عاش بعيداً عن وطنه عشرين عاماً، ولكنه عاد محملاً بالحنين والشوق وبالكثير من النجاحات، تابع دراسته وعمل صحفياً وكاتباً، وساهم في انطلاق أول مطبوعة دورية في البلد الذي وجد فيه، فترك أطيب الأثر لدى الجميع.

الصحفي "سمير غالب فليحان" تحدث مع مدونة وطن eSyria بتاريخ 14/7/2013 عن تلك الفترة الغنية في حياته، المفعمة بالشجن والحنين في كافة تفاصيلها، وكان الحديث التالي:

لقد عرفت الأستاذ "سمير" عن طريق صديقي وصديقه الأستاذ "عبد الله سليمان"، لقد عرفت عن "سمير" منذ البداية دماثة الخلق والطيبة والصدق، عرفت رجلاً مثقفاً في أسلوبه وكتاباته قادراً على قراءة الواقع بكل حيادية، يملك من الملكات الإبداعية ما يؤهله للكتابة في أي جانب بأسلوب يجعل القارئ لا يمل منه، بل يتفاعل معه فهو يخاطب الروح والوجدان ويحاكي العقل والضمير، بمنطق كله حجة وإقناع زد على ذلك الخيال الواسع الذي يتميز به، ما يجعله شاعرياً حالماً، هذا هو أخي "سمير" الذي عرفته مبدعاً في كل شي، لقد كتب معنا عشرات المقالات والخواطر التي ستظل ماثلة أمامنا نسترجع معها أياماً لن تعود

  • في طفولة ملأى بالترحال، بدأت مواهبك تتكشف لتعلن عن وجود خطاط صغير، ومبدع في فترات لاحقة، ما الذي تستحضره ذاكرتك من تلك الفترة؟
  • الصحفي "سمير فليحان"

    ** ولدت في محافظة "دمشق" عام 1963م، وعشت طفولتي وشبابي متنقلاً مع عائلتي بين "دمشق" و"اللاذقية" و"حمص"، وزيارات إلى "السويداء" وذلك تبعاً لظروف عمل والدي، مكثنا في محافظة "حمص" عشرين عاماً ولذا أطلقت على ابنتي اسم "اميسا"، ظهرت موهبتي في الخط بعمر صغير، وكان والدي يقول لي إنني كنت أقلد العناوين العريضة للصحف وذلك قبل دخولي المدرسة، فشعر بأني أملك موهبة في الخط فأصبح يدربني ويتابعني ويقتني لي أقلاماً وأوراقاً لأكتب عليها.

    هاجس الكتابة يولد مع الشخص، لذلك وفي نهاية السبعينيات بدأنا نهتم بجريدة الحائط في المدرسة، وبعدها أصبحنا نكتب أفكارنا على ورق، وقد كنا مجموعة من الشباب في "حمص" نكتب ونوزع الأوراق فيما بيننا، ونتبادل الأفكار والمعلومات وردود الأفعال.

    من أجواء العمل

    كانت علاقتي مميزة مع مدرسي اللغة العربية، وكنت أهتم بالبحث في المجلات والجرائد ما ولد نوعاً من الثقافة والشعر والقصة، مثل مجلة "أسامة" ومجلة "سامر"، كما أن المناهج كانت ممتعة وكثيفة وفيها أدب وقصة قصيرة وثقافة عامة، وهذا كله شكل نواة لكتابات أدبية وحباً للمطالعة.

    في المرحلة الإعدادية بدأت مع "حنا مينه" و"هاني الراهب" و"زكريا تامر"، وفي الثانوية شغفت بالأدب السوري على مختلف أنواعه، وبدأت أبحث عن أدباء وشعراء وروايات سورية لقراءتها، وبرأيي أن ما قرأت من أدب وقصص سورية كانت الأميز والأفضل.

  • سافرت إلى ليبيا بحثاً عن الرزق، ولكنك اخترت أن تكمل دراستك وبعدها بدأت العمل الذي استمريت فيه عشرين عاماً، لنتحدث عن تلك الفترة؟
  • ** درست الثانوية في سورية وسافرت بعدها إلى ليبيا عام 1991م، وعملت بداية في الأعمال الحرة، ووجدت أنه بإمكاني متابعة دراستي، فدرست مختلف أنواع الإعلام من تصوير وإعداد ومراسلات وعمل المراسلين.

