يحقق الإعلام الإذاعي وجوداً اجتماعياً وعلمياً وثقافياً، ويفرض وجوده رغم تعدد وسائل التواصل الإعلامي، وتطور بمفهومه ومقوماته عبر مراحل عدة حتى بات شغل المجتمع، حاملاً رؤية جديدة في تجربته سيرورة وجوده.

حول الإعلام الإذاعي مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 9 آب 2014، التقت الإعلامي الدكتور "فاروق شرف"، فبيّن قائلاً: «على الرغم من تكاثر عناصر وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية والوسائل المرئية كالبرامج التلفزيونية، نجد أن المحطات الإذاعية لا تزال صامدة في وجه التغيرات المختلفة عبر السنين، واستطاعت الحفاظ على رونقها وتميزها في جذب فئات المجتمع المختلفة بواسطة برامجها المتعددة والمتنوعة، التي تعنى بالشأن الثقافي والفكري والتوعوي والتعليمي والترفيهي، وبحسب ما أبان مختصون في هذا المجال فإن الإذاعة حاضرة وباقية شأنها شأن جميع وسائل الاتصال الحديثة، وربما كانت هي الأقوى والأكثر جدارة بالاستمرار لامتلاكها خاصية إشغال العقل بالإبحار في الخيال ووضع الرؤى والافتراضات، إضافة إلى أنها تتطلب أداء مقنعاً وتمثيلاً متمكناً عبر الصوت فقط من غير استخدام الحواس الحركية الأخرى».

إن مواكبة التطور والاستمرار في العمل الإذاعي دلالة واضحة على أهمية العمل في هذا المجال، إذ كثيراً ما نقرأ ضمن إحصاءات الاستماع أن الإعلام الإذاعي تستمع إليه شريحة كبيرة من المستمعين، وتضم فئات متعددة، والأهم الهجوم الإبداعي لكثيرين من المبدعين عليه فقد شهدت العصور الماضية ظهور شخصيات ثقافية واجتماعية وإبداعية بدأ ظهورها من الإعلام الإذاعي، وشكلت منعطفاً بتطور رؤيتها الإبداعية، وساهمت في نشر مفهوم وتفكير وبنية الإعلام الإذاعي حتى بات إشكالية في التنوير والتثوير على مساحة واسعة من المجتمع والمجتمعات الأخرى، وهو عامل التواصل الأكثر مصداقية من الوسائل الأخرى، لاعتماده على الصوت والواقع

وحول ظهور الإعلام الإذاعي وتطوره، أوضح "شرف" بالقول: «يعد الراديو صديق الإنسان في جيل الآباء والأجداد، لكونه وسيلة جيدة لمعرفة كل ما يدور، ويمثل عالماً متكاملاً لمواكبته الأخبار والأحداث والقصص والحكايات، ولذا فإن أهمية الراديو لا تزال قائمة، خاصة للأجيال التي اعتادته، حتى مع وجود وتعدد وسائل الاتصال الحديثة سواء للرجل أو للمرأة، لافتاً إلى أن من أبرز ما يقدمه المذياع لمستعميه هو استحضار الخيال وتنمية صوره وشحن القدرات العقلية على الرؤى ووضع الافتراضات التي لا يمكن لوسيلة إعلامية مرئية أن تقدمها، وبالعودة للعصور الأولى لظهور الإعلام الإذاعي كان الروسي "أليكسندر بابوف"، وبعده الإيطالي "جيجليلمو ما ركوني" مكتشفاً المبادئ الأولى عندما اهتدى الأول في عام 1895 إلى اختراع أول هوائي لهذا النوع الإعلامي الإذاعي، ونجح الثاني في تحقيق أول إرسال للإشارات اللا سلكية على مسافة 400 متر لتصل إلى حدود 2000 متر، وفي عام 1912 تمكن من التقاط نداء نجدة sos أرسل من قبل ربان السفينة الآخذة بالغرق في مياه المحيط الأطلسي، وقد عد ذلك فتحاً جديداً في تاريخ اكتشاف مبادئ البث والإرسال الإذاعي».

