خطّت الفنانة "فاليا أبو الفضل" مسار رحلتها الاغترابية رسوماً صحفية، عانقت أرواح أبطال قصص زينت صفحات مجلات راقية، وأعمالاً تشكيلية فاضت باللون والإحساس الرهيف.

هي ابنة "السويداء" التي سارت مع حلمها لتختبر الرسم بأنواعه المختلفة، وتضع في كل تخصص بصمة تحاكي أفكارها عن المرأة والحب والحياة، لتخلق دائرة مركزها القلب، ومحيطها متكامل بالرسم الصحفي والتشكيل، كما تحدثت عبر مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 أيار 2018، عن رحلتها، وكيف تخصصت بالرسم الصحفي، وقالت: «كنت محظوظة فور قدومي إلى "الإمارات"، الذي حملني بعناية لأستمر بعد الاغتراب عن بلدي الغالي "سورية" في رحلتي مع اللون ومع ذاتي، فكانت أبواب دار "الصدى" للصحافة والنشر والتوزيع في ذلك الوقت مفتوحة لموهبة مثلي، وكان لي الشرف بالعمل لديها على مدى تسع سنوات كانت الأجمل مهنياً بالنسبة لي، حيث طورت ريشتي بطابع الرسم الصحفي السريع بطبيعة الحال؛ وهذا ما صقل تجربتي أكثر، وأضاف إليّ الكثير في هذا المجال.

من أجمل الأشياء التي حصلت معي خلال رسمي الصحفي، تواصل الشاعر أو كاتب القصة معي ليسألني: (هل تعرفين بطلة القصة؟ فيكون جوابي: (لا، لكن عرفتها من خلالك)؛ هذا السؤال كان يخلق حالة ارتياح وسعادة تامة تدفعني إلى العطاء الحقيقي، هذا العطاء يبدأ من فهم الآخر، ولكوننا شركاء بالإنسانية، فلا بد أن أفهمه، وأكون كما لو أنه هو من يرسم، لكن بحرفية فنان تشكيلي يرقى إلى ذائقة القارئ المثقف، ويجعل النص أكثر واقعية وأقرب إلى الفائدة والاستمتاع؛ فتجربة الرسم الصحفي مفتوحة على فنون أدبية وفلسفة علم الجمال من خلال الرسم بالكلمات، وأنا سعيدة بهذه التجربة، ويسعدني الاستمرار بها لترقية الروح، وتشجيعها حتى تبقى بشفافية تحاكي الآخرين وفنونهم المختلفة من شعر ونثر وقصة. ولأن المرأة كانت ومازالت شخصيتي المفضلة التي تحمل كل لوحاتي؛ فهي الأقرب إلى روحي، والأكثر مقدرة على حمل رسالتي، وهي الحب، بهذه الروح أرسم بصدق ووفاء لفكرة الكاتب الإنسانية

كما أضفت إلى عالم الصحافة صبغة الرسم الصحفي المحاكي للفن التشكيلي بكل معنى الكلمة، بمعنى أنني لم أتعامل مع أي موضوع إلا من الناحية التشكيلية بجمالياتها التي تحمل دائماً شخصية الفنان ورؤيته، وقد وفقت بأن تكون صفحات مجلة "دبي" محتضنة لمعرض لي بداية كل شهر، وكنت الفنانة الوحيدة في هذه التجربة، حيث يقدم في المعرض ما لا يقل عن ثلاثين رسماً لكل عدد، إضافة إلى الرسوم الأسبوعية من خلال مجلة "الصدى" نفسها، وهي مرحلة أثرت تجربتي وعززت تعلقي بهذا النوع الفني المعبر بما يمتلك من خصوصية وعمق.

من أعمال فاليا أبو الفضل

وكان لي أيضاً تجربة لتسع سنوات أيضاً مع مجلة "زهرة الخليج"، وهنا كان الطرح مختلفاً؛ فقد كان بتقنية الرسم الإلكتروني، الذي حاولت أن أضيف إليه روحاً بغاية بعث الحياة في رسم "ديجيتال" جامد بطريقة عصرية يفرضها التطور التكنولوجي».

عن أهمية الرسم الصحفي، تضيف: «من أجمل الأشياء التي حصلت معي خلال رسمي الصحفي، تواصل الشاعر أو كاتب القصة معي ليسألني: (هل تعرفين بطلة القصة؟ فيكون جوابي: (لا، لكن عرفتها من خلالك)؛ هذا السؤال كان يخلق حالة ارتياح وسعادة تامة تدفعني إلى العطاء الحقيقي، هذا العطاء يبدأ من فهم الآخر، ولكوننا شركاء بالإنسانية، فلا بد أن أفهمه، وأكون كما لو أنه هو من يرسم، لكن بحرفية فنان تشكيلي يرقى إلى ذائقة القارئ المثقف، ويجعل النص أكثر واقعية وأقرب إلى الفائدة والاستمتاع؛

من أعمالها في الرسم الصحفي

فتجربة الرسم الصحفي مفتوحة على فنون أدبية وفلسفة علم الجمال من خلال الرسم بالكلمات، وأنا سعيدة بهذه التجربة، ويسعدني الاستمرار بها لترقية الروح، وتشجيعها حتى تبقى بشفافية تحاكي الآخرين وفنونهم المختلفة من شعر ونثر وقصة.

