"سامر العيد" العربي الثاني في أكاديمية "فرانز ليست" العالمية، وأوّلُ سوريٍّ ينتسبُ لصفوفها طالباً، امتلكَ طاقةً إبداعيةً مكّنته من العزف على مسارحها، مؤلفاً وضيفاً في صفوف الدكتوراه والماجستير لمناقشة كتاباته التي أثارت إعجاب وأسئلة أساتذته.

تجربةٌ موسيقيةٌ سارت على غير المعتاد بدأت بمحاولات صامتة سارت به إلى دخول أكاديمية عالمية بعد تجارب أبعدته عن المعهد العالي للموسيقا، ليجد مساحته المفضلة للدراسة والتبحر في عالم الموسيقا التي شغلته في عمر مبكر، عن رحلة البحث عن الذات ومساحة مؤهلة للدراسة والعطاء تحدث "سامر العيد" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 تموز 2019 وقال: «هوسي بالموسيقا الغربية و"البيانو" بدء بعمر الخامسة عشرة، وقد آمنت أمي "ميسار المسبر" بموهبتي وسارت معي للحلم، وتحمّلت الكثير مع جدي وجدتي لتربيتي والوصول إلى ما أرغب، لن أنسى أنها تحملت ضغوطات هائلة لتشتري لي أول "بيانو" بدعم كامل ومحبة، كنت محظوظاً بها وكانت خلف إصراري على النجاح احتراماً لتضحياتها ومحبتها التي أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم.

عزفت موسيقاي في أكاديمية "فرانز ليست" عامي 2017 و 2018 وفي "دمشق" في "دار الأوبرا" في يوم "الجاز العالمي" عام 2016 وفي ذات العام في "الأرت هاوس" وأيضاً في بلدان أخرى، وقد حصلت على الجائزة الذهبية في مسابقة "Oskar Rieding International Competition" ومن مؤلفاتي على البيانو المنفرد: "لخص حرب"، "الإعلان"، "الأزمة"، "الرقصة" وعدة مؤلفات موسيقا الحجرة

وفي دراسة اللغة الإنكليزية كانت فرصي قليلة للنجاح وأيضاً تركتها برغبة واحدة لأتجه للموسيقا والموسيقا فقط، كنت أقضي معظم يومي في التدريب والبحث عن أصوات تعبر عني، وقد دخلت المعهد العالي في "دمشق" ورسبت في السنة الأولى ومن ثم انفصلت في السنة الثانية لأسباب أبعد ما تكون عن كونها موسيقية. مع ذلك لم أنقطع عن الموسيقا أبداً وقررّت أن مستقبلي في الموسيقا وأنّ هنالك حقيقةً في الموسيقا تستحق عناءَ البحث عنها».

العازف سامر العيد

لأنّه عشق "البيانو" أراد أن يؤسسَ معه خطوات المستقبل ولم يعرف إذا كانت ستؤول للنجاح، لكنّه قرر العمل وسارت الحياة على أهواء سفينته الموسيقية المرهفة كما تحدث عن انتسابه للأكاديمية وقال: «كان "البيانو" وما زال سبب السعادة الرئيسي في حياتي، لهذا فهو مشارك في أغلبية مؤلفاتي إلى جانب المؤلفات الكثيرة لـ "البيانو" المنفرد، لهذه الأكاديمية تاريخ عريق ومتصل منذ تأسيسها حتى اليوم، وما أعرفه أنّ الموسيقي "منير بشير العراقي" الأصل هو أول عربي درس في أكاديمية "فرانز ليست"، وأنا بالتالي العربي الثاني أو السوري الأول في الأكاديمية، التي أسسها "فرانز ليست" في عام 1875 ودرّس فيها، تبعه من المؤلفين "بارتوك" Bartok و"كوادي" عام 2017 من أصل ستة عشر من المتقدمين حول العالم، ومن الطبيعي أن يفخر أي موسيقي بوجوده في هذه الأكاديمية، وأعتبر نفسي محظوظاً لأنّي طالب عند مجموعة من الأساتذة المحترفين في الموسيقا. أشعر اليوم أنّي ضمن وسطٍ موسيقيٍّ حقيقي، وطالما أردت ذلك، أنا الآن في منتصف الطريق لإتمام دراستي الجامعية في الأكاديمية. وأعمل على دراستي الشخصية في المنزل، بكتابة نظريتي حول فهم الموسيقى، التي أخصص لها معظم وقتي، إلى جانب دراستي أنا ضيف في صفوف الدكتوراه والماجستير لمناقشة كتاباتي النظرية في الموسيقا التي أثارت أعجاب وتساؤلات أساتذتي.

