لم يكمل دراسته لاعتراضه على بعض أساليب التعليم، واعتمد خبرة اكتسبها من ورشات صناعة الذهب؛ لينتج "وسيم عرار" أجهزة نال عليها براءة اختراع، واستمر في مكان اغترابه بالبحث والتطبيق.

له مع التعليم قصص يرويها بحزن بسبب أخطاء بعض أساليب التعليم التي جعلته يترك مقاعد الدراسة ويبحث في عمر مبكر عن عمل قاده إلى الاغتراب، كما تحدث من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 تشرين الثاني 2017، وقال: «من وجهة نظري من لديه المقدرة يبحث دائماً عن أساليبه الخاصة ليثبت ذاته، ويحمّل عمله رسائل تتحدث عن تجربته في الوطن والاغتراب، ففي عمر مبكر حُطمت علاقتي مع مقاعد الدراسة بفعل عقوبات لا معنى لها أبعدتني عن التعليم، واتجهت إلى سوق العمل، وكانت الفرصة في إحدى ورشات صياغة الذهب في "دمشق".

على الرغم من تغير الأوضاع وصعوبات خلقتها الحرب، إلا أن التخطيط للعودة إلى الوطن قائم؛ ففي الوضع الحالي أعمل في تخصص صيانة المصاعد والأجواء مريحة، لكن قد تدفعني فكرة التفرغ للعمل على تصاميم جديدة؛ وهذا مشروع أخطط له؛ فقد تكون المرحلة القادمة مواتية للعمل وتوثيق ما أنجز خلال هذه السنوات

وظهر اهتمامي بالأجهزة ومكوناتها وطرائق تشغيلها والبحث في أسرارها، ومع هذا الشغف عايشت تجربة جميلة أوصلتني إلى تصميم جهاز نال في تلك المرحلة براءة اختراع؛ وهو عبارة عن جهاز لصناعة الأدوات الدقيقة، مثل الإبر وقوالب الذهب الدقيقة، وتم الكشف عليه في جامعة "دمشق" وتجربته والتصديق عليه، وكانت هذه خطوتي الأولى لتوثيق عملي وظهوري على الساحة العلمية، بعد أن خرجت من الدائرة الأكاديمية.

صورة قديمة له مع تصميمه الأول للمشغولات الذهبية والخشب

وتابعت في هذا العمل بموهبة البحث التي أدخلتني دائرة الميكانيك والكهرباء وخطوط الإنتاج، والجميع يعلمون صعوبة هذا الطريق وما يتحمله المخترع للوصول إلى غايته، وكان خيار الاغتراب لإيجاد فرص أفضل للعمل والحياة والتجربة.

جهازي الأول طبّق ودخل مجال العمل، وبعده كانت لدي فكرة تسجيل ثلاث براءات اختراع إضافية، لكن ظروف الحرب في "دمشق" وسفري خارج القطر عرقلت التواصل مع المكتب المتخصص لتسجيل باقي البراءات، لأتابع مشواري في الخارج، وأسخّر خبرتي وأقدمها إلى قطاعات تخصصية في "السعودية"، حيث حاولت الاستفادة من توافر فرصة للتواصل مع الشركات والتعرف إلى ما ينتجه العلم والتنقل إلى دول أخرى لاستكشاف قضايا ترتبط بالتصاميم والقطع النادرة التي تكمل تجاربي وتطورها، لكن أيضاً لم نتخلص من فكرة الاحتكار واستغلال براءات الاختراع من قبل قطاعات تحاول احتكار التصميم لبيعه واستثماره.

المهندس رشاد أبو سعدة

وعن جهاز فرز التمور؛ وهو مرحلة متقدمة لجهاز فحص البذور، قال: «صمّمت جهاز فرز التمور بناء على عملية معقدة؛ ففكرة الجهاز تعتمد تحليل الألوان من خلال توجيه الضوء على الجسم المراد كشفه، ثم تحليل شدة الضوء المنعكسة عن الجسم المراد كشفه، الذي تم توجيه الضوء عليه من خلال أجهزة خاصة، ولهذا الجهاز عدة مزايا وفوائد لا يمكن تجاهلها؛ فقد أسست لدراسة هذه التقنية في "سورية"، وكان التصميم الأولي لجهاز فرز بذور العدس والحمّص والقمح، وللجهاز أيضاً ميزة الكشف عن الأمراض التي تصيب الحبوب، مثل الإصابات الحشرية والفطرية؛ وهو ما يساعد على فرز الحبوب المصابة.