ولأن المرأة كانت ومازالت شخصيتي المفضلة التي تحمل كل لوحاتي؛ فهي الأقرب إلى روحي، والأكثر مقدرة على حمل رسالتي، وهي الحب، بهذه الروح أرسم بصدق ووفاء لفكرة الكاتب الإنسانية».

الفنان غازي عانا

في أعمالها باقات عابقة باللون تحاكي أمل وانطلاق وخرق لحدود الرؤية الجامدة، وجوه متكلمة سخرت لها حرية اللون المائي وجماليته، عن تجربتها مع اللون وأعمالها بالمائي، تضيف: «ألواني دائماً حرّة لا أقيدها بأي قيود تخص الشكل أو المضمون، وخاصة عندما تكون بالماء، لأنني أحترم خصوصية الماء وحريته، أتركه حيث يريد، وأكون كما لو أنني في حوار معه، أتفهمه وأحاول ترويضه -إن صحّ التعبير- ليحقق رؤيتي التي لا تتعارض مع جمالياته الطبيعية بالشفافية والانسيابية.

اللون والماء هما ثنائي عشقي وحامل شغفي لكل لوحة تود أن تولد بماء الحياة، فأغلب الأوقات أشعر بهذه الحياة التي تنبعث في شخصياتي فقط عندما ترتوي بالماء حتى الإشباع.

وإذ تظهر الوجوه في أعمالي بوضوح، فلأنني أرى الوجه مرآة الروح، والعينين هما نافذتها التي تطل بها على الواقع، وعندما نرسم الوجه نكون قد رسمنا كياناً ككل. بالنسبة لي أفهم الملامح جيداً جداً؛ لهذا ربما هي تحاكي الواقع، لكن بعمق اختلط بفهمي لها مع روحي وتعكسها التعبيرية الملحوظة بألواني، ولم أرسم ما لم أشعر به أو أفهمه أو أتأثر به؛ لأنه عندها سيكون منفصلاً عن الواقع على الأقل روحياً، ولا يحمل ملامح نابضة بالحياة، فاللون روح وشخصية وملامح لا أتخطاها أبداً.

وقد كان لي مجموعة مشاركات في مهرجانات ومعارض متخصصة بالألوان المائية، منها: "السعادة" مهرجان الألوان المائية في "دبي" برعاية IWS منظمة الألوان المائية العالمية، وقد حصلت على المركز الثالث، ومعرض "السعادة والحياة" في "دبي"، وقد حصلت على المركز الأول، و"بينالي" الثاني العالمي للألوان المائية في "تيرانا" في "ألبانيا"، وحصلت على ترتيب من بين 20 أفضل عمل مائي على مستوى العالم "أميركا اللاتينية"، ومعرض "الواحد للكل والكل للواحد" مع المنظمة العالمية للألوان المائية في صالة "كارتون آرت" في "دبي"».

الفنان "غازي عانا" غاص في عمق اللون محللاً تجربتها مع الماء واللون، وقال: «لوحات "فاليا أبو الفضل" المائية أراها من خلال علاقة الماء بالحياة، التي لا بدّ لتكون ممكنة أن تتضمن قيماً روحية مثل الصدق والحب والجمال، وهذا ما نلاحظه واضحاً في أعمالها العديدة، التي تفيض بالوجوه التي عرفتها هي جيداً قبل رسمها، مجتهدة في استحضار أرواح شخصياتها تلك من خلال اختيارها للّون ودرجاته وتناغمه مع مُجاورة النقيض له أحياناً على ذات السطح في اللوحة، ودائماً بشهادة الضوء، الذي يتحوّل هو أيضاً إلى لون أبيض أحياناً، يساهم في تحديد نزق ريشتها ومدى جرأتها وانسجامها مع ذاتها في تلك اللحظة من التعبير، التي لا تتشابه فيها اللمسات ولا تتكرّر أبداً، فكل واحدة تحمل دفقها الخاص الذي هو نفسه صدق مشاعر الفنانة في ذلك الجزء من الثانية (تحسّس الريشة أو الفرشاة جسد اللوحة)، وهذا كله يُظهر باللا وعي سمات ذلك الشخص من خلال وجهه، الذي يعكس بعض روحه وكثيراً من سلوكه وصفاته، كما يعكس بالتأكيد مدى قدرة هذه الفنانة على امتلاكها أدوات تعبيرها والمواد التي تشتغل عليها برغبة ومهارة وحبّ.

هي ميزة أعمالها، وما لمسته في عطاء على مستوى اللوحة المائية وجودة الآداء في الرسم الصحفي كتجربة موازية وناجحة».

ما يجدر ذكره، أن الفنانة "فاليا أبو الفضل" من مواليد "السويداء" عام 1972، خريجة معهد الرسم والفنون التطبيقية في "السويداء" عام 1993، عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، لها أعمال مقتناة من قبل وزارة الثقافة وبعض السفارات الأجنبية في "سورية"، مغتربة في "الإمارات" من عام 1998، تعمل في الرسم الصحفي والإخراج الفني لعدة مجلات في "دبي" و"الشارقة"، شاركت في معارض عدة في دولة "الإمارات" وخارجها، منها: "نساء إلى الأمام"، وقد مثلت "سورية" بين 75 دولة، ومهرجان "تحت ظلال النخيل"، ومشاركات عدة في معارض كبرى في "الإمارات" و"سورية".