المهندس أنور الحسنية

وعن التطور التاريخي للإعلام الإذاعي أكد "شرف" بالقول: «مر تطور الإعلام الإذاعي بمراحل أهمها المرحلة من 1895 إلى 1945، والثانية من 1945 إلى عام 1995، والمرحلة الثالثة بدأت من 1995 حتى تاريخه، وإذا كانت المرحلة الأولى قد استغرقت في الاهتمام بالتطوير التقني ومحاولة تجاوز مختلف المعوقات التقنية، فإن المرحلة الثانية شهدت الانتشار السريع لهذه الوسيلة بين مختلف شرائح الجماهير وبين مختلف الشعوب والمجتمعات المحلية، أما المرحلة الثالثة التي نعيش لحظاتها اليوم فإنها تتميز باتجاه الوسيلة نحو المحلية ومحاولة التكيف مع المتغيرات التكنولوجية الجديدة والأشكال الجديدة للاستخدامات والإشباعات من قبل جماهير وسائل الإعلام، ولقد شهد الإعلام الإذاعي جملة من التحديات خلال مسيرته الإعلامية بدءاً من التحديات التقنية التي تطورت مبكراً مقارنة مع الإعلام المرئي، وخاصة بقدراته على الوصول إلى أبعد نقطة وقهر الزمان والمكان بفضل الموجات القصيرة والموجات المتناهية القصر، وهي دائماً تنحو باستمرار نحو التطور وفق رؤية مواكبة لتطور التقنيات والحضارة».

المهندس "أنور الحسنية" معد برامج إذاعية أشار إلى علاقة الإعلام الإذاعي بتنمية المجتمع بقوله: «في ظل تداعيات الظروف المحلية والمجتمعية أثبت الإعلام الإذاعي حضوراً لافتاً حين قدم مجموعة من البرامج الإعلامية التي تساهم بتنمية الفرد والمجتمع، وتعمل على رفد الساحة الثقافية والإبداعية بكوادر مهمة لها شأن كبير في الرؤية والتطلع للمستقبل، ولأن الإعلام سيف ذو حدين، فقد عمد الإعلام الإذاعي إلى إثبات حضوره الثقافي أمام تسابق وسرعة تقنية الإعلام المرئي، ولعل ذلك جعله يعيش ورشة عمل دائمة، إذ مازال المسموع بين الوسائل الإعلامية رغم سلطة الشاشة، وهو متابع رغم تحديات الزمان والمكان، المتطور باتساق أفقي وعمودي في الأداء والإعداد، حتى بات يشكل ثقافة خاصة في إدارته، وعملاً مبرمجاً في تطلعاته، ولعله اليوم الأكثر التصاقاً مع المواطنين والمستهدف لجميع فئات المجتمع، وهذا ما جعل حضوره يتميز عن المرئي والمقروء، بل ربما ازدياد المساحة التي تتبعه أكثر من غيره من وسائل الإعلام الأخرى».

الدكتور فاروق شرف

وتابع "الحسنية" حول تجربة الإعلام المسموع ورؤية التطور قائلاً: «إن مواكبة التطور والاستمرار في العمل الإذاعي دلالة واضحة على أهمية العمل في هذا المجال، إذ كثيراً ما نقرأ ضمن إحصاءات الاستماع أن الإعلام الإذاعي تستمع إليه شريحة كبيرة من المستمعين، وتضم فئات متعددة، والأهم الهجوم الإبداعي لكثيرين من المبدعين عليه فقد شهدت العصور الماضية ظهور شخصيات ثقافية واجتماعية وإبداعية بدأ ظهورها من الإعلام الإذاعي، وشكلت منعطفاً بتطور رؤيتها الإبداعية، وساهمت في نشر مفهوم وتفكير وبنية الإعلام الإذاعي حتى بات إشكالية في التنوير والتثوير على مساحة واسعة من المجتمع والمجتمعات الأخرى، وهو عامل التواصل الأكثر مصداقية من الوسائل الأخرى، لاعتماده على الصوت والواقع».

الجدير بالذكر أن الدكتور "فاروق شرف" مدير لإذاعة الكرمة بـ"السويداء"، والمهندس "أنور الحسنية" معد لعدة برامج في تلك الإذاعة.

لوغو إذاعة الكرمة