تعرفه ولاية "كاليفورنيا" الأميركية أنه الطبيب السوري الذي يعالج بالوخز بالإبر، فقد أطلق على تجربته التي أثارت نجاحاً منقطع النظير "إثارة الغريزة الشافية".

قصته بدأت عندما عالج عن طريق المصادفة صحفية مشهورة هناك، ذهبت إليه غير مقتنعة بما سمعت حتى شعرت بالتحسن الكامل بعد فقدان الأمل من التخلص من الآلام التي أصابت خاصرتها دون أن تكشف الأشعة السينية أي أعراض للمرض.

درست الطب في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها في عام 1995، واختصيت بطب الطوارئ، قرأت الكثير عن العلاج بالوخز بالإبر، وهو علاج غير متوافر في سورية آنذاك، فقررت متابعة المغامرة بإكمال دراستي بإحدى الجامعات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية

إنه الطبيب "نعيم أبو عساف" الذي كانت انطلاقته الواسعة هناك بعد أن كانت شهرته مقتصرة على البلدة التي يقطنها، التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24/11/2009 حيث حدثنا عن بداية تجربته بالقول: «درست الطب في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها في عام 1995، واختصيت بطب الطوارئ، قرأت الكثير عن العلاج بالوخز بالإبر، وهو علاج غير متوافر في سورية آنذاك، فقررت متابعة المغامرة بإكمال دراستي بإحدى الجامعات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية».

الطبيب "نعيم" مع عائلته

ولتوضيح الصورة عن هذا العلاج يشير بالقول: «إنها تفتح مجرى الحياة، وربما يكون من الصعب على العقول الغربية أن تفهمها، فعندما أدخل الإبرة تثار الغرائز الشافية للجسم، وجميعنا لدينا غرائز كامنة، وهي لا تعمل ما لم تُثر /أي الغرائز/ التي تسبب شفاء الجرح، وهي تشبه العظم المكسور وقدرتها على الترميم كامنة، لكنها تكون فعالة عند الحاجة، فالعظم المكسور هو إصابة بالغة، وربما يحتاج إلى عملية جراحية، لكن عن طريق الوخز بالإبر يسارع في عملية الشفاء».

يتابع: «لقد لاحظت من خلال التجربة أن الكثير من الناس قد اختبروا إجراءات طبية معقدة، وأجروا عمليات جراحية، وتناولوا الدواء لفترة طويلة، ولم تحقق النتائج المرغوب فيها، ففي الحقيقة ليس لدي أي حالة شعرت من خلالها بأنني لا أستطيع علاجها، وأعتقد أن ثقتي هي التي ساعدتني، وغالباً لا يكتشف ألم الشخص عن طريق الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي، فعندما تخف سرعة الدورة الدموية قليلاً تعطي إحساساً بالألم، لا تستطيع أن تكتشف ذلك في المختبر، وهذا ما يؤدي إلى زيادة الألم فيصبح مزمناً عند تعرض المريض للجو البارد، وهنا يأتي دور الإبر التي تساعد في تخفيف الألم، حيث يؤدي التنبيه إلى إيصال دم أكثر إلى المنطقة المصابة، ودائماً ما أخبر مرضاي بألا يتوقعوا اختلافاً كبيراً حتى الجلسة الثالثة، أي عند زيادة الوخز بالإبر، لأنه علاج تكميلي أكثر من اعتباره علاجاً بديلاً، وينبغي أن أتأكد أن الجسم سليم وقوي بشكل كاف ليكون قادراً على ترميم نفسه».

الطبيب"نعيم أبو عساف" مع عائلته

وعن أطرف القصص التي صادفته في عمله، يقول: «هناك قصة مريض واحد ساعدتني على أن أتخذ القرار بأن أصبح مختصاً بوخز الإبر، ففي يوم من الأيام أصاب أبي الذي يبلغ من العمر ستين عاماً بصمم ناتج عن ضمور العصب، أخبره أطباؤه بأن الحل الوحيد هو التعايش مع المرض، فانعزل عن حياته الاجتماعية مع أصدقائه وأصبح وحيداً، وأخيراً قرر أن يخضع لعلاجي، حيث غرزت ثلاث إبر حول كل أذن خمس مرات في الأسبوع لمدة أسبوعين، وعندما اتصلت لأطمئن عليه، قالت أمي إن هناك مشكلة جديدة، وطلبت إذا كان لدي إبرة لتنقية الكلمات الداخلة إلى أذنه».

وعن علاقاته الاجتماعية في بلد المغترب يذكر بالقول: «تنتشر الجالية السورية في الولايات المتحدة بشكل كبير، ولها حضورها القوي، وخاصة على مستوى النوادي الثقافية والاجتماعية، وهناك اجتماع شهري لكل المغتربين نتداول فيه قضايانا وأهم الأخبار الواردة من الوطن، ومحاولة الاختلاط مع الغرب وإيصال الرسائل المباشرة لهم عن حضارتنا العريقة، وعما نفكر فيه.

والملاحظ أن أغلبية الشعب الأميركي لا يعرف الكثير عن بلادنا، فهم يهتمون بالأمور الحياتية اليومية، ولا يشغلهم سوى الضمان الصحي والرحلات الصيفية، بالمقابل نحاول على الرغم من ضيق الوقت كسب تعاطفهم اتجاه منطقتنا بعيداً عن المباشرة، ولدينا شخصيات مهمة من السوريين والعرب الذين وصلوا لمناصب مهمة على مستوى الولاية التي أعيش فيها».

يختم حديثه بالقول: «في زيارتي الأخيرة إلى الوطن، تمتعت بطعم الهواء العليل من جديد، وتعايشت مع حرية اللقاء بالعائلة بعد غياب، وأكثر ما يسعدني رؤية ابنتي وزوجتي الصابرة على مرارة الغياب، والحديث الممتع مع والدي، خاصة بعد أن شفي والدي بشكل نهائي من حالة الصمم التي كان يعاني منها، وأؤكد أن سورية في قلبي وعقلي، وأنا عازم على العودة النهائية لتقديم خبرتي وعلمي لأبناء وطني».

المغترب السوري "ناظم شلهوب" مقيم في ولاية بوسطن: «لا يعد نجاح الطبيب السوري "أبو عساف" حالة غريبة؛ فالأطباء السوريون معروفون في الخارج وخصوصاً في الولايات المتحدة بمهاراتهم العلمية وخبراتهم المميزة التي استطاعوا من خلالها تبوؤ مناصب هامة في المجال العلمي والطبي، حتى إن بعضهم أصبح اليوم يعتبر مرجعاً علمياً يرجع إليه الكثير من الناس لمعالجة العديد من الأمراض المزمنة».

من الجدير بالذكر أن الطبيب "نعيم أبو عساف" مولود عام 1966 في قرية "نمرة" التي تبعد 29 كم شمال شرق "السويداء".

(*): تم تحرير هذه المادة في عام 2009.