    أقمت في مدينة "الكفرة" واسمها يلفظ بضم الكاف، وهي واحة تقع إلى الجنوب الشرقي الليبي، تبعد عن طرابلس الليبية 2200 كم، أحببت تلك المدينة وكونت صداقات مع مختلف الشرائح الاجتماعية الموجودة فيها، كنت من المساهمين مع مجموعة من شبانها بإصدار أول مطبوعة فيها، ثقافية منوعة أطلقنا عليها اسم (الانطلاقة)، كنا نصنعها بأيدينا، نطبعها على ورق حرير بالآلة الكاتبة، ويتم تثبيتها على طابعة وهي عبارة عن اسطوانة مطلية بالحبر الأسود ويتم تحريكها بشكل دائري عن طريق مقبض يدوي، لتخرج الأوراق من الجهة الأخرى، كنا نطبع خمسين عدداً في الشهر الواحد وجميعها توزع مجاناً. وبما أننا كنا نقيم في الصحراء، كنا نعتقد أن لا أحد يقرأ مطبوعتنا أو يعرف عنا شيئاً لكننا فوجئنا بقراءة خبر في مجلة (لا) التي كانت تضم نخبة الأدباء والمفكرين الليبيين، وتحدث الخبر عن مطبوعتنا تحت عنوان "مبدعون غيبتهم الصحراء"، ما أدى لاكتشاف مواهب ومبدعين كثر، وبعد فترة وبناء على وجود هذه النواة أنشأنا صحيفة رسمية باسم (أخبار الكفرة)، هذه الصحيفة لقيت رواجاً واسعاً وأصبح لدينا مقالات ثابتة وطرحنا العديد من المواضيع الخدمية والثقافية والاجتماعية.

  • أنت تكتب الشعر، ولديك قصائد باللهجة المحكية، هل نشرت شيئاً من نتاجك الشعري؟
  • ** البيئة التي عشت فيها في ليبيا كانت غنية ومميزة، تعاملت مع مجموعة من الأدباء والمفكرين على مستوى عال من الثقافة، سحرني الشعر الشعبي الليبي الذي هو منجم أغفله الإعلام ولم ينتشر، ويتميز بالصدق والالتصاق بالأرض. ومن خلال أعداد المجلة الدورية كنا ننشر مقاطع من تلك القصائد الجميلة، وبالنسبة لمحاولاتي الشعرية، فقد حاولت إظهار الشعر الشعبي في محافظة "السويداء" وهو يعتمد على مواضيع معينة بوزن معين، ولكن بقالب جديد فقد كتبت الشعر الشعبي بالتفعيلة، أي إنني حاولت إيجاد تفعيلتي الخاصة، هذا الأمر وجد صدى ايجابياً لدى البعض وسلبياً لدى البعض الآخر، منهم من اعتبر الشعر الشعبي يجب أن يبقى في قالب معين ولا يجوز أن نضيف إليه أي شيء.

    أثناء وجودي في ليبيا لم يكن بالإمكان نشر أي شيء من نتاجي الشعري وخاصة الشعبي، ولكن بعد دخول خدمات الانترنت بدأت بنشر بعض نتاجي، لدي نتاج يستحق النشر وأن يطبع في ديوان، وقد اتهمت كثيراً بالكسل في هذا المجال، كتبت الأدب والشعر وكان حاضراً في مقالاتي وبكل ما كتبت من أدب وشعر، أنشأت مع مجموعة موقعاً الكترونياً وتواصلت من خلاله مع أبناء وطني سورية، لدرجة أنه في بداية الأحداث الأخيرة في ليبيا تلقيت مئة اتصال من أصدقاء من المفترض أنهم أصدقاء افتراضيون على شبكة الانترنت، الجميع حثني على العودة لوطني وبالفعل عدت وتعرفت إلى عدد كبير منهم على أرض الواقع، وحالياً أكتب القصة القصيرة جداً.

