حملت معها خبرة التعلم والإرشاد ورونق الأدب والكلمة شعراً وسرداً، ونقلتهم إلى مدينة "نانسي" الفرنسية، لتلهب المشاعر بكلماتها وجملها الأدبية الطافحة بالحنين للأرض والوطن.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 23 آذار 2020 تواصلت مع الأديبة السورية "انصاف سليمان مرشد" التي أوضحت قائلة: «ولدت في "السويداء"، وكبرت مع الحياة مدركة ما حولي في مدرسة "الراهبات السريان" بمدينة "المالكية" في "الحسكة" لأن والدي كان ضمن صفوف الجيش والقوات المسلحة.

شام يا خفقة الحب لروحي مد تدفق النبض فيي وروعة الأضواء من قاسيون وخمرة شمسك الأبية شام يا عطر الشرق وبهاء الكون وأشرعة فخر سنية حبك غرامي وسهدي والشهداء في قلبي وعيني هي أغنية ولحن خافق وخمائل الغوطة البهية ورقة الضفاف من بردى وانحناء جداوله النقية هي النور منارة الايمان والمعرفة ترفض الجاهلية باقية على المدى مسيجة بالياسمين تصرخ أنا العربية

انتقلت مع أسرتي إلى مدينة "دمشق"، وسكنا في بلدة "جرمانا"، وواصلت دراستي، كان والدي يتحدى كل الصعاب الاجتماعية ويمسكني من يدي إلى ثانوية البنات السابعة في "باب توما"، وفي طريقي إلى المدرسة يحدثني عن بعض النساء العربيات اللواتي عرفهن في "فلسطين" حيث عمل في فترة شبابه؛ وعن الدكتورة التي أجرت له عملية جراحية في مشفى "حيفا" ولم تأخذ منه أي أجر لأنه من "سورية" بلد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، وعن الشاعرة "سلمى الخضراء الجيوسي" ابنة المناضل الأمير "صبحي الخضراء"، وعن تفوق المرأة في عملها وأدائها.

الإعلامي عبد الله قطيني

على مقاعد الدراسة تعرفت على الشاعرة "عائشة أرناؤوط"، وكنت أنهل من مكتبة أخيها الأديب "عبد اللطيف"، وفي سن مبكرة من العمر قرأت أشهر القصص والروايات العالمية، كما أهدتني معلمتي "قمر كيلاني" الكاتبة السورية وأنا في الصف الثامن ديوان "المتنبي" مكافأة لي على ما كتبته نثراً وشعراً».

وتابعت القول: «حين نلت الثانوية العامة انتسبت للجامعة، وعملت في الوقت نفسه في التعليم، وفي عام 1967 تطوعت مع المعلمة "سامية المدرس" لجمع الإعانات ومساعدة أبناء الشهداء والنازحين من "القنيطرة" المنكوبة، تزوجت عام 1969 من ابن عمي الذي أنهى دراسة الجامعة، وبدأ التحضير للماجستير، وحين قامت حرب "تشرين" اشترك في الدفاع عن الوطن واستشهد، وكانت الصدمة والفاجعة الأليمة، حيث حملت ابنتي وعدت بها إلى منزل والدي، وقد ركنت صباي على رف الزمن، وبقيت وحدي في مجتمع لا يؤمن إلا بالرجل».

اإصاف مرشد من فرنسا

وعن مسيرتها الأدبية أوضحت بالقول: «خلال عملي في الحياة كتبت الشعر المولود أصلاً من رحم المعاناة بمختلف ألوانه، وانصرفت بعد التقاعد لجمع كتاباتي على مر السنين، فأصدرت ثلاثة دواوين شعر عن دار "رسلان" في "دمشق"، وهي: "زهر الصبار"، "سلال الرماد" عام 2007، أما "براعم وظلال" كان عام 2009، والعمل الرابع مجموعة "رحلة أمسي في أنشودة بقائي" صدر عن دار "عقل" بـ "دمشق" عام 2019 وأنا في "فرنسا"، وبشكل عام أكتب عن عوالم المرأة وما فيها من متناقضات ومعاناة وغلبة للعاطفة على شكل خواطر شعرية، ونضحت من الخواطر محبة الإنسان والوطن وعصارة تجارب حياتية، ومن وحي الواقع الذي ألم بي، فركزت في نصوصي على الأسرة والمجتمع بكامل أفراده مجسدة ما عشته من تداعيات الحياة.

