سافر إلى أميركا اللاتينية وكان لا يزال طالباً في البكلوريا، آنذاك لم يكن يريد أكثر من ملاذ بسبب الفقر والبحث عن فرصة العمل، مضافاً إليهما معاناة أسرية، لبعد الوالد ووجوده في المغترب، وهناك بدأ العمل في التجارة حتى أصبح رجل أعمال معروفاً.

وعلى الرغم من كونه سفيراً لبلده "فنزويلا" التي يعتز بالانتماء إليها، فهو يعتز أيضاً بوطنه سورية وبمحافظته "السويداء" فقد قال لي حين التقيته مصادفة في مبنى المحافظة خلال زيارته الأخيرة إلى محافظة السويداء في 20/5/ 2008: أنا واحد من أبناء هذا الجبل، ولي الشرف أن أرجع وأن أتشمم عبير الأرض التي احتضنت مجاهدي الثورة السورية الكبرى.

وأضاف بتواضع: حملنا ألم الوطن نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، واستمدينا النفس الوطني من هذا الجبل فكان لنا دور جيد في بناء الأندية، والمؤسسات العربية الناطقة بقضايا الشعب العربي ومشاكل المهاجرين العرب وفي تعريف شعب فنزويلا بقضايا الشعب العربي، مثل اتحاد الشباب العربي الفنزويلي في "مراكايبو" عام 1979 والنادي العربي الفنزويلي في منطقة "كاروا" 1984 كما عملنا معه لجان التضامن مع فلسطين ولبنان وكوبا ونيكاراغوا. فكانت الجسر الذي يربط بيننا وبين شعب فنزويلا الذي تعرف من خلالنا على مشاكل العرب وتاريخهم وعاداتهم وثقافتهم، كذلك فقد عملت مع اتحاد الأندية والمؤسسات العربية "فيا أراب" وفي العمل الاجتماعي على خلفية وطنية فقد ساعدت المؤسسات التي بنيناها، الشعب الفنزويلي في مواجهة قوى الاستعمار، وعندما حصلنا على الجنسية الفنزويلية عام 1980وفرت لنا الأجواء الديمقراطية إمكانية المنافسة ضمن قوى اليسار التي عملت معها منذ العام 1974 خاصة بعد ظهور القائد "تشافيز" حيث عملنا مع القوى التقدمية في البلاد على ترشيحه لرئاسة الجمهورية عام 1988، وعند نجاحه في العام نفسه شكلت اللجنة الدستورية لقيام المجلس الجديد وكنت مرشحاً لمجلس النواب في لائحة القوى المؤيدة والداعمة للرئيس "تشافيز" ومن ثم عملت رئيساً لمؤسسة وطنية في البلد ليوكل إلي بعد ذلك مهمة تمتين العلاقات بين فينزويلا وليبيا ومع أفريقيا بشكل عام لأننا ننظر إلى أفريقيا برؤية الصداقة والنضال المشترك من أجل نظام عالمي جديد تسوده علاقات الاحترام المتبادل والعدالة ونؤمن بضرورة التعاون والتكامل بين شعوب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لمواجهة الأخطار التي تحدق بها وبشعوبها والتي كانت ضحية للنظام العالمي والرأسمالية.

  • يلاحظ أنكم تستندون إلى أيديولوجيا فقدت بريقها في العديد من بلدان العالم خاصة بعد سقوط منظومة البلدان الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي؟!
  • ** على الصعيد الشخصي منذ طفولتي احلم بعالم جديد فيه قيم العدالة وبظهور القائد "تشافيز" تجدد الأمل بالانتصار على الإمبريالية وبناء مجتمع اشتراكية القرن الحادي والعشرين، لأن خصائص وظروف هذا القرن تختلف عن خصائص وظروف القرن الماضي فنحن نعمل على تطبيق اشتراكية تستفيد من التجارب التي مر فيها العالم والأخطاء التي وقعت فيها بعض التجارب.

