عندما قرر "آصف صلاح" السفر إلى فنزويلا كان طموحه صغيراً بقدر الأحلام التي تنتابنا في أول العمر، غير أن طبيعة البلد الذي استقر فيه عشر سنوات كاملة جعلت أحلامه تكبر يوماً بعد يوم، ويبدو أن العدد الكبير من أبناء قريته "سهوة بلاطة" الذي يتجاوز 120 بيتاً مفتوحاً لاستقبال المهاجرين الجدد، جعلت هذه الأحلام أمراً واقعاً بفضل التكاتف والمحبة فيما بينهم.

يقول السيد "آصف" لموقعنا: «أنا من قرية "سهوة بلاطة" عام 1974 وكغيري من أبناء قريتنا، نعيش حياة بسيطة، نعمل بالأرض وننتظر دائماً فرج الله، العمل بالزراعة لا يوفر لك الدخل المادي المطلوب، يطمح الإنسان دائماً لتحسين مستوى معيشته، أنا لم أكمل دراستي، وكان السفر فرصة حقيقية لتطوير ذاتي، من خلال التعرف على شعب جديد له عادات وتقاليد مختلفة عنا وهذا بحد ذاته ثقافة جديدة، وقد شجعني العدد الكبير من أبناء الوطن، وبالتحديد من قريتنا "سهوة بلاطة" فيها عدد كبير جداً من المغتربين، وبشكل خاص في فنزويلا، كنت أسمع منهم الكثير عن تلك البلاد وما فيها من خير وفير، وفرص للعمل عديدة ومتنوعة، والدي شجعني بقوله كن غيوراً ولا تكن حسوداً، قد تحقق حلمك من خلال سفرك، وبالفعل سافرت عام 1992.

قمت بشراء عدد من العقارات للعمل بالتجارة، وشراء عدد من الأراضي، وأفكر باستثمار أحدها بمشروع سياحي يخدم أبناء بلدي، فالوطن هو القبلة الأولى والأخيرة لنا

في فنزويلا بدأت حياة جديدة مع شعبها البسيط، بدأت بتعلم اللغة في البداية، وعملت بتجارة البضائع بمساعدة من الأصدقاء، بعدها عملت في محل تجاري لي، وبدأت أعمالي تتطور، وبدأت بالاستقرار شيئاً فشيئاً، الجميل في تجارة فنزويلا أنها مربحة وحركتها مستمرة، لأن الشعب شعب استهلاكي، في بلادنا قد نزرع ونحصد ونؤمن مؤونة لعدة أعوام، هم يعتمدون بشكل كلي على شراء حاجياتهم ومؤونتهم من الأسواق، كل شيء متوافر، ولا داعي للتخزين، رغم كل شيء ورغم جمال العيش في تلك البلاد، بقي الحنين إلى الوطن والاشتياق للأهل هو الذي يكدر عيشنا، وعزاؤنا كان في أمر واحد وهو وجود عدد كبير من أبناء الوطن، كنا نجتمع بشكل يومي ونتواصل في جميع المناسبات».

السيد آصف مع رئيس البلدية وأبناء قريته

وعن وضع الجالية في فنزويلا والأعمال التي تقوم بها، أجاب: «إن الجالية السورية كبيرة جداً ومتعاونة، وقد قام المغتربون بشراء مساحة ألف دونم، وأقمنا النادي العربي بفنزويلا تحديداً في محافظة باريناس من النوادي ويقوم النادي بنشاطات اجتماعية جليلة مثل مساعدة ذوي الوضع المادي السيئ من خلال الجمعية الخيرية التابعة له والمشاركة في الأفراح والأتراح، نقيم الكثير من الأفراح على أرض النادي لمساحته الواسعة، ونحن هناك في تواصل دائم بأيام العطل، وفي الحقيقة هناك مشكلة تعترضنا وهي أن الشريحة الكبرى من المغتربين انصهرت مع الشعب بشكل كلي، ووقعت في النسيان، وأهملت لغتها الأم، وهذا يجعلني أطالب وزارة المغتربين بأن ترفد الجالية بمدرسين مختصين بتعليم اللغة العربية بالتعاون مع وزارة التعليم هناك».

أما عن طموحاته المستقبلية، فقال: «قمت بشراء عدد من العقارات للعمل بالتجارة، وشراء عدد من الأراضي، وأفكر باستثمار أحدها بمشروع سياحي يخدم أبناء بلدي، فالوطن هو القبلة الأولى والأخيرة لنا».