يبرز الكتاب الذي تخلى عنه الكثيرون من الناس كحالة استثنائية في زمن العالم الافتراضي والتخلي عن الوسائل الثقافية التقليدية، وما يعانيه الناس من فوضى المصطلحات الجديدة، واستلاب العالم المتحضر للعقول والتقليد الأعمى الذي يحجب البصيرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت أستاذ العلوم الطبيعية والمعلوماتية "عدنان سلوم" يوم الأربعاء الواقع في 31 كانون الأول 2014؛ الذي كرمه المركز الثقافي العربي في مدينة "شهبا" لكونه أكثر الرواد قراءة في المدينة، حيث تحدث عن قراءاته وما تعطيه تلك الحالة: «تعودت رفقة الكتاب منذ العام 1999، وهو الذي يجعل ليالي البرد والظلام منيرة ودافئة ويمدك بالطاقة الكبرى، ويجعلك ترنو للواقع بصفاء ذهني بعيداً عن التشنج والعصبية والغضب، فأنت عندما تقلب صفحات الروايات الأولى تصبح جزءاً من اللعبة، وقد تلاحظ أن الأبطال يلاحقونك في الليل والنهار لمعرفة مصيرهم والاشتراك في وضع الحلول، وفي كتب الاقتصاد والسياسة والتحليل الفلسفي والنقد الأدبي تتحول إلى مفكر رديف للكاتب من خلال سطوة الكلمة على العقل، وهكذا وجدت ضالتي في الكتاب بدلاً من الوقت المهدور، وعلى الرغم من أنني مدرس معلوماتية إلا أن تعاملي مع وسائل الاتصال الحديثة لا يتعدى التعليم، ولا أمتلك هاتفاً جوالاً، فالكتاب يبقى الصديق المخلص الذي تتصل به في أي وقت، فليس له أصدقاء غيرك، وإذا لجأت إليه لا يخذلك، ويقيني أنه يحل أكبر المشكلات التي تواجهك، فالعلم والإبداع طاقة كبيرة يبثها كتاب ومبدعون إليك بلا ثمن، وما عليك إلا المغامرة ودخول دفتي الكتاب حتى تكتسب تلك الطاقة المجانية. ويمكن لأي شخص أن يتهمني بالجنون والخداع، ولكن الصفاء الذهني الذي يولده التعامل مع الكتاب يجعل المرء يفكر بالحلول لأي أمر».

في السنة الماضية اتبعت دورات في البرمجة اللغوية العصبية؛ هذا العلم الذي يرشدنا إلى خفايا العقل الباطني، ولكنه يحتاج إلى متابعة وقراءة متواصلة، فكان أن اقتنيت عدداً من الكتب التي أتابع قراءتها كلما وجدت متسعاً من الوقت، منها: كتب السر، وقوة العقل الباطني، ووصايا العشق الأربعون. وأحب العودة للروحانيات الصوفية، وأعتبر أن اللجوء إلى الكتاب كفيل بتخفيف التوتر والتشنج، وهنا لا أقول إن القراءة تحل المشكلات الحياتية؛ ولكنها بكل تأكيد تجعل العقل صافياً وقابلاً لقياس الأشياء ووضع الحلول المناسبة

ويذهب الأستاذ "مرعي ركاب" المولود في قرية "الرضيمة الشرقية" في العام 1972، إلى أن الطاقة التي يولدها الورق الأبيض المنقوش بالأسود له فعل وقوة كبيرة يخزنها بالعقل، ويقول: «منذ بدأت المطالعة بحكم عملي في المراكز الثقافية وأنا أجد القدرة في داخلي على جذب الحالات الجميلة والابتعاد عن كل ما يمت للتشاؤم، وكنت أستقبل كل المشكلات التي تتعلق بالحياة المعيشية بكثير من الابتسام والتفاؤل والهدوء، لقد اعتدت أن يكون الكتاب رفيقي في النهار والليل، ففي النهار أقوم بعملي الوظيفي وأستغل الوقت المتبقي في المطالعة، وفي الليل أجلس مع العائلة والأولاد كأي أسرة، وأمارس هوايتي بالقراءة بعد ذلك إلى وقت متأخر، والحقيقة إن هذا الأمر أبعدني عن وسائل الاتصال الحديثة كثيراً بعد أن اكتشفت مساوئ استخدامها وسلبياتها على التفكير والعقل، وضياع الوقت، وهنا لا أقول إنها غير مجدية؛ على العكس تماماً، ولكن يجب أن نستغلها في الأمور المفيدة والمجزية وليس في ضياع الوقت وقتل الأشياء الجميلة بداخلنا، لقد اعتدت قراءة الروايات العالمية، وأستمتع بقراءة كل ما هو جديد للروائيين العرب، حتى للمغمورين منهم، وبلحظات قليلة تجدني بت واحداً من الأشخاص المتواجدين بالرواية، أندمج معهم وأفكر بالحلول في الخيوط التي يسوقني الكاتب إليها وهكذا.. أما في الواقع الحالي فأنا كغيري من الناس أتعرض للضغط من جراء الظروف الحالية، ومن انقطاع مصادر الطاقة المستمر منذ أربع سنوات، ولكنني أتقبل الأمر بصدر مفتوح وأفكر في الحلول المتوافرة والتعامل مع الواقع دون تشنج، فهو لا يفيد ولا ينتج حلاً مع عقل مشوّش».

الأستاذ مرعي الركاب.

أما الآنسة "ردينة الصحناوي" المولودة في قرية "الجنينة"، فتحدثت عن أسماء كتب اقتنتها في السنة الماضية وأعطتها الكثير من الطاقة الإيجابية، وتابعت: «في السنة الماضية اتبعت دورات في البرمجة اللغوية العصبية؛ هذا العلم الذي يرشدنا إلى خفايا العقل الباطني، ولكنه يحتاج إلى متابعة وقراءة متواصلة، فكان أن اقتنيت عدداً من الكتب التي أتابع قراءتها كلما وجدت متسعاً من الوقت، منها: كتب السر، وقوة العقل الباطني، ووصايا العشق الأربعون. وأحب العودة للروحانيات الصوفية، وأعتبر أن اللجوء إلى الكتاب كفيل بتخفيف التوتر والتشنج، وهنا لا أقول إن القراءة تحل المشكلات الحياتية؛ ولكنها بكل تأكيد تجعل العقل صافياً وقابلاً لقياس الأشياء ووضع الحلول المناسبة».

أخيراً، نجد أن القراءة فعل عقلي مفيد في فهم الحياة والتعامل مع مشكلاتها، كما يملأ الوقت الفارغ الذي لا نستفيد منه بما هو مفيد، ويبقى تأثير الكتاب وحب الحرف المطبوع مهيمناً على فكر القارئ أكثر من الشاشة، مع أننا بدأنا نرى من يحمل القارئ اللوحي ويقرأ المكتبة المحمّلة عليه، ويتابع الكتب الحديثة المنزّلة من المكتبات الإلكترونية التي انتشرت بكثرة.

أبو زين الدين يكرم عدنان سلوم كأفضل قارئ.
أماكن تمنح الطاقة.