عشقت الأكلات التراثية ونشرتها إلى جانب المأكولات الغربية، واقتنعت بأنّ جمال الطبق ونكهته المميزة لا يمكن أن تتحقق إلا بمحبة للطهي، ذلك العمل الذي تعدُّه (التوب شيف) "نهيلة عزقول" ابنة قرية "قنوات" المغتربة محور حياتها.

انتقلت طفلة إلى "فنزويلا" لتكون مع أمها وأشقائها إلى جانب والدها الذي اختار السفر طلباً للرزق، وهذا ما جعلها تعيش جزءاً كبيراً من حياتها في ذاك البلد، وتؤسس نجاحها في مجال عشقته منذ الطفولة، كما أخبرتنا عندما تحدثت من خلال مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 13 حزيران 2020 وقالت: «كنت دائماً إلى جانب أمي في المطبخ أساعدها في الطبخ والتحضير، وكلما كبرت أخذت أضيف طرقاً غير اعتيادية، كما بعض التفاصيل على شكل الطبق، أزينه بالخضار بطرق مختلفة ليصبح جاذباً للعين.

كنت دائماً إلى جانب أمي في المطبخ أساعدها في الطبخ والتحضير، وكلما كبرت أخذت أضيف طرقاً غير اعتيادية، كما بعض التفاصيل على شكل الطبق، أزينه بالخضار بطرق مختلفة ليصبح جاذباً للعين. كان كل من يتذوق أطباقي يشكرني وأولهم والدي، وأتذكره في كل مرحلة أحقق فيها خطوة إلى الأمام في عملي اليوم وتشجيعه لي، وقد طلب من أمي أن توكل المطبخ لي، فقد أعجبته الأنواع التي أعدها واستبشر لي خيراً في أناقة التقديم، وهذا الكلام كان يكرره كثيراً، ولا أنساه

كان كل من يتذوق أطباقي يشكرني وأولهم والدي، وأتذكره في كل مرحلة أحقق فيها خطوة إلى الأمام في عملي اليوم وتشجيعه لي، وقد طلب من أمي أن توكل المطبخ لي، فقد أعجبته الأنواع التي أعدها واستبشر لي خيراً في أناقة التقديم، وهذا الكلام كان يكرره كثيراً، ولا أنساه».

نهيلة عزقول أثناء تدريب الطلاب

نشر المأكولات السورية رسالتها الدائمة، وعنها قالت: «أعلنت عن رسالتي مع أولى مراحل الدراسة في مدارس الطبخ التي قمت بالالتحاق بها لفترات قصيرة؛ ونيل الشهادات اللازمة لممارسة العمل بشكل سليم، والرسالة الثانية أن أكون سفيرة لبلدي وأنقل من فنون المطبخ السوري ومطبخ "جبل العرب" معلومات للعالم ولكل مهتم بالغذاء، وقد حققت جزءاً من هذه الرسالة كوني نلت شهادة عالمية، وأقوم بتعليم الطبخ السوري التراثي.

فهذا المطبخ يتفوق على كثير من المطابخ في العالم بنوعية الطعام الصحي، وتقنيات الطهي التي تراعي مواصفات الغذاء السليم الذي ينسجم مع قناعتي أن الأكل السليم ناتج عن خضار منوعة وحبوب ونسب متوازنة من البروتين والشحوم، وهذا ما تدربت عليه جيداً خلال دراستي، وأحرص على تدريب طلابي عليه».

مع متدربين

نالت شهادة شيف عالمي، وحصلت على جوائز مسابقات "الميكس برومير" بعدة أكلات تراثية، وأضافت: «"الميكس برومير" هي مسابقات الطعام المتنوع في "فنزويلا"، وقد تقدمت لها بين سبعة وعشرين مشاركاً من عدة دول، يومها كان بين يدي مكونات محددة من البرغل والعدس وصلصة البندورة وخضار وبعض الحبوب، وكنت أستعد لتقديم المنسف العربي لكن المكونات لم تكن مناسبة، فانتقلت إلى أكلة شعبية تنتشر في "السويداء" بكثرة وكانت عبارة عن برغل مع البندورة، وقد كرمت بالمرتبة الأولى تبعاً للمذاق والنضج وشكل الطبق المميز، وتابعت مع هذه الأكلات لتأسيس عمل ومطبخ يقصده كل أبناء الجالية من عدة ولايات.

