ثلاثة عقود من الاغتراب و"د. نواف أبو شاح" يرنو إلى أرض الوطن بعين ملؤها الحنين، تعلم الطب، وأحب الأدب الشعبي، فكانت أولى قصائده غزلاً وطنياً بأرضه، وحين عاد كان أساس فكره الارتباط بالأرض بعد أن أقام بها منزلاً بعيادة ليمارس مهنة الطب.

حول حياة المغترب وأحداث اغترابه مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 كانون الأول 2014، التقت المغترب "د. نواف أبو شاح"؛ الذي بين قائلاً: «منذ ولدت في قرية "الخالدية" عام 1958 درست الابتدائية فيها والإعدادية والثانوية في "شهبا"، وفي عام 1975 اتجه الوالد إلى "فنزويلا" ليعمل بها أعمالاً حرة، ثم انتقلت العائلة إليها بعد ثلاثة أعوام من سفر الوالد، في تلك البلاد عملت سنتين في الأعمال الحرة، وكان لنا نشاط كبير في الجالية العربية عامة والسورية خاصة، في إشادة وتفعيل النوادي الاجتماعية لتي كنا نبني من خلالها جسراً بين الاغتراب والوطن الأم، حينها حصلت على قبول لدراسة الطب "برومانيا" عام 1981 وبعد سبع سنوات نلت شهادة الطب، لأعمل طبيباً إسعافياً في مستشفيات "فنزويلا"، كان الانتماء السوري داخل كل فرد فينا، فكثر ما كنا نعمل على تجسيد القيم الوطنية السورية من خلال التبرعات والاستثمارات لوضع بصمة خاصة بأبناء "سورية" في المجتمع "الفنزويلي"، ومن ثم استطعنا ترك أثر ثابت أن السوريين لم يأتوا للعمل فحسب، بل جاؤوا لتكريس وتجسيد المفهوم الإنساني الاجتماعي بالقيم والتلاحم والتعاضد والشعور الدائم بالحنين إلى نقل تلك المشاريع والاستثمارات إلى "سورية" الأم، حتى إن الأدب بأنواعه وأجناسه مثّل حضوراً في المجتمع الاغترابي، ومسرحيات "طلال الحجلي" والسهرات الفنية والمعزوفات العربية السورية والأغاني والأهازيج السورية اقتحمت الأوساط الفنية في الاغتراب، وفرضت شخصيتها على المتلقي إلى درجة أن بعض أفراد المجتمع أخذوا يرددون الألحان العربية السورية، ذلك كان على أكبر مساحة من الأراضي "الفنزويلية"».

منذ تعرفت الدكتور "نواف أبو شاح" المغترب الذي أراد أن يحمل عادات وتقاليد أهله إلى أرض الاغتراب، شعرت بأنه يريد الاستثمار في بلده، وهو دائم التشجيع والمحرض على عودة المغتربين واستثمار أعمالهم في وطنهم، يقرض الشعر الشعبي والفصيح، ويحب ممارسة الطب بطريقة إنسانية بلا تكلف، فهو متواضع وشعبي لا يبتعد عن عاداته وتقاليده ويسعى لتقديم الأفضل في حياته اليومية، حاضر بين أفراد المجتمع ومشارك في الرأي السديد وتطلعات المستقبل، ويعمل على نشر ثقافة المحبة والانتماء بعفوية وتلقائية نادرة

وعن المشاريع الاستثمارية بين الدكتور "أبو شاح" بالقول: «في حين كان الطب يشغلنا كنا على تماس مع الحياة ومتطلباتها، فهي من فرضت علينا إقامة مشاريع تنموية استثمارية من أجل شغف الحياة والعيش الكريم، ولكن ما كان يشغلنا أكثر كيف ننقل تلك الاستثمارات إلى أرض الوطن؟ وحين عدت عام 1996 إلى "سورية" كان أول أهدافي تكوين حالة ارتباط دائمة بتجذير الأسرة فيها، من خلال شراء منزل في مدينتي "شهبا" التي حملت من عبقها التاريخ والنضال والأدب، وأقمت مركزاً تجارياً يضم فرص عمل لعدد من المحتاجين فيه وصل إلى أكثر من عشر فرص عمل، لأبدأ عملي كطبيب في عيادتي الخاصة بمدينتي "شهبا" وأمارس مهنة الطب، وبعد أن أقمت العديد من الدورات التأهيلية في الإسعاف الأولي للأوساط الاجتماعية في الاغتراب أصبح جزء من طموحي إعادة تفعيل تلك الدورات على أرض الوطن، وبدأت في مهنتي أعمل لنشر ثقافة الطب كمهنة إنسانية.

الشاعر عدنان علم الدين

ولعل الحياة الاجتماعية وما كنا نهوى في الاغتراب من فنون وآداب وثقافة، جعلتني أرنو نحو الأدب الشعبي وأتماهى مع الشعراء لما يحملون من قيم وتراث وعادات كنا نجسدها في الاغتراب ونحملها في العقل والمسلك والمنطق، ولأن الأدب أخذ حيزاً منا عدت إلى "فنزويلا" عام 2001، وأقمت فيها حوالي عقد من الزمن لأنهي ارتباطي فيها وأطوي رحلة دامت ثلاثين عاماً في ذاكرة النسيان، لأرسخ الوجود في وطني الأم».

وحول الأدب الشعبي أكد الدكتور "نواف أبو شاح" بقوله: «بلا شك يمثّل الأدب ركيزةً أساسية في تاريخ الشعوب، والأمة التي لا تعرف آدابها وأدباءها لا علاقة لها بالتاريخ، ولهذا كان هدفي حين بدأت قرض الشعر الشعبي والفصيح تناول قضايا اجتماعية ووطنية وإنسانية وعاطفية، ولأن الأدب هو ثقافة وتنمية وبناء شخصية فقد شاركت في العديد من المنتديات الاجتماعية والثقافية، وكتبت الشعر متغنياً ومتغزلاً ببلدتي وقريتي ومدينتي ووطني، فقلت:

الدكتور نواف أبو شاح

"يا شام يا غنج العذارة وكحل ميل.... حكاية عشق وما أطولو شرحا

سهران ليلي بهم طال الويل.... خذني إلى الفيحا لأصحا

المغترب نواف أبو شاح طبيباً

وصلي صلاة الفجر بالتراتيل.... وأدعي لربي يلتئم جرحا

واحرص على الابواب صبح وليل.... ناطر من الياسمين شي نفحا".

وفي الشعر الفصيح قلت:

"أنا المتيم يا وطن بهويتي.... سوري وعشقي منبع الإيهام

فغمست في قلبي يراع عروبتي.... ونسجت شعري محبة ووئام

وصنعت حبراً من فؤادي ومقلتي.... وكتبت أنت عشيقتي يا شامي"».

الشاعر الشعبي "عدنان علم الدين" أوضح قائلاً: «منذ تعرفت الدكتور "نواف أبو شاح" المغترب الذي أراد أن يحمل عادات وتقاليد أهله إلى أرض الاغتراب، شعرت بأنه يريد الاستثمار في بلده، وهو دائم التشجيع والمحرض على عودة المغتربين واستثمار أعمالهم في وطنهم، يقرض الشعر الشعبي والفصيح، ويحب ممارسة الطب بطريقة إنسانية بلا تكلف، فهو متواضع وشعبي لا يبتعد عن عاداته وتقاليده ويسعى لتقديم الأفضل في حياته اليومية، حاضر بين أفراد المجتمع ومشارك في الرأي السديد وتطلعات المستقبل، ويعمل على نشر ثقافة المحبة والانتماء بعفوية وتلقائية نادرة».