تعرفه ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية أنه الطبيب السوري الذي يعالج بالوخز بالإبر، وقد أطلق على تجربته التي أثارت نجاحاً منقطع النظير "إثارة الغريزة الشافية"، وقد عالج عن طريق المصادفة صحفية مشهورة هناك، ذهبت إليه غير مقتنعة بما سمعت حتى شعرت بالتحسن الكامل بعد فقدان الأمل من التخلص من الآلام التي أصابت خاصرتها دون أن تكشف الأشعة السينية أي أعراض للمرض.

وكانت انطلاقة "نعيم أبو عساف" الواسعة هناك بعد أن كانت شهرته مقتصرة على البلدة التي يقطنها. الطبيب "نعيم أبو عساف" المولود عام 1966 في قرية "نمرة" /29 كم شمال شرق "السويداء"/ حدثنا عن بداية التجربة بالقول: «درست الطب في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها عام 1995، واختصيت بطب الطوارئ، قرأت الكثيرعن العلاج بالوخز بالإبر، وهو علاج غير متوافر في سورية آنذاك، فقررت متابعة المغامرة بإكمال الدراسة بإحدى الجامعات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية».

درست الطب في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها عام 1995، واختصيت بطب الطوارئ، قرأت الكثيرعن العلاج بالوخز بالإبر، وهو علاج غير متوافر في سورية آنذاك، فقررت متابعة المغامرة بإكمال الدراسة بإحدى الجامعات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية

ولتوضيح الصورة عن هذا العلاج يقول: «إنها تفتح مجرى الحياة، وربما يكون من الصعب على العقول الغربية أن تفهمه، فعندما أدخل الإبرة تثار الغرائز الشافية للجسم، وجميعنا لدينا غرائز كامنة، وهي لا تعمل ما لم تُثر /أي الغرائز/ التي تسبب شفاء الجرح، وهي تشبه العظم المكسور وقدرتها على الترميم كامنة، لكنها تكون فعالة عند الحاجة، فالعظم المكسور هو إصابة بالغة، وربما يحتاج إلى عملية جراحية، لكن عن طريق الوخز بالإبر يسارع في عملية الشفاء».

مع زوجته وابنته أثناء زيارته الأخيرة للوطن

وعن نوعية المرضى الذين يقصدون عيادته، قال: «لقد لاحظت من خلال التجربة أن الكثير من الناس قد اختبروا إجراءات طبية معقدة، وأجروا عمليات جراحية، وتناولوا الدواء لفترة طويلة، ولم تكن النتائج مرغوب فيها، في الحقيقة ليس لدي أي حالة شعرت من خلالها أنني لا أستطيع علاجها، وأعتقد أن ثقتي هي التي تساعدني، وغالباً لا يكتشف ألم الشخص عن طريق الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي، فعندما تخف سرعة الدورة الدموية قليلاً تعطي إحساساً بالألم، لا تستطيع أن تكتشف ذلك في المختبر، ويزيد الألم المزمن في الجو البارد، وهنا يأتي دور الإبر التي تساعد في تخفيف الألم، حيث يؤدي التنبيه إلى إيصال دم أكثر إلى المنطقة المصابة، ودائماً ما أخبر مرضاي بألا يتوقعوا اختلافاً كبيراً حتى الجلسة الثالثة، حيث يزيد الوخز بالإبر، فهو علاج تكميلي أكثر من اعتباره علاجاً بديلاً، وينبغي أن أتأكد أن الجسم سليم وقوي بشكل كاف ليكون قادراً على ترميم نفسه».

وعن أطرف القصص التي صادفته في عمله، قال "أبو عساف": «هناك قصة مريض واحد ساعدتني على أن أتخذ القرار بأن أصبح مختصاً بوخز الإبر، ففي يوم من الأيام أصاب أبي الذي يبلغ من العمر ستين عاماً صمم ناتج عن ضمور العصب، أخبره أطباؤه بأن الحل الوحيد في التعايش مع المرض، انعزل عن حياته الاجتماعية مع أصدقائه وأصبح وحيداً، وأخيراً قرر أن يخضع لعلاجي، غرزت ثلاث إبر حول كل أذن خمس مرات في الأسبوع لمدة أسبوعين، وعندما اتصلت لأطمئن عليه، قالت أمي إن هناك مشكلة جديدة، وطلبت إذا كان لدي إبرة لتنقية الكلمات الداخلة إلى أذنه».

في عيادته بالولايات المتحدة الأمريكية

وعن علاقاته الاجتماعية في بلد المغترب قال: «تنتشر الجالية السورية في الولايات الكبيرة، ولها حضورها القوي، وخاصة على مستوى النوادي الثقافية والاجتماعية، وهناك اجتماع شهري لكل المغتربين نتداول فيه قضايانا وأهم الأخبار الواردة من الوطن، ومحاولة الاختلاط مع الغرب وإيصال الرسائل المباشرة لهم عن حضارتنا العريقة، وعما نفكر فيه.

والملاحظ أن أغلبية الشعب الأمريكي لا يعرف الكثير عن بلادنا ولا تهمه السياسة، والعديد منهم لم يكن يعرف من هو "جورج بوش" مثلاً، فهم يهتمون بالأمور الحياتية اليومية، ولا يشغلهم سوى الضمان الصحي والرحلات الصيفية، والإدخار لأبنائهم حتى يرتادوا الجامعات المحترمة، بالمقابل نحاول على الرغم من ضيق الوقت كسب تعاطفهم اتجاه منطقتنا بعيداً عن المباشرة، ولدينا شخصيات مهمة من السوريين والعرب الذين وصلوا لمناصب مهمة على مستوى الولاية التي أعيش فيها».

في زيارته الأخيرة إلى الوطن، تمتع الدكتور "نعيم أبو عساف" بطعم الهواء العليل من جديد، وتعايش مع حرية اللقاء بالعائلة بعد غياب، وأكثر ما يسعده رؤية ابنتيه وزوجته الصابرة على مرارة الغياب، والحديث الممتع مع والديه، خاصة بعد أن شفي والده بشكل نهائي من حالة الصمم التي كان يعاني منها، وأكد أن سورية في قلبه وعقله، وهو عازم على العودة النهائية لتقديم خبرته وعلمه للناس الطيبين.