شاء القدر أن تكبر ابنتي "مزن مرشد"، وتصبح إعلامية في "فرنسا"، وفي شباط عام 2015 وصلت إلى مدينة "نانسي" للالتحاق بها، وتابعت مسيرتي الفنية والأدبية التي كنت قد بدأتها في الوطن، وتطوعت لمساعدة الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال العمل مع جمعية "سكور كاتوليك"، وتم تكليفي بكتابة نص باللغة الفرنسية، وفاز هذا النص على مستوى المنطقة، حيث ألقيته كقصيدة في حفل سنوي تحدثت فيه عن فراق بيتي وبلدي؛ الأمر الذي أبكى الذين استمعوا لي، واشتركت بعدة أنشطة في الرسم والتعلم مع أكثر من جمعية فرنسية كسيدة سورية تحمل شعار بلدها وتعطي فكرة رائعة عن أخلاقياتنا ومبادئنا، وطبعاً كل ذلك مثبت في الجريدة الرسمية للمنطقة، كما أقمت معرضاً للرسم في المركز الثقافي في "نانسي" عام 2017، وساهمت بتعليم الأطفال فن الرسم والأعمال اليدوية ضمن مهرجانات في "نانسي" مع جمعية "Avec" من عام 2016 ولغاية 2019».

من أعمالها الادبية

ومن أشعارها تقول:

«شام يا خفقة الحب لروحي مد تدفق النبض فيي

وروعة الأضواء من قاسيون وخمرة شمسك الأبية

شام يا عطر الشرق وبهاء الكون وأشرعة فخر سنية

حبك غرامي وسهدي والشهداء في قلبي وعيني

هي أغنية ولحن خافق وخمائل الغوطة البهية

ورقة الضفاف من بردى وانحناء جداوله النقية

هي النور منارة الايمان والمعرفة ترفض الجاهلية

باقية على المدى مسيجة بالياسمين تصرخ أنا العربية».

وعنها كتب الأديب "عبد اللطيف أرناؤوط" في مجلة "المعلم العربي" يقول: «عرفت المربية الفاضلة الشاعرة "إنصاف سليمان مرشد" من خلال كتاباتها في الأدب والشعر، ووقفت على قصائدها الوطنية والقومية والاجتماعية التي كنت أطلع عليها بين الحين والآخر، فتكون لدي انطباع عن شاعرة مرهفة الحس صادقة في تجربتها الشعرية التي كانت موقوفة على ما يحرك مشاعرها ويعبر عن ذاتها في تفاعلها مع الحياة، وصورها المختلفة بفيض من صدق روحها وحديث قلبها الذي يأتينا عزفاً راقياً من حديث الروح تملؤه الرغبة في البقاء والاستمرار».

الإعلامي "عبد الله قطيني" الموثق لتاريخ العديد من المغتربين أوضح بالقول: «تعتبر الأديبة "إنصاف سليمان مرشد" واحدة من النسوة اللواتي حملن تاريخاً ثقافياً مميزاً في حياتهن، من خلال ما عانته من شظف العيش وما بذلته لتخط على الصخر أحرف كلماتها الإبداعية في الشعر والنثر، حين كلفت في مدينة "نانسي" بإلقاء كلمة عبرت بوجدانية صادقة فكانت مؤثرة أثناء حفل تكريم الفرنسية من أصل سوري "تنسيم عيدي" التي فازت بالمركز الأول بالقراءة في دول الاغتراب وحصلت على ميدالية ذهبية، فكانت بما خطته يدها من كلمات تلهب مشاعر الحضور، وأبكت الكثير منهم حنيناً للوطن وقسوة الاغتراب، وهي التي رددت أكثر من مرة وبمناسبات متعددة (أنني سورية وأحب بلدي جداً ولم أكن إلا كما هو الواجب أن أكون)، القارئ لشعرها في دواوينها الأربعة يشعر بمدى معاناتها الأدبية والابداعية».

يذكر أن الكاتبة "إنصاف سليمان مرشد" من مواليد "السويداء" عام 1946، مقيمة في "فرنسا".