    ومن خلال البريد الالكتروني تواصلنا مع عدد من المفكرين والكتاب في ليبيا، وقد حدثونا عن تجاربهم مع الأستاذ "سمير فليحان" وكانت اللقاءات التالية:

    الأستاذ "خيري لابيرش" كاتب ومهتم بالعمل الخيري، تحدث بقوله: «الأستاذ "سمير فليحان" أنا أصدقكم القول بأن الكلمات تعجز عن وصف نبل أخلاقه وصدق مشاعره وصبره وإيمانه بمبادئه وثقافته الواسعة، ناهيك عن صفاء روحه وحبه للعمل الخيري التطوعي الإنساني.

    لقد عرفت صديقي "سمير" قبل العام 2002 م بمدينة الكفرة وكان شاباً مكافحاً طموحاً ومثقفاً من الطراز الأول، وكنت أقرأ كتاباته بصحيفة العروبة ومن ثم "أخبار الكفرة"، وقد جمعتنا الكثير من حلقات النقاش والحوارات الثقافية وهموم المواطن العربي، على الرغم من تواجدنا في مدينة تبعد أكثر من 1800 كم عن العاصمة.

    وعندما بدأت أولى خطواتي في افتتاح أول جمعية خيرية بمدينة "الكفرة" مع منتصف العام 2002 م، وهي جمعية الوفاء لرعاية الأرامل وعلى الرغم من خوفي من هذه التجربة، وعندما سبرت غور الأصدقاء كان أخي "سمير فليحان" أول المشجعين، ومن القلائل الذين أقنعوني بأنها فكرة نبيلة، ويجب إتمامها وأبدى استعداه الوقوف معي بكل إمكانياته، وفعلاً عندما أقدمت على خوض التجربة كانت قصة كفاح وكثير من الأفكار البناءة والمشاريع الثقافية والإنسانية الجميلة، كان وراءها الجندي المجهول والصديق الصدوق "سمير فليحان"، وأود أن أقول له شكراً لك "سمير فليحان" كم كانت أعمالك مؤثرة ومفيدة للأرامل والأيتام بمدينة "الكفرة"».

    الأستاذ "فضيل بو خليل" كاتب ليبي، أضاف: «لقد عرفت الأستاذ "سمير" عن طريق صديقي وصديقه الأستاذ "عبد الله سليمان"، لقد عرفت عن "سمير" منذ البداية دماثة الخلق والطيبة والصدق، عرفت رجلاً مثقفاً في أسلوبه وكتاباته قادراً على قراءة الواقع بكل حيادية، يملك من الملكات الإبداعية ما يؤهله للكتابة في أي جانب بأسلوب يجعل القارئ لا يمل منه، بل يتفاعل معه فهو يخاطب الروح والوجدان ويحاكي العقل والضمير، بمنطق كله حجة وإقناع زد على ذلك الخيال الواسع الذي يتميز به، ما يجعله شاعرياً حالماً، هذا هو أخي "سمير" الذي عرفته مبدعاً في كل شي، لقد كتب معنا عشرات المقالات والخواطر التي ستظل ماثلة أمامنا نسترجع معها أياماً لن تعود».

    الكاتب والصحفي "عبد الله سليمان" رئيس تحرير صحيفة "أخبار الكفرة" أضاف قائلاً: «"سمير غالب فليحان" تعرفت عليه في مدينة "الكفرة" بليبيا سنة 1993م عندما كنت اشرف على مطبوعة محلية، أعجبتني ثقافته وغزارة معلوماته، وكذلك لغته الجميلة نطقاً وكتابة وأسلوباً، بدأ الكتابة معي حتى العام 2000م عندها أسست صحيفة محليه تتبع للهيئة العامة للصحافة وكان أحد أهم الكتاب فيها، هناك عدة قواسم مشتركة جمعتنا من بينها الهم القومي وهموم الأمة العربية، وعلى فكرة هو شخص محبوب ومعروف في كل المدينة، حيث ترك انطباعاً طيباً عند كل من عرفه، وأصدقكم القول إنني في مرحلة من عمري كنت اقضي ساعات طويلة معه نتناول الغداء أو العشاء ونقضي ساعات طويلة في النقاش وتبادل الآراء والكتب، سمير باختصار شديد إنسان عصامي مثقف وواع».