على الرغم من عدم تعميم المنهاج الجديد إلا في محافظات محددة، وعدم اطلاع أغلب الناس في الداخل السوري وخارجه عليه، إلا أن الجميع شاركوا في الحملة التي أحدثت اضطراباً وبلبلة كبيرين في كافة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

مدونة وطن "eSyria" رصدت بتاريخ 20 أيلول 2017، آراء متعددة لأهالي الطلاب والمدرّسين وموجهي الاختصاص التربويين، للوقوف عند عملية تطوير المنهاج بين معترض ومؤيد، فالتقت "هادي نوفل" والد أحد الطلاب في الصف الأول، حيث قال: «إذا تحدثنا من منطلق وطني، فنحن نبعد الجيل الجديد عن التمسك بهويته الوطنية عندما نقتطع من خريطة سورية "الجولان" و"لواء اسكندرون"؛ فهذا يعدّ شطباً لذاكرة الجيل لإبعاده عن قضاياه، وأنا كأب ضد أن يتعلم ابني كلمات "طش" و"تب" وغيرهما مما ورد في الكثير من القصائد، حتى لو كانت كلمات عربية فصيحة كما برّر بعضهم، فهناك الكثير من المرادفات التي تحمل ذات المعنى وتغني ذاكرة الطفل اللغوية. وعندما سمعنا بتطوير المناهج تأملنا وجود مادة أعمال مهنية يدوية، تساعد الأطفال على تنمية المهارات والإبداع».

إلى اليوم لم أدرس المنهاج القديم الذي وزع على الطلاب، لسبب مهم جداً، وهو أن الطفل في الصف الخامس تعلم كتابة الرياضيات وحلّ مسائله باللغة الإنكليزية؛ أي من اليسار إلى اليمين، المنهاج القديم الذي وزّع هذا العام مسائله ومعادلاته باللغة العربية، فأنا أعمل على تشتيت طلابي بين لغتين وتقنيتين، فأنا أقوم يومياً بزيارة مديرية التربية في محافظة "السويداء" وأقوم بطباعة المنهاج الجديد على شكل أوراق عمل أوزعها على طلابي، ريثما يتم توزيع المنهاج الجديد، وقد وعدونا بتوزيعه خلال أسبوعين

"هالة أبو فخر" مدرّسة مادة الرياضيات للصف السادس في "السويداء"، تحدثت بالقول: «إلى اليوم لم أدرس المنهاج القديم الذي وزع على الطلاب، لسبب مهم جداً، وهو أن الطفل في الصف الخامس تعلم كتابة الرياضيات وحلّ مسائله باللغة الإنكليزية؛ أي من اليسار إلى اليمين، المنهاج القديم الذي وزّع هذا العام مسائله ومعادلاته باللغة العربية، فأنا أعمل على تشتيت طلابي بين لغتين وتقنيتين، فأنا أقوم يومياً بزيارة مديرية التربية في محافظة "السويداء" وأقوم بطباعة المنهاج الجديد على شكل أوراق عمل أوزعها على طلابي، ريثما يتم توزيع المنهاج الجديد، وقد وعدونا بتوزيعه خلال أسبوعين».

"أدهم عزقول"

"نجود السقعان" مدرّسة مادتي التاريخ والجغرافية في ثانوية "أم الزيتون"، ومن المدرّسين الذين التحقوا بدورة تدريبية على المنهاج الجديد، أضافت قائلة: «أنا لم أدرس المنهاج الجديد لكونه لم يعمم بعد، لكن من خلال الدورة التي اتبعناها، لاحظت أن المنهاج الجديد خفيف وسهل وممتع للطالب، برنامج الأنشطة واستراتيجية التعليم والأنشطة التفاعلية تساهم في غرس المعلومة في ذهن الطالب بعيداً عن التلقين، هناك أنشطة تمثيل للأدوار التاريخية، كأن يقوم طالب بدور أحد الخلفاء، وهذا برأيي أمر جيد وجميل.

هناك بعض الأخطاء التي يمكن تداركها وتصحيحها حتى من المدرّس ذاته، لكوننا نعرف التصحيح، لكن الخطأ الكبير والفادح كان في خريطة "سورية" التي اقتطع منها "الجولان" و"لواء اسكندرون"، نحن مع تطوير المناهج لتكون أفضل وأكثر متعة للطالب، وأكثر سلاسة في تقديم المعلومة، هكذا يكون التطوير إيجابياً».

الفنان "أديب مخزوم"

"أدهم عزقول" مدرّس مادة التربية الموسيقية في مدرسة الأنشطة الطليعية، تحدث عن مادة الموسيقا بالقول: «هناك نهضة موسيقية في "السويداء" وغيرها من المحافظات، تبدأ مع الأطفال بعمر صغير، فنجد أن طالب الصف الأول والثاني يحفظ أغاني السيدة "أم كلثوم" و"سيد درويش"، لماذا ننحدر بمستوى الموسيقا في المرحلة الابتدائية لنعلمه قصائد لا تتناسب مع وعيه ومستواه، فنحن نخاطب ذائقة الطفل، فالطفل السوري أثبت وجوده على مستوى العالم في الموسيقا، من خلال البرامج الموسيقية العالمية والنجاحات في العديد من دول العالم.

هناك أمر مهم أيضاً، وهو أن موسيقا "الراب" دخيلة على تراثنا ومبادئنا، كيف نقوم بتعليمها للأطفال؟ فالأغنية يجب أن تحمل هدفاً تربوياً؛ وهذا ما افتقده منهاج الموسيقا المطور».

