يبدو أن صداقته الباكرة مع الموسيقا عزفت على رتم التجديد، الذي عزّزه بإتقانه العزف على آلة "الهاند باند" الإيقاعية وأدخلها إلى الإيقاع الشرقي، مجسّداً جمال حضورها مع "البيات" و"الحجاز".

"أنس الحلبي" ابن "السويداء" الذي عاش جزءاً كبيراً من حياته في مدينة "حلب"، وانتقل إلى "الإمارات العربية المتحدة"، عشق آلته الإيقاعية، وحول حبه لها لتكون ضمن آلات الإيقاع الشرقي كأول عازف عربي لهذه الآلة. تجربة شابة أسست لموسيقاه الغريبة والصعبة، حيث قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 تشرين الأول 2018 عن تجربته: «بعمر التاسعة كنت طالباً أتعلّم الموسيقا على يد معلمي "وسيم الهاشم"، وقد يكون هذا المكان طبيعياً لي تبعاً للظروف التي تربيت فيها في أسرة موسيقية، فأخي الأكبر عازف غيتار، ووالدي عزف العود كهواية رافقته، لكنني أحببت الإيقاع ودرسته في معهد الشبيبة في "حلب"، حيث درست في المرحلتين الإعدادية والثانوية على يدي المدرّس "سالم بالي" إيقاع شرقي وغربي. عملت بالموسيقا إلى جانب السياحة والسفر، وحبي للموسيقا جعلني أرتبط أكثر بالموسيقا الغريبة، والتعرف إلى أنماطها الحديثة وكل ما هو جديد، و"الهاند باند" كانت إحدى نتائج بحثي في هذا المجال، تعرفت إليها من خلال "اليوتيوب"، وأخذت أجمع تفاصيلها لأحوّل الحلم إلى حقيقة بالحصول عليها».

بعمر التاسعة كنت طالباً أتعلّم الموسيقا على يد معلمي "وسيم الهاشم"، وقد يكون هذا المكان طبيعياً لي تبعاً للظروف التي تربيت فيها في أسرة موسيقية، فأخي الأكبر عازف غيتار، ووالدي عزف العود كهواية رافقته، لكنني أحببت الإيقاع ودرسته في معهد الشبيبة في "حلب"، حيث درست في المرحلتين الإعدادية والثانوية على يدي المدرّس "سالم بالي" إيقاع شرقي وغربي. عملت بالموسيقا إلى جانب السياحة والسفر، وحبي للموسيقا جعلني أرتبط أكثر بالموسيقا الغريبة، والتعرف إلى أنماطها الحديثة وكل ما هو جديد، و"الهاند باند" كانت إحدى نتائج بحثي في هذا المجال، تعرفت إليها من خلال "اليوتيوب"، وأخذت أجمع تفاصيلها لأحوّل الحلم إلى حقيقة بالحصول عليها

في تعريفه لآلة "الهاند باند" يفسر أهمية تفاعله مع صوتها الجميل، وإسقاطه لصوتها الناعم على نعومة إيقاعها وسلاسته، ويضيف: «هذه الآلة مختلفة بالمادة والتشكيل والمساحة الجغرافية التي ظهرت فيها، ومحاولة نقلها إلى وسط وبيئة جديدة لم تكن بالسهولة المرجوة، تبعاً لوصفها، ففي البداية "Handpan" مصطلح للآلات الموسيقية الناتجة عن الاهتمام العالمي المتزايد في "Hang"، وهي أداة اخترعتها وتبنتها شركة "PANArt HangbauAC"، فالخواص التي تمّ تبنيها من "الهانغ" حسب معظم الموديلات هي الشكل الأساسي الذي يتكون من قوقعتين؛ وهما نصفان من المعدن يلتصق أحدهما بالآخر، وهو حقل نغمة مركزي محاط بدائرة من سبعة مجالات على الأقل على الجانب العلوي، وفتحة من الجانب السفلي.

من عروضه مع الفرقة في دبي

الاختلافات بالمقارنة مع "الهانغ" هي المواد المستخدمة، وعمليات تصنيع الأشكال الخام، وتشكيل المجالات، فهي آلة سويسرية الأصل "هانغ درام"؛ مصنعها في "سويسرا"، وقد تعرفت إليها من خلال "اليوتيوب"، انتشارها محدود وكنت أول عازف عربي اهتم بها قبل شاب مصري عزف عليها الإيقاعات الغربية، لكنني الأول الذي عزف عليها إيقاعاً شرقياً، وهنا بدأت صعوبة التجربة، فلكل آلة منها سلّم معين، وعليه عندما نعزف إيقاعاً شرقياً نحتاج إلى آلة محددة ومهارة إضافية.

