يعدّ حفظ وصيانة التراث وأدواته الحاملة لمجالات متعددة من قطع ولقى أثرية وعلاقات اجتماعية؛ العنصر الأساسي في تأسيس رؤية ثقافية يحتفظ بها الباحثون لتكوين منظومة علمية تجري دراستها لعصور خلت بالتدوين والتوثيق لتلك الأدوات المهمة.

حول حماية التراث وصيانته مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 نيسان 2016، التقت الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان"؛ الذي بيّن قائلاً: «تعدّ المحافظة على التراث الثقافي جزءاً مهماً من المحافظة على الهوية الثقافية؛ وخاصة في التراث المادي واللا مادي؛ حيث تأتي هذه المحافظة والعمل على حمايتها في إطار التوثيق والتدوين والبحث لتكوين ثقافة عصر ما، إذ تأتي عملية حماية وصيانة القطع الأثرية في سياق العملية المهمة من ناحية الحفاظ على التراث الثقافي المنقول؛ لأن القطع الأثرية هي جزء من هذا التراث، ولها وجوه عديدة في عملية الحماية حسب نوع القطعة وحالتها وعمليات التدخل فيها، لكن الشيء المهم أن تحفظ ضمن صالات العرض بشروط حماية خارجية وداخلية تتمثل في التشدد في الحراسة ضمن المتحف ومستودعاته ومداخله ومخارجه وأبوابه؛ وهذه عملية بديهية ضمن المتاحف، أما ضمن خزن العرض فيجب أن تكون هذه الخزن جيدة ومؤمنة مع المحافظة على شروط العرض الجيدة من ناحية الإنارة ونسبة الرطوبة ضمن الصالة نفسها، أما القطع التي توضع خارج الخزن على قواعد أو ما شابه، فيجب مراعاة عدم إيذائها من قبل الأشخاص والزوار على وجه التحديد، أما القطع المحفوظة في المستودعات فيجب توفير قدر جيد من الحماية من ناحية الأبواب والتهوية ونسبة الرطوبة وعدم تعريض القطع للتلف من هذه الناحية، أو من ناحية الحشرات والقوارض على سبيل المثال، وأن تكون مغلفة حسب طبيعة المادة المصنوعة منها القطعة وحالتها الفيزيائية، وهنا لا نستطيع أن نلم بكل أنواع القطع لأن عملية الحفظ تختلف بين قطعة وأخرى، وهي مهمة أمين المتحف أو من يكلفهم في عملية المراقبة الدائمة والمستمرة لحالة الحفظ الجيد للقطع، ومعالجة أي خلل يطرأ عليها؛ وهذه المهمة ليست سهلة فقد تشوبها بعض الصعوبات التقنية التي تتطلب معالجة؛ وخاصة الرطوبة والقوارض التي تمثل المشكلة الأكبر التي تعترض عمل المتحف وخصوصاً في المستودعات».

والحديث عن صيانة قطع المتحف لا يقتصر على المتحف، بل يجب أن يكون هناك مساعدة من الاختصاصيين وخصوصاً المهندسون والمرممون؛ لذلك يجب أن تكون الجهود موحدة في عملية الحماية والصيانة، وإيجاد شروط حفظ جيدة تتناسب مع وضع القطعة، ولكن أمين المتحف هو الشخص المؤتمن على القطع وتقع عليه المسؤولية في عمليات التوثيق والحماية بالتنسيق مع جهات أخرى ضمن قطاع الآثار الذي يمثل جزءاً من فريق العمل فيه، لذلك تولي الإدارات المسؤولة عن الآثار في دول العالم أهمية كبيرة لشغل هذا المنصب الذي يتطلب مستويات علمية جيدة ودراية بمنظومة عمل المتاحف

وتابع الدكتور "نشأت كيوان" بالقول: «والحديث عن صيانة قطع المتحف لا يقتصر على المتحف، بل يجب أن يكون هناك مساعدة من الاختصاصيين وخصوصاً المهندسون والمرممون؛ لذلك يجب أن تكون الجهود موحدة في عملية الحماية والصيانة، وإيجاد شروط حفظ جيدة تتناسب مع وضع القطعة، ولكن أمين المتحف هو الشخص المؤتمن على القطع وتقع عليه المسؤولية في عمليات التوثيق والحماية بالتنسيق مع جهات أخرى ضمن قطاع الآثار الذي يمثل جزءاً من فريق العمل فيه، لذلك تولي الإدارات المسؤولة عن الآثار في دول العالم أهمية كبيرة لشغل هذا المنصب الذي يتطلب مستويات علمية جيدة ودراية بمنظومة عمل المتاحف».