بالنسبة لي الموسيقى كتلة واحدة متصلة ولا أميّز حين أكتب بين تقسيمات مدارسها وعصورها، فتحتوي موسيقاي على سمات بوليفونية وكلاسيكية ورومانتيكية ومعاصرة و"جاز" وموسيقا شرقية».

سامر العيد من الدكتور غيرغي بارتا

عن مشاركاته الموسيقية قال: «عزفت موسيقاي في أكاديمية "فرانز ليست" عامي 2017 و 2018 وفي "دمشق" في "دار الأوبرا" في يوم "الجاز العالمي" عام 2016 وفي ذات العام في "الأرت هاوس" وأيضاً في بلدان أخرى، وقد حصلت على الجائزة الذهبية في مسابقة "Oskar Rieding International Competition" ومن مؤلفاتي على البيانو المنفرد: "لخص حرب"، "الإعلان"، "الأزمة"، "الرقصة" وعدة مؤلفات موسيقا الحجرة».

الدكتور "غيرغي بارتا" أحد أساتذته في أكاديمية "فرانس ليست" عنه قال: «لقد كان "سامر" يدرس معي منذ حوالي ثلاث سنوات، وما يزال، إلى جانب دراسته للكونتربوان معي، فقد أطلعني على مؤلفاته، "سامر العيد" لديه موهبة موسيقية ممتازة، وهو واحد من القلائل الذين لديهم فهم جوهري لأساليب التأليف، ودائماً ما يجد حلولاً جديدة لأيّ مشاكل تعترضه، في موسيقاه يقدم تجاربَ لجمع الموسيقا التقليدية والفلكلورية السورية مع موسيقا "الجاز" والموسيقا الكلاسيكية الغربية وأنواع أخرى بطريقة حساسة جداً، هو شخصٌ محبوبٌ جداً، إضافة إلى العمل داخل الصفوف والمجموعات بشكل جيد، لنا لقاءات متكررة على ترّاس الأكاديمية نتبادل الأحاديث حول شتّى المواضيع، الموسيقية وغيرها. أنا ممتن لمعرفتي به وأتمنّى أن تدوم علاقتنا لوقت طويل».

المهندس "وليد الشعار" وطالب "بيانو" بالمعهد العالي للموسيقا في "دمشق" يعدّه من أهم المؤلفين وقال: «ليس من السهل الوصول إلى قلوب الناس، وخلق نمط موسيقا جديد مع كل أنواع الموسيقا في العالم "سامر العيد" هو بجدارة من أكثر مؤلفي وعازفي "البيانو" تميزاً، وموسيقي بكل ما تعنيه الكلمة من حيث الإحساس والتعمق بالموسيقا، عرفته منذ أيام الثانوية ومن أول لقاء أدركت أن لديه موهبة لا يملكها الكثيرون، خلال فترة دراستنا معاً في المعهد العالي للموسيقا في "دمشق" كان من أكثر الطلاب المحبوبين والموهوبين، وقبل كل محاضرة كان "سامر" من يجلس على كرسي "البيانو" ويرتجل موسيقا نتمنى فقط ألا تتوقف عن التدفق، عبقريته ليست فقط بالموسيقا بل هي بكل أفكاره بشكل عام أيضا قبوله في أكاديمية "فرانز" دليل تميّز واستمراره في أهم وأعرق المعاهد في العالم يؤكد ذلك، وفي هذه الأكاديمية قد وجد من يساعده وما يفيده حقاً لتحقيق أحلامه، فقد حارب كثيراً من أجل الموسيقا، وهو اليوم يقدم نمطاً موسيقياً جديداً يلمس القلب، أتصور أن هذه إحدى صفات الموسيقا الناجحة والراقية».

ما يجدر ذكره أن "سامر العيد" من مواليد "السويداء" عام 1992، درّس بمعاهد خاصة في "السويداء" و"دمشق" عازف "بيانو"، وله عدة مؤلفات عالمية.