستطاع ان يبقيهم دائما في مستوى جيد من الحياة الكريمة.

وهو يريد ان يسابق الزمن ويصل قبل فوات الاوان فهل هذا كثير؟

يقول فاتح:

انا التائهة/ وانت في كل مكان/ كم من الليالي سأمضي وحيدة/ أحيك عودتك من صوف رغبتي/ وحين تمطر/ ما العلاقة بينك وبين هذا الانهمار الجميل/

كأنك نضجت في احشاء السماء....