وقد طبّق جهاز فحص البذور من خلال أحد الوكلاء ودخل العمل، والطاقة الإنتاجية لهذا الجهاز تصل إلى ثلاثة أطنان في الساعة الواحدة؛ وهو ما يساهم بإنقاذ المحاصيل الزراعية من التلف والحفاظ على جودة المحصول بانتقاء الجيد وفرز المصاب. وبالنسبة لجهاز فرز التمور، فقد ناسب حاجة دول الخليج، وطبّق بنجاح، ولاقى الرواج، وصمّم بتقنية متطورة ودقيقة كانت خلف نجاحه لكون بلاد الخليج منتجة للتمور بغزارة، واستثمرته لخدمة المزارعين بعد التصديق عليه من جامعة "الباحة" في "السعودية".

شهادة اختراع نالها عام 2005

ولدي عدد من الأبحاث في المجال الطبي قيد الدراسة والبحث في عوالم الابتكار مفتوح، فأنا أعشق هذه العوالم التي كانت خلف النجاح في الاغتراب، وهيّأت لي فرصة عمل جيدة، وحلمي أن يكون لي مشروعي الخاص في وطني».

فكرة الاستقرار لا تغيب عن تفكيره، وقال: «على الرغم من تغير الأوضاع وصعوبات خلقتها الحرب، إلا أن التخطيط للعودة إلى الوطن قائم؛ ففي الوضع الحالي أعمل في تخصص صيانة المصاعد والأجواء مريحة، لكن قد تدفعني فكرة التفرغ للعمل على تصاميم جديدة؛ وهذا مشروع أخطط له؛ فقد تكون المرحلة القادمة مواتية للعمل وتوثيق ما أنجز خلال هذه السنوات».

المهندس "رشاد أبو سعدة" عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية فرع "السويداء"، تحدث عن تميز "وسيم عرار" لكونه نال جائزة الإبداع والتميز، وتابع نشاطه العلمي، وقال: «درست إنتاجه العلمي بصفتي نائب رئيس اللجنة الإدارية للجمعية العلمية السورية عام 2008، وكنت مكلف بالتحضير لجائزة "السويداء للإبداع والتميز"، وقد تقدم للمشاركة في المسابقة، ورفعنا نتاج عمله للجنة المكلفة، وأقنعت وثائقه والتصميم الذي قدمه اللجنة، وحصل على المرتبة الخامسة، وتم تكريمه بين باقة نادرة ومتميزة من المخترعين، وحصل على درع تكريمي من الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية على اختراع أنجزه بمفرده؛ وهو عبارة عن آلة لفرز الحبوب أو الخضار والفواكه المصابة بالأمراض بواسطة أشعة الليزر، وقد دلنا ذلك على تميزه واجتهاده.

انتقاله إلى "السعودية" قدم له محفزات جديدة، وقد حقق النجاح أيضاً، ولكونه منتسباً إلى جمعية المخترعين وعنصراً فاعلاً في عمله، بقي متجدداً، ويستحق النجاح، ليقدم ما لديه من تجارب مميزة داخل وخارج "سورية" لدعم العملية الإنتاجية بأفكار هي ثمرة مشوار عمل وكد يستحق التقدير والاحترام».

من الجدير بالذكر، أن "وسيم أنيس عرار" من مواليد "السويداء" عام 1979، حاصل على شهادة براءة اختراع عام 2005، ونال جائزة الإبداع والتميز عام 2008، وله عدد كبير من تصاميم كانت حلولاً علمية ومساعدة للقطاع الإنتاجي في الوطن والمغترب.