«دموع تنسكب عند وداع أي مغترب إلى الخارج، وبالدموع يستقبل أي مغترب قادم من بلاد الاغتراب، فالعلاقة ما بين الوطن والاغتراب هي علاقة مواطنة ممتدة خارج الجغرافيا، أي بمعنى أن المواطن المغترب هو أكثر إحساساً بوطنه من المواطن المقيم، وبالتالي لابد أن يعود المغترب إلى أرض وطنه مع أولاده ليلتصقوا بالأرض كما التصق الوطن بإحساسه، الأمر الذي دفعه للعودة إليه، كما فعل شقيقي" ناصر هلال عز الدين"».

وتابع الدكتور "فايز عز الدين" الباحث والخبير في مركز الاستراتيجيات- عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSuweda بتاريخ 3/9/2009 يقول: «حين أكدنا على شقيقي العودة مع الأولاد كان الهدف أن يتعلموا اللغة العربية وتمكين اللغة العربية والثقافة والهوية لديهم، والتمكين للوطن، وبالتالي أقام لهم احتفالاً بنجاحهم، فهي أكبر من فرحة نجاح، هي بمضمونها مواطن يكتب ثقافة وطنه وعلومه فرحاً بنجاحه، وهي فرحة مجتمع بمواطن يكتب الثقافة العربية فوق ثقافته الأولى الفنزويلانية ليعود بين أهله فرداً بالمجتمع ومضموناً بالمجتمع في فرد، يعني هي فرحة وطن يحتفي بفرد ناجح فيه».

ما إن عدت إلى ارض الوطن حتى كان هدفي الاستثمار في قريتي لأشتري عقارات وأراضي بقصد إقامة منشآت تجارية فيها، بهدف الاستقرار الدائم في بلدة الأهل والأجداد "الثعلة" التي بها ولدت وإليها أعود ولن أتخلى عن عبق ترابها ما حييت

المغترب "ناصر هلال عز الدين" تحدث لموقع eSuweda قائلاً: «ولدت في قرية "الثعلة" التي تنضح بالأبطال والمجاهدين، وتربيت على ترابها الثري، درست المرحلة الإعدادية والثانوية وسجلت في جامعة "دمشق" علم اجتماع، وعندما وجدت أن أحوالي المادية غير ميسورة سافرت إلى فنزويلا لأعمل في التجارة بأنواعها المختلفة وكان ذلك في تاريخ 23/11/1979، في المغترب بمدينة "التيكري" التي قضيت فيها أكثر من عشرين عاماً، كانت الغربة تأكل من جسدنا والحنين يزداد يوماً بعد يوم، لم تكن الأحوال كما أريد قمت بزيارة إلى الوطن عام 1985، وزيارة أخرى عام 1988 وفيها تزوجت من السيدة "عبير كمال الحمود" وسافرنا معاً لنعود بثلاثة أولاد عام 2005، قصدنا البلاد لأننا نقصد الأمان والاستقرار، فقد عشنا عقدين ونيفاً في حالة اضطراب دون الشعور بالطمأنينة وكنا نبحث عن فرصة العودة».

الدكتور فايز عز الدين

وتابع السيد "ناصر هلال عز الدين" بالقول: «إن الإقامة في قريتنا هذه الفترة الزمنية القليلة تعادل عمراً كاملاً في الاغتراب، فجمال فنزويلا وكثافة أشجارها، لا تعادل شقوق الصخور في قريتنا لأنها تحمل التاريخ والأصالة، فرحنا بالعودة كثيراً ولكن الأجمل كان عندما استطاع ابننا أن يكتب اسمه بالعربية كانت لحظة معبرة وجميلة، فما البال عندما ينجح الأولاد بتفوق في الشهادة الإعدادية والمراحل الانتقالية في الثانوية والابتدائية، لعمري إنها سعادة كبيرة تغمرني ولهذا أقمنا احتفال فرح بالنجاح من نوع خاص، التفوق بدراسة الأولاد ورؤية الأهل والأصدقاء من أبناء الجبل، لنعيش أمسيات تراثية ثقافية تنم تاريخ وموروث الجبل».

وأوضح المغترب "ناصر عز الدين" قائلاً: «ما إن عدت إلى ارض الوطن حتى كان هدفي الاستثمار في قريتي لأشتري عقارات وأراضي بقصد إقامة منشآت تجارية فيها، بهدف الاستقرار الدائم في بلدة الأهل والأجداد "الثعلة" التي بها ولدت وإليها أعود ولن أتخلى عن عبق ترابها ما حييت».

المغترب ناصر عز الدين و أولاده

وعبر "مجد ناصر عز الدين" (ابن المغترب) الذي حصل على تفوق في الشهادة الإعدادية قائلاً: «عندما عدنا من المهجر شعرنا بصعوبة كبيرة في تعلم اللغة، ومعاشرة أبناء جيلنا في المدرسة وفي الطريق، وكيفية التلاؤم مع الطبيعة المناخية والاجتماعية، لاشك مررنا بظروف صعبة لكننا بعد أن تعلمنا اللغة وأصبحنا نكتب ونقرأ شعرنا بقيمة أرضنا العربية ومدى جمالها بعادتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة، وذلك من خلال الطقوس التي مورست أثناء نجاحنا بالشهادة الإعدادية إذ بدأت الواجبات الاجتماعية من تهنئة وغيرها، فهي عادات لم نلحظها في المغترب».

الشاب "مرجان ناصر عز الدين" الابن الأصغر أوضح بالقول: «لم نكن نعيش بالغربة بفرح وسعادة مثل قريتنا "الثعلة" لأننا هنا شعرنا أننا لدينا وحدة متكاملة في اللهجة والمحبة والإخاء بين الأجيال، والأهل، من خلال الاستقرار الملحوظ والأمان المنشود، حقاً قرية "الثعلة" خاصة والسويداء عامة بلاد الخير والعطاء».

مجد عز الدين