على طريقة الكابتن "كوك" مكتشف استراليا قبل قرون عندما لاح له الجبل الزجاجي، اكتشف "رائد أبو رايد" نفسه في غربته التي امتدت على مدى أربعة عشر عاما متواصلا في مدينة صغيرة تدعى "برزبن" قضاها في العمل المتواصل والدائم من أجل عودة دائمة إلى أرض الوطن يكون فيه فردا فاعلا في مجتمعه.

يقول السيد "رائد" لموقع eSuweda يوم الثلاثاء الواقع في 16/12/2008: «عندما غادرت أرض الوطن ومعي زوجتي كنت واثقا أن يوم العودة سوف يأتي لا محالة، ولكنها العودة التي أستطيع من خلالها أن أعوض ما فاتني من العلم، فقد ذهبت إلى استراليا تاركا دراستي الجامعية وأنا في السنة الثانية في كلية الحقوق، ولكن تحسين مستوى المعيشة وتحقيق الأحلام جعلني أغامر بالسفر، حيث عملت هناك في المطاعم والسوبر ماركات الكبيرة، وبنفس الوقت أصبح عندي عائلة تهتم بي وأرعى شؤونها رغم ضيق الوقت».

كأي شخص أرعى أبنائي الذين كبروا في الغربة وأعلمهم في أفضل المدارس والجامعات

وعن الحياة في استراليا قال "أبو رايد": «الحياة هناك صعبة للغاية، والنظام الضريبي قاسي على الجميع فكيف إذا كان المهاجر لا يعرف أحدا، ويلزمه منزل وسيارة وأموال ليبدأ العمل فهو إذا مديون للدولة والبنوك قبل أن يبدأ، ولكن الذي هاجر وله أناسه هناك فهو يقطع نصف الطريق للوصول إلى هدفه».

وعن النشاطات التي تقوم بها الجالية السورية هناك قال: «نحن السوريون أينما حللنا يجب أن نترك بصمة كبيرة، ففي بداية الأمر قمنا بتأسيس جمعية صغيرة في المدينة التي نسكن فيها، وكان الهدف منها شراء أرض لكي نبني فوقها "مدافن" والغاية أننا متعرضون دائما لمشيئة الخالق ونقل الموتى إلى سورية أمر متعذر في أغلب الأحيان لبعد المسافة، ومنذ سنتين افتتحت السفارة السورية أعمالها هناك، وقام السفير بافتتاح البيت السوري لجمع شمل جميع السوريين، وكان هذا البيت مفخرة حقيقية من خلال تعريف الاستراليين من نحن وكيف نعيش في وطننا، بالإضافة إلى النشاطات التي نقوم بها من معارض وأعياد وطنية، وأذكر جيدا قول أحد الموظفين الكبار هناك عندما صرح أن الشعب السوري يعيش في "موزاييك ديني" متنوع قل نظيره في العالم».

وعن الأشياء التي اكتسبها من غربته الطويلة قال: «الانتماء والحنين، فالانتماء للوطن الأم يبقى هاجس كل المغتربين الذين يسعون للعودة إليه والمساهمة في تطوره والحنين الجارف الذي ينتابك وأنت بعبد مسافة آلاف الكيلو مترات عن الأهل والأحبة».

تنحصر أحلام السيد "رائد أبو رايد" في متابعة الدراسة بعد أن حقق ما يصبو إليه من استقرار مادي ومعنوي وهو الآن يتحضر لدخول امتحان كلية الحقوق من جديد، وقال: «كأي شخص أرعى أبنائي الذين كبروا في الغربة وأعلمهم في أفضل المدارس والجامعات».