تعرّفت إلى العازف والمدرّب "دانيال ولفز"، وهو متخصص بهذه الآلة، حيث ساعدني بالحصول على الآلة، ومتابعة التدريب العلمي، وامتلاك مهارة العزف عليها، ومنها إلى الإيقاع الشرقي.

الإعلامية حياة مكارم

اختيار النغمات الشرقية وتجربة سبعة مقامات موسيقية، هي: "النهاوند"، و"الصبا"، و"البيات"، و"الحجاز"، و"الرصد"، و"السيكا"، و"الكورد"، و"العجم"، عمل موسيقي متخصص يحتاج إلى عمل نوعي، وكانت البداية مع "الحجاز" و"البيات"، وقد حصلت على ثلاث آلات منها، وأخطط للحصول على آلتين إضافيتين لأتمكن من العزف على معظم المقامات (شرقي وغربي)، تبعاً للآلية والشكل الفني المحدد للآلة لتكون موافقة لحلمي في هذا المجال».

نعومة الصوت ميزة "الهاند باند" التي جعلتها رفيقته، وأضاف: «الآلة مميزة عن أي آلة أخرى بنعومة الصوت، وحالة سحر تؤثر في العازف والمستمع لتخلق حالة ارتياح كبير جعلتها الأقرب إلى روحي، وكل من سمع العزف أكد فكرتي خاصة خلال حفلات ولقاءات لي في "سورية" أثناء إجازاتي، وقد اختبرت العزف أولاً في الشارع، ولاحظت أثر الصوت وغرابته، وفي حفلات صغيرة كان الانتشار والتعريف بالآلة التي شعرت بتأثيرها، لذلك لم أتوقف عن التمرين لتكون لها حصة من يومي تزيد على الخمس ساعات ساعدتني على تعلم مهارات وتقديم أجمل الألحان، وحالياً أستعد لدورات قادمة في "سويسرا" تتمة لما بدأت به.

أثناء العزف

ولأنني لست بعيداً عن عالم الحفلات والجمهور، فقد شاركت بمهرجان "دبي" العالمي كعازف إيقاع مع عدة فرق ومجموعات فنية، وقد قدمت آلتي في عدة حفلات لجمهور انتقائي لكون الآلة غير منتشرة، وبعد تدريب سنتين من عام 2016 كانتا متعبتين تبعاً لغياب المراجع، فالموضوع جديد وتجربتي الأولى عربياً، وقد باشرت تدريب شباب جدد، لكن العمل الرسمي قريباً سيكون مع افتتاح مدرسة في "الشرق الأوسط" لتعليم "الهاند باند"».

من متابعتها لنشاطه الفني، الإعلامية "حياة مكارم" تحدثت عن التجربة، وقالت: «خلال إحدى إجازاته في "سورية" قدم "أنس" وصلات على هذه الآلة التي لا أنكر أنها أثارت الفضول والدهشة، فالمعروف أنه عازف على الآلات الإيقاعية الشرقية المعتادة، وبالنسبة لي، فقد تأثرت بالعزف، وكذلك عدد من الفنانين الحضور، الذي شاركوا معه اللقاءات خلال سهرات فنية عدة عبر التلفزيون السوري.

التجربة بالمجمل غريبة لعازف صغير السن، ومغامرته فيها الكثير من الجمال الذي أغراه للمتابعة والتعمق؛ خاصة مع الإيقاع الشرقي، وإدخال آلة غربية إلى الإيقاع الشرقي عملية تتطلب جهداً كبيراً واهتماماً أكبر، ولم يبخل بذلك، لكن ذلك ليس غريباً على شخص متميز مثله دائماً يجسّد حالة الشغف بالفن والجمال والإبداع، ويؤكد ذلك اختياراته وتحرره من القيود والتمسك بحريته وخياراته في الحياة، وأهمها اختيار هذا الطريق.

تأثر كثيراً بعائلته الموسيقية، لكن حلمه مع هذه الآلة يدفعه إلى تعلّم مهاراتها، والتخطيط لنشرها فكرة تضيف وهجاً إلى مسيرته مع الإيقاع، لتجد لديه كل ما هو جديد، وكل ما يدفعك لتسمع المزيد من هذا الإيقاع الفريد موسيقا هادئة تسحر السامع، وتضيف إلى قلبه ما يرضيه من طعم السعادة، هنا "أنس" وآلته روح متحدة تفيض على عالم المتابع روعة وجمالاً».

الجدير بالذكر، أن "أنس أنور الحلبي" من مواليد "السويداء" عام 1989، درس في مدينة "حلب" العلوم السياحية والموسيقا، وانتقل إلى "الإمارات العربية المتحدة" ليعمل في مجال السياحة عام 2010.