الزراعة العضوية قائمة على إشكالية بين مفهومها وطرق تطبيقها، وإذا تحققت مبادئها الأربعة: الصحة والبيئة والعدالة والرعاية، حققت التنمية المستدامة في القطاع البيئي الزراعي.

حول مفهوم الزراعة العضوية مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 14 تموز 2014، التقت المهندسة "لمياء حسامو" من وزارة الدولة لشؤون البيئة، فبيّنت قائلاً: «بداية لا بد من تعريف الزراعة العضوية؛ فهي نظام إدارة إنتاج شامل يدعم ويعزز سلامة النظام البيئي الزراعي بما يتضمن من دورات حيوية ونشاط حيوي، كما يركز على تخفيض استخدام المدخلات الخارجية وعلى تجنب استخدام الأسمدة والمبيدات المصنعة والكائنات الحية المعدلة وراثياً، كذلك يعتمد على استخدام الأساليب التي تقلل إلى الحدود الدنيا من تلوث الهواء والتربة والماء، وتحقيق الدرجة المثلى في سلامة وإنتاجية المجتمعات المترابطة من نباتات وحيوانات وبشر، وهناك أساليب مستخدمة في الزراعة العضوية أولها المحافظة على بنية وخصوبة التربة من خلال استخدام الكومبوست المنتج من المخلفات النباتية والحيوانية، وحراثة التربة بشكل مناسب وفي الأوقات المناسبة، والدورات الزراعية وإدخال المحاصيل البقولية، واستخدام السماد الأخضر، وتغطية سطح التربة، ومكافحة الآفات والأمراض والأعشاب وذلك من خلال التخطيط الجيد وانتقاء المحصول المناسب، واستخدام المحاصيل المقاومة، والممارسة الجيدة للخدمات الزراعية، واتباع الدورات الزراعية، واستخدام أسلوب المكافحة الحيوية، ومواد طبيعية كمبيدات للآفات، وتتضمن الزراعة العضوية، وترشيد استخدام الموارد المائية، وانتقاء السلالات الحيوانية الأفضل للتزاوج».

من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لنظم الزراعة العضوية منعكسات اجتماعية واقتصادية إيجابية عديدة منها زيادة دخل الأسرة عن طريق تنويع ورفع إنتاجية المزرعة والتقليل من المدخلات الزراعية، تطوير سوق المنتجات التقليدية التي تشكل دخلاً إضافياً ما يساهم في التخفيف من الفقر والجوع، ويمكن تنفيذ المشاريع الصغيرة المدرة للدخل في المزارع العضوية، مثل زراعة النباتات العطرية والطبية والحصول على منتجاتها وبيعها في السوق المحلية أو تصديرها، وتوفر الزراعة العضوية فرص عمل لليد العاملة أكثر من الزراعة غير العضوية التي تعتمد على كثافة المدخلات الخارجية، وإن معظم إنتاج الغذاء العضوي الحاصل على شهادة المنتج العضوي يجري تصديره في البلدان النامية، ولا بد من رفع الوعي حول أهمية الزراعة العضوية والمنتجات العضوية من خلال إصدار العديد من النشرات والبوسترات والبروشورات، وعقد العديد من ورشات العمل حول موضوع الزراعة العضوية والمنتجات العضوية

وتابعت "حسامو" حول هدف الزراعة العضوية بالقول: «تهدف الزراعة العضوية إلى سلامة البيئة والتوازن الطبيعي فيها، والمحافظة على صحة الإنسان والكائنات الحية، والحفاظ على التنوع الحيوي، ورفع خصوبة التربة على المدى الطويل، ومكافحة الآفات والأعشاب دون إلحاق الضرر بالبيئة، وضمان نظافة واستدامة الموارد المائية، والإنتاج الصحي والنوعي لغذاء الإنسان وعلف الحيوان وإنتاج محاصيل عالية النوعية، وتفاقم مشكلات الزراعة التكثيفية الحديثة على الموارد الطبيعية التي تنحصر في كون المخصبات الصناعية ومبيدات الأعشاب تغسل بسهولة من التربة وتتسرب إلى المياه الجوفية أو مياه الأنهار والبحيرات، كما أن إطالة استخدام الأسمدة الكيميائية المصنعة في التربة مع محتوى عضوي منخفض يعرضها للتعرية الريحية والمائية، وكلما زاد الاعتماد على الأسمدة المصنعة زادت الكمية المطلوبة منها للحصول على نفس الإنتاجية، المشكلة الأخرى هي أن مبيدات الآفات تبقى في التربة لمدة طويلة وتدخل في السلسلة الغذائية لتصل إلى جسم الحيوان والإنسان مسببة مشكلات صحية، كما أن استخدام المواد الكيميائية الصناعية يقضي على المتعضيات الدقيقة في التربة؛ ما يسبب إفقار بنية التربة وإضعاف مساميتها، وبالتالي انخفاض المغذيات المتاحة، وتصبح الآفات مقاومة للمبيدات الصناعية ومن الصعب مكافحتها، كما أن الأعداء الحيوية تنخفض أعدادها بسبب استخدام المبيدات وفقدان العوائل».

