تعدّ الحِرفة مهنةً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع، وبدورها تعكس تأثيرات عملها على طبيعة الحياة اليومية وتنميتها، حيث كوّنت الحرفة في "جبل العرب" علاقة تبادلية بينها وبين الأفراد والفئات المجتمعية، بتقنياتها وجمالها وتأثيرها.

وعن انعكاس الحرفة على المجتمع، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 حزيران 2017، التقت "ناجي الحضوة" رئيس اتحاد الحرفيين في "السويداء"، الذي بيّن قائلاً: «تعدّ المهنة الحرفية حالة إبداعية تقوم على مهارة الفرد في إظهار جمال الحرفة للمجتمع، لا بل باتت فنّ الواقع المتجدد، وعلاقة الفن بالواقع تتناسب مع علاقته بالتاريخ، كما علاقته بالمجتمع، فيأتي انعكاس الحرف بمجملها على المجتمع بأمرين: أولهما أن الحرف المهنية هي جزء من تراثنا التقليدي الشعبي الحامل للذاكرة الوجدانية والاجتماعية والقيمة الثقافية لمنظومة قيمية تكونت مع وجود أفراد المجتمع، وحين نسمع عن أن أول صانع "نول" لصناعة السجاد في قرية ما بـ"جبل العرب" يعود قدمها إلى قرنين، نكون على يقين أننا أمام حرفة خاضت تجربة مهمة في تنميتها مع تنامي الحياة اليومية والاقتصادية في منطقة المنشأ. وثانياً اعتبار الحرفة نموذجاً لإبداع فني يقوم على تنمية الحياة الاقتصادية؛ لأن طبيعة الحرفة تطورت وتجددت مع تجدد الحياة ومواكبتها من آلات تقليدية إلى آلات حديثة وإلكترونية. إذاً، هي سارت بركب الحضارة وتطورها كما تطور الإنسان بعقله وفكره وإبداعه، فالمعنى الجوهري لطبيعة الحرفة ليس فناً فحسب، بل إعادة تصوير فكر الإنسان الحرفي بجوانب الحياة؛ وهذا ما جعلها ترتبط بحياة الناس والمحيط والبيئة المحلية.

إذا كان التراث يقسم إلى مادي ولا مادي، فإن التراث المادي يتضمن الحرف اليدوية والصناعات التقليدية، ويصون استقرار النظم الاقتصادية المحلية المعروفة في "جبل العرب"؛ لاعتماد أهله في حياتهم على الحرف والصناعات التقليدية، وهي ثروات وطنية ذات قيم، ذلك لأن كثيرين من الحرفيين الذين عملوا على توفير العديد من المواد الأولية نتيجة إبداعهم بالحرف التقليدية، وباتت حرفاً تساهم في تنمية الحركة الاقتصادية بدعم معنوي وقيمة اجتماعية نتيجة انعكاس قيمتها على المجتمع وأفراده

ونتيجة تأثير الحرف بالمجتمع كوّنت نوعاً من العادات والتقاليد ضمن النسيج الاجتماعي، وتفاعلها في شتى ميادين الإبداع أضفى عليها صبغة القيمة الحضارية التي رسخت في الذاكرة الوجدانية، والأهم أن العديد من الحرف تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل بغية تكريس العلاقة التاريخية والمعاصرة بين الأجيال ومنظومة البيئة والحياة والمجتمع، حيث أصبحت الحرف ثقافة وعادة وتراثاً وقيمة عمل، وبالنهاية هي بناء شخصية قائمة على الإنتاج والاقتصاد ورفد المجتمع وسد الاحتياجات اليومية لمختلف المتطلبات».

الأستاذ ناجي الحضوة

وتابع "الحضوة" بالقول: «إذا كان التراث يقسم إلى مادي ولا مادي، فإن التراث المادي يتضمن الحرف اليدوية والصناعات التقليدية، ويصون استقرار النظم الاقتصادية المحلية المعروفة في "جبل العرب"؛ لاعتماد أهله في حياتهم على الحرف والصناعات التقليدية، وهي ثروات وطنية ذات قيم، ذلك لأن كثيرين من الحرفيين الذين عملوا على توفير العديد من المواد الأولية نتيجة إبداعهم بالحرف التقليدية، وباتت حرفاً تساهم في تنمية الحركة الاقتصادية بدعم معنوي وقيمة اجتماعية نتيجة انعكاس قيمتها على المجتمع وأفراده».

وبرؤية ثانية حول انعكاس المهن والحرف على المجتمع، أوضح الحرفي "أيمن حمد رباح" رئيس جمعية الكهرباء والإلكترون في "السويداء" بالقول: «لكل حرفة طبيعة خاصة بها، وهي تحمل أبعاداً اجتماعية، فنحن الذين نعمل في الكهرباء لنا علاقة ارتباطية بأفراد المجتمع، ولهذه الحرفة مخاطر مهنية، ومتعة في العمل بالمقابل، والأهم أننا حين نلبي طلبات المجتمع بإيصال النور أو إصلاح قطع كهربائية منزلية أو غيرها، فإننا نشعر بمدى ماهية العلاقة الاجتماعية. إن مقياس التطور العالمي هو التقدم الصناعي والتقني في العالم، ومن هنا جاءت أهمية الحرفين ككوادر خبيرة قادرة على الإبداع والاختراع بأيديهم الماهرة، ودمجهم في تنمية المجتمع كسبب ومسبب لتلك التنمية؛ لذلك الحرفيون عماد الاقتصاد الوطني».

أيمن حمد رباح
من الحرف المستمرة