بعد أربعة عقود ونيف في الغربة، حملت المعاناة والحاجة بصراع مع الحياة لأجل البقاء وإثبات الذات، عمل فيها على إقامة مشاريع استثمارية وتنموية، بين مدينته "السويداء" ووطنه الثاني "أستراليا"، عاد بحلة جديدة فيها الحنين إلى الأرض والكلمة الطيبة.

قبل أن يكتمل العقد الثاني من عمره، سافر إلى "أستراليا" واضعاً نصب عينيه أنه سيعود ويساهم بسد حاجيات المحتاجين وبخلق فرص عمل لهم بإقامة مشاريع استثمارية وتنموية، بعد أن يزرع بذور الانتماء من "البازلت" في وطن المهجر كأول مصدر له، ومستورداً الأرز لوطنه الأم.

منذ أربعة عقود ونيف سافر المغترب "سمير الخطيب" إلى "أستراليا" بعد أن ضرب المثل بمعاناته مع الحياة وصراعها، غادر ليكوّن ثروة مالية وعاد ليستثمرها في بلده، وبالفعل حقق ثلاثين فرصة عمل، بهدف مساعدة الناس والمحتاجين، فهو أحد المغتربين الذين يعشقون الوطن وترابه والدليل أنه أول المصدرين للحجر البازلتي إلى "أستراليا"، لشدة تعلقه به وحبه لنشر ثقافته ومعالمه ودلالاته في العالم الآخر

مدونة وطن "eSyria" التقت المغترب "سمير الخطيب" بتاريخ 28/10/2013 وهو يعد رحاله للسفر بعد قضاء موسم الصيف في مدينته "السويداء" فتحدث عن قصة اغترابه قائلاً: «مذ كنت في السابعة عشرة من عمري سافرت إلى "أستراليا" بعد صراع كبير مع الفقر الذي "لو كان رجلاً لقتلته"، خاصة أن ولادتي كانت في ظروف ساد فيها الجفاف والقحط الزراعي وقلة العمل، حتى وصل المطاف بي إلى فقدان جزء من حياتي، وما إن أقبل عام /1971/ حتى سنحت لي فرصة السفر، ودّعت الأهل وقبّلت حجارة الأجداد البازلتية بعد أن نهلت منها صلابة وإرادة، واعداً إياها أن تبقى معي في بلد الاغتراب "أستراليا"، لأبدأ مشوار عمل يختلف في مكوناته ومعطياته عن طبيعة الحياة ومتطلباتها في تلك البلاد، مستقبلاً الزمن القادم بالأعمال الحرة، وحين بدأت علامات الادخار واضحة ساهمت في تأسيس شركات استيراد وتصدير لمختلف مستلزمات البناء وحاجياته، وكنت أول من استورد "لأستراليا" الحجارة البازلتية بهدف نشر ثقافتنا العمرانية من جهة، ولجمال لونه الحامل لثلاثة ألوان، ولمعرفة طبيعته الصلبة وقوته من جهة ثانية، والأهم عندي عشقي اللا محدود لرؤية تلك الحجارة في بلاد الاغتراب، لما لها تأثير في نفس المغترب وارتباطه بالحنين الدائم إلى أرض الوطن عامة و"السويداء" خاصة».

المحامي عامر الخطيب

وتابع المغترب "سمير الخطيب" بالقول: «أحببت أن أكون أول المصدرين للبازلت إلى "أستراليا" بغية نقل موروثنا وثقافتنا الجمعية القائمة على ماهية الانتماء إلى الأرض وحجارتها الصلبة السوداء التي كافحت عوامل الطبيعة وصمدت في وجه الرياح العاتية لتكون النموذج لكل المغتربين والذاكرة التي لا تمحى، والرائحة العطرة من عبق الوطن الأم "السويداء"، ولابد من الإشارة إلى أن صعوبات كثيرة واجهتنا ومعوقات عديدة قابلتنا في عمليات الاستيراد والتصدير، إذ اصطدمنا بواقع مرير من الروتين والبيرقراطية والتعقيدات الإدارية التي من شأنها وضع العصي في الدواليب كما يقال، وبدل تسهيل الإجراءات المتعلقة بإدخال المواد الخام كنا نواجه المعوقات والطرق الملأى بأشواك المواجهة والرفض بفرض أمور وأساليب لم نعتد عليها، ولا حاجة لنا إلى ذكرها لأنها تشكل عامل شجن لنا كمغتربين».