قبل هذه المسابقات حصلت على شهادة شيف عالمي من جامعة "فنزويلا" لفنون الطهي، وأخذت فنادق كبرى تطلبني لتدريب الطهاة فيها، وهذا بحد ذاته حقق لي شهرة كبيرة، وآخر هذه الدورات تلك التي قدمتها منذ عدة أشهر في سلسة فنادق "Maroma" الأكثر شهرة في أمريكا اللاتينية، حول أساليب الطهي الغربي من ثقافات مختلفة، وحالياً أتابع تدريب مجموعات من الطلاب بشكل شبه دائم على المأكولات الغربية وأصول الطهي، إلى جانب تدريب أبناء وبنات من الجالية على طرق الطبخ التراثية، بهدف التعريف بهذه الأكلات لمن ولدوا في "فنزويلا"، ولم تسعفهم الظروف لزيارة البلاد وقضاء وقت طويل فيها».

شفيق حميد مدير حلويات قنوات

وعن علاقتها مع الأكلات التراثية تقول: «دربت نفسي لسنوات طويلة على الأكلات التراثية التي تعلمتها من أمي، وهي الأكلات التي بقيت حتى هذا التاريخ محتفظة بمعلومات كثيرة عنها أقدمها للجالية وغير الجالية من خلال مطبخي ممن أعجبهم الطبخ العربي، وبشكل دائم أحضر أكلة المغربية بكميات كبيرة تصل إلى ستين كيلو غرام في المرة الواحدة، حيث تطلب بشكل كبير من السوريين وغيرهم، وكذلك الكبة ومأكولات أضفتها بعد زيارتي الأخيرة إلى "سورية"؛ حيث عملت في معمل حلويات "قنوات"، ودربت العمال على الحلويات الغربية، وبادلتني الإدارة - وهم خبراء في صناعة الحلويات - المحبة والتقدير لما قدمته. وخلال هذه الفترة حاولت التعرف على كل ما هو جديد، لأعود وأنقلها لمطبخي».

خبرة مميزة تحدث عنها "شفيق حميد" مدير معمل حلويات "قنوات" في "السويداء"، وقال: «منذ عامين، وخلال زيارتها لـ"سورية"؛ انضمت الشيف "نهيلة عزقول" إلى فريقنا في حلويات "قنوات"، وعلى الرغم من الفارق بين الطبخ والحلويات إلا أنها استطاعت من خلال خبرتها العملية أن تمزج بين المالح والحلو، وإضافة عناصر جديدة أغنت بها متطلبات الزبائن.

الشيف "نهيلة" من حاملي شهادة شيف عالمية "Top Sheff"، وكنا قد استفدنا من خبرتها من خلال تطوير العمل وفق معاير الصحة العالمية وإقامة دورات تدريبية للعاملين بما يخص الوقاية والسلامة المهنية والعمل على تطوير المنتج من حيث الجودة، ونتيجة لمهاراتها بالطبخ الغربي قمنا بإضافة قسم خاص في معملنا، حيث نالت المنتوجات الرضى من الزبائن، ولم تقتصر خبرتها في فن الطبخ الغربي، فالطبخ الشرقي حصة كبيرة لديها، وخلال فترة وجودها معنا قامت بتمثيل المؤسسة في كثير من الحفلات والندوات الخارجية ومنها دورة ضبط الجودة».

ما يجدر ذكره أنّ "نهيلة عزقول" ولدت عام 1968، نالت شهادة شيف عالمي، وتدير مطبخها الخاص في ولاية "مراكايبو".