الباحث الأثري حسين زين الدين

وعن توثيق القطع الأثرية بيّن الباحث الأثري "حسين زين الدين" بالقول: «عمل الدكتور "نشأت كيوان" على تقديم أفكار ورؤى في توثيق القطع الأثرية؛ مبيناً أن عملية توثيق القطع الأثرية تمر بعدة مراحل؛ أولها حين اكتشاف أي قطعة أثرية في الموقع يقوم رئيس البعثة أو المكلف بتسلم القطع على تسجيلها في سجل الحفرية الخاص بالبعثة بعد تصويرها ووصفها وصفاً أولياً، وإعطائها رقماً خاصاً ضمن السجل، وحفظها ضمن أكياس أو صناديق أو ما يراه الآثاري مناسباً مع مراعاة وضعها الفيزيائي والكيميائي، حيث يتم تسليم القطع الأثرية من قبل رئيس البعثة الأثرية بعد انتهاء موسم التنقيب إلى أمانة المتحف ممثلة بأمين المتحف أو من ينوب عنه في حال غيابه؛ وفق سجل الحفرية أو ما يسمى سجل اللقى، وبناء على محضر تسليم واستلام مصدق من قبل مدير الآثار ومسجل في الديوان لحفظ صدقية العمل وقانونيته، وتكون فيه القطع موثقة من ناحية وصف مقتضب لكنه يدل على ماهية القطعة بوضوح وصراحة من ناحية الأبعاد والمادة وحالة القطعة والملاحظات عليها، وعملية تصويرها ورسمها إن أمكن، ووضع رقم جديد لها أو الإبقاء على رقم سجل اللقى، وهذا يعود إلى تقديرات "أمين المتحف" لأن بعض القطع الأثرية لا تستحق التسجيل وتحفظ للدراسة فقط».

وتابع قائلاً: «فيما مضى كانت تسلم القطع أولاً إلى المعمل الفني من أجل تنظيفها وترميم ما هو بحاجة إلى ذلك؛ ونحن مع هذه الفكرة، لكن في الوقت الحاضر تجري عملية التسليم مباشرةً إلى أمين المتحف الذي يقوم بدوره بإرسال القطع التي تحتاج إلى المعالجة إلى المعمل الفني، ويقوم أمين المتحف بمراجعة أوصاف القطع والزيادة عليها، أو اختصار الوصف حسب ما يراه مناسباً، وهذا الأمر بالتأكيد يحتاج إلى خبرة جيدة، ولا ينتقص من مكانة أمين المتحف إن استشار أصحاب الاختصاص لتثبيت وصفه؛ لأن من بين القطع توجد "المسكوكات"؛ النقود القديمة، وهو أحد فروع علم الآثار القائم بذاته على سبيل المثال، وكذلك الفخار والفسيفساء والنحت وإلى ما هنالك من اختصاصات. كما يقوم بتصوير القطع، ومن ثم تدوين أوصافها على مذكرات استلام متحفية مخصصة لهذا الموضوع؛ وهنا تأتي المرحلة الثانية في العمل المتحفي بعد عملية استلامها ومعالجتها، والمرحلة الأخيرة من عملية التسجيل؛ وهي الأهم، وتتلخص في تسجيل القطع بناءً على مذكرات الاستلام في السجل الرئيس للمتحف، وهنا نشبهها بالهوية الشخصية للقطعة مهما بلغ حجمها أو عمرها الزمني، وهذا السجل هو الوثيقة الرسمية المعتمدة في كل المتاحف؛ وعلى أساسها تتم مراجعة القطع ودراستها لأنه يشمل مجموعة من الخانات من ناحية الرقم المتحفي؛ وهو ثابت، والوصف والأبعاد ومصدر القطعة وتاريخ تسجيلها والعثور عليها أو تسليمها أو الجهة المقدمة لها. ويجب ألا نغفل أن هناك برامج متخصصة في توثيق القطع الأثرية إلكترونياً من خلال ربطها بشبكة واحدة مع الإدارة المركزية، وهذه البرامج تتيح للباحثين والدارسين والمتخصصين في علم الآثار أو سواهم الحصول على المادة العلمية التي يريدونها؛ وهي تسهّل العمل المتحفي كثيراً».

من القطع الأثرية بشهبا

الجدير بالذكر، أنه تم إقامة دورة تدريبية في قسم الآثار في كلية الآداب الثانية في "السويداء"، بعنوان: "الإسعافات الأولية للحفاظ على التراث الثقافي السوري خلال الأزمة وبعدها".