وحول الأعمال الاستثمارية والحنين للعودة إلى أرض الوطن أوضح المغترب "سمير الخطيب" بالقول: «حينما بدأت حركة الاستثمار تأخذ طريقها معي في بلاد الاغتراب وبدأت بتشكيل ثروة صغيرة، حيث امتلكت أربعة من الأبنية الكبيرة في "أستراليا" بفن معماري وأسلوب تقني متطور في حضارته وثقافته، أول ما فكرت بنقل ثروتي إلى "السويداء" وخلق فرص عمل فيها، ذلك لأنني قد نقلت الحجارة البازلتية وظلت أمامي أينما ذهبت، ربما كان تأثير المكان في الروح الانتمائية لا يفارقنا أبداً ومهما طالت الغربة، حتى بعد أربعة عقود ونيف منها كان الحنين يدفعنا للعودة إلى "السويداء"، وبالفعل منذ عام ونيف بدأت شراء عقارات في مختلف المناطق وأعددت المخططات اللازمة لإقامة المشاريع التنموية الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة، حتى وجدت نفسي أرسم ابتسامة على شفاه أطفال أسر تعاني من الفقر، وأساهم في خلق فرص عمل لأكثر من /30/ عائلة، وهذا ما أشعرني بجمال الحياة وهجران المعاناة، لكن الحنين يحتاج إلى مساعدة من المعنيين بتسهيل الإجراءات الإدارية وتشجيع المستثمر للاستثمار والعودة، لا أن يسمحوا لضعاف النفوس بالوقوف والحيلولة دون استثمارنا في بلدنا الغالي ووطننا الحبيب».

المغترب سمير الخطيب

ولدى سؤال المغترب "سمير" عن نصيحته لجيل الشباب في المغترب أشار بالقول: «إذا كان حب الوطن يدخل إلى العروق، فيجب أن تكون عروقنا أكثر نقاء بدمائنا، من خلال ترسيخ القيم السورية والأخلاق العربية، الأمر الذي يتطلب من جيل الشباب عامة والمغتربين العودة إلى أرض الوطن والاستثمار فيه لأن أموالنا الأحق بها أهلنا وأقاربنا، وعلى حد القول المأثور: "خيركم خير لأهله"، لكن على المجتمع أيضاً أن يحتضن الشباب بإيجاد علاقات تواصل وقواسم مشتركة بين الفئات العمرية، مع التشجيع المطلوب بالتالي أدعو جميع الإخوة في الاغتراب للعودة إلى الحضن الدافئ والأم الحنون وهي "سورية" عامة و"السويداء" خاصة».

ومن أقارب المغترب الأستاذ المحامي "عامر الخطيب" الذي بين قائلاً: «منذ أربعة عقود ونيف سافر المغترب "سمير الخطيب" إلى "أستراليا" بعد أن ضرب المثل بمعاناته مع الحياة وصراعها، غادر ليكوّن ثروة مالية وعاد ليستثمرها في بلده، وبالفعل حقق ثلاثين فرصة عمل، بهدف مساعدة الناس والمحتاجين، فهو أحد المغتربين الذين يعشقون الوطن وترابه والدليل أنه أول المصدرين للحجر البازلتي إلى "أستراليا"، لشدة تعلقه به وحبه لنشر ثقافته ومعالمه ودلالاته في العالم الآخر».