الموجهة التربوية "جمانة حمزة"

"أديب مخزوم" الفنان والناقد التشكيلي، في حديثه عن مادة التربية الفنية قال: «على الرغم من الضجة الإعلامية الصارخة، التي انتقدت أغلفة بعض الكتب المدرسية المقررة في العام الدراسي الحالي، وخاصة غلاف كتاب التربية الفنية التشكيلية للأول الثانوي الأدبي، الذي يكتنز بالجماجم وروائح الموت، إلا أن المظاهر السلبية لا تلغي المؤشرات الإيجابية، التي تميز أغلفة ومحتويات كتب التربية الفنية التشكيلية، التي اقتنيتها في مراحل سابقة، وأطلعت عليها ووجدتها جيدة، وتعدّ مدخلاً لتلمس جماليات الفن الحديث والمعاصر، لكونها تحفل بالمصطلحات واللغة التشكيلية الخالصة، التي يحتاج إليها التلاميذ وحتى بعض الفنانين، لتجاوز اللغة السطحية والتقريرية والأدبية التي تزيد من حالات العزلة الخانقة القائمة بين الفن التشكيلي والناس، ولا سيما أن هذه الكتب مستحدثة، ولم تكن موجودة في كل تاريخ وزارة التربية السورية، حتى إن عبارة (فن تشكيلي) كانت تثير التساؤل، وبعض المثقفين كانوا يسألونني عن معناها، ووجود الكتب الحالية، بصرف النظر عن بعض الثغرات والسلبيات، أفضل ألف مرة من عدم وجودها، لأنها تمثل المدخل لمعرفة تقنيات وجماليات وعناصر وتعبيرات الفنون الجميلة».

"ثابت غانم" الموجه التربوي لمادة التاريخ ومن أعضاء لجنة تطوير المناهج، أجاب عن أسئلتنا الكثيرة لتوضيح الحقيقة بالقول: «الانتقادات التي تعرض لها المنهاج الجديد لم تكن دقيقة، وتنمّ عن عدم اطلاع ودراية بالمنهاج، فالكثير من الصور التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي كانت ملفقة، فالمناهج الجديدة لا تحتوي شيئاً مما نشر وعمّم.

المنهاج ومنذ ثلاثة أشهر منشور على موقع المركز الوطني لتطوير المناهج، وطلبنا من زملائنا المدرّسين إبداء الملاحظات بهدف دراستها، رأيت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الأغاني، فهي ليست صحيحة بالمطلق، لكن قصيدة "من مفرق جاسم للصنمين"، المأخوذة من تراث المنطقة الجنوبية وبالتحديد من تراث محافظتي "السويداء" و"درعا" بالفعل تم إدراجها في المنهاج، وهي من القصائد الجميلة التي يتغنى بها الكثيرون.

أذكر أننا تعرضنا إلى ذات الهجمة في عام 2008 عندما تم تحديث المنهاج، لم يكن لمواقع التواصل الاجتماعي هذا الزخم الموجود في حياتنا كما في الوقت الراهن، إلا أن الانتقادات كانت كثيرة والهجمة ضاغطة».

لتوضح الآلية التي تم استخدامها لتطوير المناهج، أضاف: «كل مناهج العالم تعمل على برنامج الأنشطة، ونحن اعتمدنا مدخل الأنشطة كركيزة أساسية، المناهج مبنية على أنشطة ووجهات نظر الطلاب أنفسهم، هذا ربما يعطي صعوبة للطالب لسعيه بالبحث عن المعلومة في مكان آخر غير الكتاب، ومن هنا أصدرنا كتاب "المصادر" الذي يحتوي معلومات غنية للطلاب.

في مادة التاريخ كانت هناك رسوم بيانية، وتحديد الأهمية التاريخية للشخصيات والأبطال حسب المناطق التي وجدوا فيها، حالياً المنهاج الجديد بالمرحلة التجريبية، ولم يعمّم إلا في محافظات محددة، وأي مرحلة تجريبية قابلة للتعديل، ونحن نستقبل الملاحظات والاقتراحات عبر موقع المركز الوطني لتطوير المناهج، وستتمّ دراستها كافة.

المنهاج القديم لن يعود، وسبب عدم تعميمه هو أن مستودعات الكتب المدرسية مملوءة بالمنهاج القديم، وفي حال تعميم الجديد سيتم إتلاف القديم؛ وهذا هدر اقتصادي كبير؛ لذا طرح المنهاج الجديد كتجربة هذا العام، والعام القادم سيعمّم على كافة مدارس القطر».

"جمانة حمزة" موجهة تربوية للتعليم الأساسي، تحدثت بالقول: «أنا عملت سبعة عشر عاماً معلمة صف، وعشر سنوات مديرة مدرسة. وقبل أن أتحدث كمعلمة سأتحدث بصفتي أمّاً، أنا لست مع استخدام المصطلحات الجديدة في اللغة العربية، فأنا تعاملت وعلى مدى سنوات مع الطلاب وأفهم كيفية تفكيرهم، غداً سنواجه المشكلات في الصف والباحة وغيرها عندما يبدأ أبناؤنا استخدام "طش" و"تب" وغيرهما. إن تحدثنا عن آلية التطوير، فالأقدر على معرفة ماذا يحتاج المنهاج ليتطور هم المعلمون أصحاب الخبرة التدريسية الطويلة، ومديرو المدارس القائمون على رأس عملهم. ونحن كموجهين تربويين لدينا قوائم بأسماء المعلمين المتميزين لكل صف من الصفوف، وهؤلاء هم الأقدر والأجدر والأحق بالوجود ضمن لجنة التطوير.

أنا لست مع الحملة الشعواء التي أطلقت، وفوجئت بأشخاص غير مطلعين على المنهاج وأشخاص خارج القطر يقيّمون منهاجنا وينتقدونه، تلافي الأخطاء وتصحيحها لا يتم بهذه الطريقة أبداً؛ فمن غير اللائق الحكم على شيء لا نعرفه».