المهندس غالب أبو حمدان

وأشارت إلى مبادئ الزراعة العضوية بالقول: «حدد الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية أربعة مبادئ: مبدأ الصحة، والزراعة العضوية يجب أن تدعم وتعزز صحة التربة والنبات والحيوان والإنسان وكوكب الأرض، وتتعامل معها كوحدة واحدة لا تتجزأ، ومبدأ البيئة إذ يجب أن ترتكز الزراعة العضوية على الأنظمة البيئية الحية والدورات الطبيعية حيث تعمل معها وتساندها وتعمل على استدامتها، ويجب أن تقوم الإدارة العضوية على اتباع الأساليب البيئية السليمة وتعمل على تخفيض مدخلات الإنتاج وإعادة استخدامها وتدويرها والإدارة السليمة والمرشدة للطاقة والموارد المائية، والحفاظ على المواطن الأصلية للكائنات الحية وعلى التنوع الحيوي، ومبدأ العدالة حيث تحافظ الزراعة العضوية على العلاقات التي تقوم على العدل فيما يتعلق بالبيئة العامة وفرص الحياة، كما يجب أن تؤدي إلى الحياة الكريمة وتساهم في توفير الغذاء وخفض الفقر، كذلك فإن المصادر الطبيعية والبيئية التي تستخدم في عملية الإنتاج والاستهلاك يجب أن تدار بطريقة عادلة اجتماعياً وبيئياً حيث تحفظ بأمانه للأجيال القادمة، ومبدأ الرعاية حيث يجب أن تدار الزراعة العضوية بأسلوب وقائي ومسؤول من أجل حماية البيئة والصحة والاستدامة للأجيال الحالية والقادمة، ينص هذا المبدأ على أن الحذر والمسؤولية هما مفتاح الإدارة والتطوير واختيار التقنيات المناسبة في الزراعة العضوية. وفي هذا السياق يجب على الزراعة العضوية أن تمنع أخطار كبيرة بتبنيها للأساليب والتقنيات الملائمة ورفضها للتقنيات غير الملائمة كالهندسة الوراثية».

وعن استمرار العمل وتحقيق التنمية المستدامة في الزراعة العضوية أكد المهندس "غالب أبو حمدان" مدير البيئة في "السويداء" بالقول: «إن لنظم الزراعة العضوية صفة المرونة، حيث إنها تحد من تذبذب الإنتاج العائد لتقلبات المناخ والظروف التي تكون خارج السيطرة، لأن أساليب الزراعة العضوية فعالة في استعادة الخدمات البيئية، ويعد هذا العامل أكثر أهمية من استخدام المحاصيل المقاومة للجفاف، وبالمحافظة على سلامة التربة، لأن التربة السليمة قلب الزراعة العضوية حيث تساهم الطبيعة والعمليات الحيوية -كالدورات الزراعية ومحاصيل التغطية والتحريج، واستخدام السماد البلدي وتكامل الإنتاج الحيواني والنباتي للمزرعة، وغياب المبيدات والأسمدة الكيميائية المركبة- في خلق ظروف تربة جيدة.

من الزراعات العضوية

أما من حيث التنوع الحيوي فنجد أن الزراعة العضوية هي زراعة شاملة ومجددة وصحية للطبيعة والنظم البيئية، وبينت الكثير من الدراسات أن مناطق المزارع العضوية هي موائل لعدد كبير من الأنواع، وتعد المزرعة العضوية نظاماً للتنوع الحيوي الوظيفي وتشكل ما يسمى النظام البيئي الزراعي، ويزداد التنوع الحيوي في المزرعة العضوية نتيجة اتباع الدورات الزراعية، ويعد التنوع الحيوي استراتيجية اقتصادية للسيطرة على الآفات والأمراض، وإن الزراعة العضوية في بعض البلدان تساهم في صون المعالم الطبيعية ذات الطابع الثقافي وبالتالي المحافظة على قيمتها الاقتصادية، حيث يحافظ المزارعون العضويون على مناطق السياحة البيئة القريبة منهم، إضافة إلى قيامهم بنشاطات حسن الضيافة، وتغير المناخ وذلك بتقليل الزراعة العضوية من استخدام الفيول ما يقلل من انبعاث غاز ثنائي أكسيد الكربون حوالي 48 – 60%، وتقلل الزراعة العضوية من انبعاث ثنائي أكسيد النتروز نتيجة عدم استخدام الأسمدة الآزوتية، وتنخفض ظاهرة الاحتباس الحراري في النظم العضوية بين 29-37% وذلك بسبب إلغاء استخدام الأسمدة والمبيدات المصنعة، ما يقلل من استخدام الطاقة».

وتابع "أبو حمدان" حول الناحية الاجتماعية والاقتصادية بالقول: «من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لنظم الزراعة العضوية منعكسات اجتماعية واقتصادية إيجابية عديدة منها زيادة دخل الأسرة عن طريق تنويع ورفع إنتاجية المزرعة والتقليل من المدخلات الزراعية، تطوير سوق المنتجات التقليدية التي تشكل دخلاً إضافياً ما يساهم في التخفيف من الفقر والجوع، ويمكن تنفيذ المشاريع الصغيرة المدرة للدخل في المزارع العضوية، مثل زراعة النباتات العطرية والطبية والحصول على منتجاتها وبيعها في السوق المحلية أو تصديرها، وتوفر الزراعة العضوية فرص عمل لليد العاملة أكثر من الزراعة غير العضوية التي تعتمد على كثافة المدخلات الخارجية، وإن معظم إنتاج الغذاء العضوي الحاصل على شهادة المنتج العضوي يجري تصديره في البلدان النامية، ولا بد من رفع الوعي حول أهمية الزراعة العضوية والمنتجات العضوية من خلال إصدار العديد من النشرات والبوسترات والبروشورات، وعقد العديد من ورشات العمل حول موضوع الزراعة العضوية والمنتجات العضوية».

المهندسة لمياء حسامو