  • وماذا عما يشهده عالمنا تحت شعار نشر الديمقراطية؟!
  • ** الديمقراطية في المفهوم الرأسمالي هي ديمقراطية رأس المال، وهي للنخبة. فهذا النظام يرفض نتائج الديمقراطية حين تتعارض مع مصالحه كما في فلسطين وفنزويلا، نحن نتبنى ديمقراطية الإنسان في القرن الواحد والعشرين. "تشافيز" يستند إلى القوى الشعبية والطبقات الفقيرة، لأنه أعطاهم الأمل بمستقبل جديد وبتحرير الاقتصاد الفنزويلي واللاتيني بشكل عام، من هيمنة الإمبريالية والمناخ الديمقراطي يفسح المجال للناس فهو ضروري لحياة الشعوب وتقدمها ونحن نؤمن بأن الاشتراكية هي الحل الوحيد لمشاكل القرن الواحد والعشرين وأن النضال في أمريكيا اللاتينية يخدم قضايانا الوطنية والقومية وهو المسار الذي التقينا فيه مع ظاهرة القائد "تشافي". فالبديل الحقيقي هو البديل الديمقراطي التقدمي، فبعد إنجاز الاستقلال والتحرر الوطني بدأت في فنزويلا مرحلة البناء الاشتراكي، فالدولة ملزمة بتأمين الصحة والعلم والمسكن لجماهير الشعب.

    ونسعى لتحقيق العدالة في توزيع الثروات، وأنا سعيد لأن أكون أحد المشاركين في هذا النظام الجديد والإنساني لأن احتمالات ذلك كانت ضيقة في الماضي.

  • كيف توفقون بين الاشتراكية بمفهومها التقليدي وبين الديمقراطية أحد أهم الشعارات التي يتغنى بها الغرب الرأسمالي؟!
  • ** الديمقراطية هي التي يستفيد منها الناس فلا يستطيع المرء أن يمارس الديمقراطية بين ما يعاني أطفاله من الجوع ومن عدم توافر الضروريات، كفرص العمل والمسكن ومن دون تثقيف الناس. فالعلم والمسكن والصحة وفرص العمل مقدمات أساسية للديمقراطية وفي فنزويلا قرابة 465 محطة إذاعية وتلفزيونية وما تملكه الدولة منها هو 3 قنوات تلفزيونية ومحطتي راديو، بينما يملك القطاع الخاص القنوات والمحطات الأخرى وهذه لها حق في نشر ما تريد ونسعى لأن تلتزم الصحف والمجلات ويقدر عددها بـ /600/ صحيفة بينها /75/ صحيفة قوية على مستوى البلد بالمصداقية والموضوعية فالديمقراطية السياسية، على أهميتها لا تفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وإلغاء الاستغلال في حياة الأمم والشعوب، وما نطمح إليه بناء اشتراكية بوسائل الديمقراطية.

  • كيف تنظرون إلى ما يجري في منطقتنا؟!
  • ** الصراع في المنطقة يأخذ شكلاً مسلحاً، لأن الهجمة ضارية والسياسة الأميركية في المنطقة تساند وجود إسرائيل سياسة الاحتكارات الرأسمالية تسعى للهيمنة على البترول كمصدر للطاقة، لذا فإن الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تضع يدها على مصادر الطاقة وأن تحدد على العالم شروط التطور وتدعم إسرائيل.

  • كيف قابلك الشعب العربي في ليبيا لكونك عربياً يشغل منصب سفير لدولة أجنبية؟!
  • ** قد سر الليبيون لكوني عربياً سورياً وقد قدمت لي الجالية السورية الدعم خاصة وأن العلاقات السورية الفنزويلية وطيدة وتتعمق أكثر في سبيل مواجهة العدو المشترك النظام الإمبريالي ورأس حربته إسرائيل وكسوري أشعر بالسعادة والاعتزاز بما وصلت إليه العلاقات المتميزة بين الرئيس "بشار الأسد" والرئيس "تشافيز"، وأواصر الصداقة التي تربط بين الشعبين الصديقين في كل من فنزويلا وسورية.

    واليوم... يأسرك الرجل بتواضعه وكما لو انه لم يغادر الجبل، أو أن الجبل الذي ترعرع فيه عفيف تاج الدين وغادره قبل نحو 38 عاماً حاضر في دفء حديثه وصفائه بنكهة كرومه وغنى بيادره بقمح النبل والأصالة، للسفير "تاج الدين" أبناء حاصلون على شهادات عليا ومناصب رفيعة في فنزويلا، أيضا فابنته "عفاف" مهندسة في وزارة البترول وابنه مهندس وهو مقدم برامج في التلفزيون.