يعدّ الشعر حالة انفعالية يشوبها اقتناص اللحظة في ولادة القصيدة، وتحمل في مضامينها الميزة الشعرية، تلك اللحظة لها تنوع في ماهية الإبداع الشعري وكسر نمطيته المعتادة.

حول اقتناص اللحظة الشعرية في القصيدة الحديثة، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 16 آب 2017، التقت الأديب الشاعر "جودي العربيد" عضو اتحاد الكتاب العرب، الذي بيّن قائلاً: «الشعر هو الحالة الإنسانية الخلاقة التي فطر عليها الإنسان منذ البدء، فلا حياة بلا شعر، ولا شعر بلا إنسان وتاريخ، وإذا كانت قد ولدت فنون عديدة مع تاريخ الإنسان، فإن الشعر يبقى ليس حاجة حياتية ووجودية له وحسب، بل هو أساس تطوره وتكونه وتربيته؛ فهو كالهواء، ومن الصعب أن يستغني إنسان عنه. ومن هنا كان السؤال المشروع كيف يبدأ الشعر ويتطور؟ وما هي اللحظة الشعرية فيه؟ نستطيع أن نؤكد أن هذه اللحظة هي الشرارة الأولى لولادة القصيدة، ومن دونها فإن العمل الشعري ينحاز إلى الفكر والفلسفة أكثر مما يغلب عليه الشعر. إن البؤرة الشعرية هي تلك التي تشعل كيان المبدع ليولد شيء هو نوع من الفن البديل درامياً، والتوهج الخلاق الذي يتكون بعد ذلك لا يكون إلا بحضور تلك الإيقاعات الملتهبة في روح المبدع، وحين تشتعل تلك التوهجات في الكيان الشعري تأتي على آخر العمل، وهو بذلك عمل نفسي فيزيولوجي ربما ينهض بعيداً عن الوعي المجرد، أي هو يخص الحس العالي في الوعي الجمالي للشاعر، وكلما كان الوعي ناضجاً، والثقافة واسعة، والتجربة حقيقية، والمعاناة ملتهبة، كان العمل الشعري مختلفاً ومؤثراً وفيه من الإبداع الشيء الكثير».

إن اقتناص اللحظة في ولادة قصيدة يعني الانتقال من حالة الوعي الوجودي إلى اللا وعي الإبداعي، وإن القصيدة المولودة من رحم اللحظة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة الانفعالية، وتعكس ماهية الزمان والمكان من خلال البعد الدلالي وتزاحم الصور التعبيرية الخلاقة، وهي دلالة على الشعور النفسي والفيزيولوجي بالانفعال الإبداعي، وبسرعة خاطفة لاقتناص اللحظة الإبداعية المناسبة لولادة قصيدة متكاملة ذات وحدة شعورية متكاملة وتحتوي الغنائية والإيقاع المنسجم، إذاً اقتناص اللحظة في ولادة قصيدة يعني تميزاً في القيمة الشعرية، وميزة مضافة للحكم القيمية على بنائها الفني، ولهذا قلما تجد قصيدة مولودة نتيجة تنوع اقتناص اللحظات إلا وتجدها تحمل صوراً ودلالات متزاحمة كثيرة وكثيفة

وتابع عن أثر اللحظة الإبداعية الشعرية بالقول: «من هنا كان للحظة الإبداع أثرها البعيد في التشكيل والتكثيف في العمل الشعري، تترك ظلالها على رؤى الشاعر وأفكاره وصوره، وهي ليست واحدة لدى الشعراء والفنانين، بمعنى أن مصدر الشرارة الشعرية ليس متفقاً أو متوافقاً لدى الشعراء؛ بسبب الاختلاف في المكان والزمان والطبيعة والثقافة والتجربة، لكن عموماً نقول إن للمكان والزمان أثراً بعيداً في صياغة وتكون العمل الشعري لكل شاعر مهما اختلف عمله، لكن هذه اللحظة لا بد من أن تتأثر بمدى الوعي الذهني والفني والجمالي لدى صاحبه؛ فلو أخذنا النظرة إلى الليل لدى شاعر مثل "المعري"، وقارنا ذلك بليل "امرئ القيس" مثلاً لوجدنا الفرق بيّناً بل شاسعاً، والسبب يعود إلى اختلاف التجربة بين الشاعرين ومعاناة كل منهما، وكلما كان منسوب التوتر واسعاً وعميقاً وصلت التجربة ناصعة إلى قلوب المتلقين ووجدانهم، وأبعد من ذلك، فإن العمل الشعري الذي يخلو من البؤرة الشعرية واللحظة الانفعالية، يخلو من يخضور الشعر الحقيقي، وإن العمل يتجه عموماً إلى التجريد والجفاف، ويفتقر إلى المقوم الشعري الذي هو مبرر وجود العمل الشعري. إن للحظة الشعرية آثاراً بعيدة بالعمل الشعري شكلاً ومضموناً؛ فهي إلى حدٍّ بعيدٍ تساهم في تحديد شكله وصوره ومغزاه وألقه، ومن دون هذه النار لا يكون شعراً أو فناً؛ فـ(وحده جحيم التوتر القادر على خلق شعرٍ عظيم)».

الأديب جهاد الأحمدية

ويعدّ الشاعر "جهاد الأحمدية" عضو اتحاد الكتاب العرب اقتناص اللحظة بأنه ارتباط العقل الوجودي باللا وعي الإبداعي بقوله: «إن اقتناص اللحظة في ولادة قصيدة يعني الانتقال من حالة الوعي الوجودي إلى اللا وعي الإبداعي، وإن القصيدة المولودة من رحم اللحظة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة الانفعالية، وتعكس ماهية الزمان والمكان من خلال البعد الدلالي وتزاحم الصور التعبيرية الخلاقة، وهي دلالة على الشعور النفسي والفيزيولوجي بالانفعال الإبداعي، وبسرعة خاطفة لاقتناص اللحظة الإبداعية المناسبة لولادة قصيدة متكاملة ذات وحدة شعورية متكاملة وتحتوي الغنائية والإيقاع المنسجم، إذاً اقتناص اللحظة في ولادة قصيدة يعني تميزاً في القيمة الشعرية، وميزة مضافة للحكم القيمية على بنائها الفني، ولهذا قلما تجد قصيدة مولودة نتيجة تنوع اقتناص اللحظات إلا وتجدها تحمل صوراً ودلالات متزاحمة كثيرة وكثيفة».